نعم، لنضع النقاط على الحروف هنا، ولنتكلم بصراحة. فيروس «كورونا» ليس كائناً بشرياً يمتلك مشاعر وانطباعات وآراء، بمعنى أنه لن يتوقف عند سلسلة الإجراءات والاحترازات الوقائية العديدة التي تقوم بها الدولة ويجلس يتأمل فيها، ولن يتوقف عند الجهود المبذولة في مكافحة انتشاره ويسجل إعجابه بها، ولن يتوقف أيضاً عند الممارسات الإيجابية التي يقوم بها الناس لتجنب الإصابة به، حتى «يخجل» على نفسه، ويرحل بعيداً عن بلادنا، ويوقف انتشاره.

هذا الفيروس يعلم الناس بشكل مكثف خصائصه وصفاته، والأخطر فيه أنه ينتشر بطريقة سريعة وغريبة، ويأتيك من حيث لا تتوقع، وكثير من الحالات تعرضت للإصابة رغم عدم خروجها للخارج، وعدم اختلاطها مع الآخرين، ورغم بقائها المستمر في المنزل، لكن الفيروس وصل إليها بشكل ما، إما عبر مخالطين من نفس العائلة، أو عبر خدمات التوصيل باختلافها. وعليه فإن الاستهتار أو الاستهانة بقدرة الفيروس على الانتشار هي التي تحدد «نسبة الوعي» بشأن مكافحته، وهي التي تحدد مدى ارتفاع مستوى الإصابة وتصاعدها.

كانت البحرين سباقة في عملية الاستعداد لهذا الفيروس واتخاذ الإجراءات الاحترازية والوقائية، واستعدت بشكل طبي عبر الكوادر والأجهزة، وكان بالتالي المنحنى صغيراً بالنسبة إلى دول أخرى، ولكن لأن هذا الفيروس له خاصية الانتشار السريع، والخفي في نفس الوقت، وجدنا أن المنحنى أخذ في التصاعد، خاصة مع عودة الكثير من البحرينيين من الخارج، ومع ظهور إصابات في صفوف العمالة الوافدة، وهي الفئة التي مثلت تحدياً بالنسبة إلى عملية توعيتها وضبط ممارساتها الاجتماعية والحرص على التزامها بالإجراءات الوقائية.

لكن مثلما قلنا، هذا الفيروس لن يقف لـ «يصفق لنا» وهو «خجل» مما تبذله البحرين من جهود، ومما يمارسه الناس من التزام وتطبيق للإجراءات، بل هو سيدخل كـ «ضيف بلا دعوة» إن وجد أبواباً «مشرعة» أمامه. لذلك الفترة القادمة بحسب ما نراه من أرقام، يتضح بأنها ستشهد تصاعداً في منحنى الإصابات والانتشار، وعليه فإن عملية الالتزام بكافة الإجراءات الاحترازية وعدم التساهل والاستهتار أو التقليل من خطورة الأمر، هي ستكون العامل الرئيس الذي يحدد مستقبل هذا الفيروس، سواء عبر مزيد من الإصابات أو عبر تحويطه وتحقيق الانحسار في تمدده.

الإيجابي في البحرين أن معدل خطورة الفيروس من ناحية عدد حالات الوفيات يمثل أحد النسب الأقل في العالم، وهذا يعني امتلاك النسبة الأعظم من السكان من مواطنين ومقيمين لمناعة قوية ولله الحمد، ومع ذلك فإن المطلوب عدم فتح الباب على مصراعيه أمام هذا الفيروس للانتشار.

مرة أخرى نقول، الدولة لوحدها لن تقدر على التصدي لهذا الفيروس، الناس هم من يحددون اتجاه منحنى الإصابة، إما لارتفاع أو لانخفاض بحسب وعيهم وممارساتهم.