مصطلح «الذكاء الاصطناعي» ليس بالمصطلح الجديد وقد تم التعريف به من الخمسينات من قبل عالم الحاسوب جون مكارثي «1956»، لكننا تعودنا أن نشاهد تطبيقات «الذكاء الاصطناعي» في أفلام الخيال العلمي. في الآونة الأخيرة أصبح «الذكاء الاصطناعي» حقيقة لا خيالاً، فقد تطورت هذه التكنولوجيا بشكل كبير على أرض الواقع حتى أصبحت أداة رئيسة تدخل في مختلف القطاعات منها الصناعية والأمنية والتعليمية، الخ... ويجمع الخبراء على أهمية «الذكاء الاصطناعي» في التعليم في القرن الواحد والعشرين.

فبشكل مختصر «الذكاء الاصطناعي» هو سلوك وخصائص معينة تتسم بها البرامج الحاسوبية تجعلها تحاكي القدرات الذهنية البشرية وأنماط عملها. من أهم هذه الخاصيات القدرة على التعلم والاستنتاج وردة الفعل. فالجدير بالذكر هنا أن برامج «الذكاء الاصطناعي» تختلف عن برمجة أنظمة المعلومات الأخرى بأنها تمتلك القدرة على الاستنتاج بنفسها وتدرك ما يجب أن تفعله وما لا يجب أن تفعله وليس كسابقتها من الأنظمة باتباع خطوات مبرمجة مسبقاً. ورأيي الشخصي أن استخدام هذا النوع من البرامج والآليات الذكية لن يحل محل البشر أو المعلم على وجه الخصوص بل إنه سيعزز القدرات والمساهمات البشرية في النظام التعليمي بشكل كبير.

مساهمة «الذكاء الاصطناعي» كبيرة في مجال التعليم فتعتبر المؤسسات التعليمية مصدراً كبيراً للبيانات حيث يمكن عمل أنظمة قادرة على إدارة بيانات المؤسسات التعليمية والطلاب في آن واحد وحفظها على شكل قواعد بيانات ضخمة. هذه البيانات الضخمة يمكن استخدامها في تدريب شبكات عصبية ضخمة تستطيع تنبؤ الضعف على المستوى الفردي للطالب والنقص في الموارد المادية والبشرية على مستوى المدارس والجامعات قبل حدوثه. يعتمد «الذكاء الاصطناعي» على البيانات ولذلك ستساعد مثل هذه الأنظمة المؤسسات التعليمية من ناحية تقليل تكاليفها وبزيادة جودة مخرجاتها التعليمية. فمن أمثلة ذلك التدريس الآلي والنظام الآلي لتقييم ورقة الإجابات. فباستخدام تقنية «الذكاء الاصطناعي» باستطاعتنا توجيه الأسئلة استناداً إلى نقاط ضعف المتعلم كما سيمكن من دراسة سلوك المتعلمين والعمل على مساعدتهم واحترام القدرات المختلقة والمتفاوتة للمتعلمين. فقد أثبتت بعض الدراسات أن بعض الطلاب يميلون إلى اللجوء إلى الأنظمة المعلوماتية أكثر من المدرس لطرح الأسئلة وهذا يرجع إلى حقيقة أنهم يخجلون من طرح الأسئلة أمام باقي الطلبة أو إزعاج المدرس لكي لايؤثر سلباً على تقييمهم مستقبلاً.

إنني أتفق مع الكثير من الباحثين بأن دور المعلم سيكون حاضراً دائماً فلا يمكن التنازل عن التفاعل الإنساني والاتصال البشري الذي تفتقده الآليات. ولكن وجود «الذكاء الاصطناعي» سيوفر أدوات تمكن المعلمين من أداء رسالتهم بفاعلية أكبر وجهد أقل لأنه سيؤمن جميع المعلومات التي سيحتاجها المعلم لتقييم أدائه وأداء طلابه وتحسينهما بسرعة وفعالية.

من تطبيقات «الذكاء الاصطناعي» هو تقنية الواقع الافتراضي والواقع المعزز. فأولاً الواقع الافتراضي هو عبارة عن محاكاة تفاعلية تتيح للمتعلم فرصة خوض تجارب مختلفة كالمشاركة في زيارة أماكن معينة وهو جالس في بيئة مختلفة كالمنزل أو الصف. يمكن للمتعلم أن يكون جزءاً من هذه التجربة كما يمكنه التنقل داخلها والتفاعل أيضاً من خلال أجهزة خاصة تساعده في الاندماج بشكل كلي وهي في الغالب عبارة عن نظارات للواقع الافتراضي أو وحدات تحكم مع استشعار للحركة. تساعد هذه التقنية المتعلم على تنمية قدراته من خلال القيام بجولات افتراضية مثلاً في أماكن تاريخية في دول أخرى. وثانياً تقنية الواقع المعزز فهي تختلف عن سابقتها في كونها تنقل المشاهد بعرض ثنائي أو ثلاثي الأبعاد في محيط المتعلم حيث يتم دمج هذه المشاهد أمامه لخلق واقع عرض مركب. وتتيح هذه التقنية أيضا مجموعة من الخيارات التعليمية كمحاكاة عمليات معقدة كالعمليات الجراحية أو القيام بتشريح جسم الإنسان بالنسبة لطلبة الطب.

* كلية تقنية المعلومات - جامعة البحرين