عودنا حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى حفظه الله ورعاه، أن يعطينا في المواقف الرسمية، والمناسبات المفصلية، والظروف الاستثنائية رؤية نستعين بها للوصول إلى غاية سامية، أو تجاوز عقبة محتملة، وكلها من أجل الوطن، وبغية تحقيق مصالح المواطنين، ولا أعتقد أن خطاباً وطنياً لجلالته قد خلى من ذلك.

ونحن نرى بعد كل خطابٍ ملكي الإشادات الواسعة التي تسلط الضوء على المضامين التي يتفضل بها جلالة الملك المفدى، ودلالاتها المتعددة، وهي بلا شك إشادات مستحقة، ومعبرة عن مدى حاجة الدولة لخارطة طريق واضحة دائماً من أجل الوصول إلى الأهداف الوطنية، التي تزيد من رفعة الوطن رفعة، وعلى تقدمه تقدماً.

ولكن، يجب أن نتساءل، ماذا بعد الإشادة من قبل المسؤولين الحكوميين والبرلمانيين والشوريين؟ وهنا أعني تحديدا الخطابات الوطنية الرسمية والثابتة، التي تتزامن مع بداية كل فصل تشريعي، وبداية تشكيل حكومي وبرلماني جديد، وكذلك مع بداية كل دور انعقاد، حيث يتفضل جلالة الملك المفدى بإلقاء خطاب واف وشامل، ماذا بعد؟

إن الخطابات الملكية السامية بحق هي برامج عمل واقعية، وأولويات وطنية هامة، يجب أن تبنى من أجلها الخطط والاستراتيجيات، وأن توضع في دائرة التنفيذ ضمن أفق زمني واضح ومحدد، لتؤتي ثمارها الغنية للوطن وللمواطنين، وهو أمر يوقفنا على أهمية المراجعة والتقييم، فيم إذا كان ما يترجم من تلك الخطابات السامية، مقنعاً أم لا، ومحرزاً للطموح أم خلاف ذلك.

ولسنا على خلاف بشأن القراءات والدراسة التي تقوم بها لجنتا الرد على الخطاب السامي لمجلسي الشورى والنواب في كل دور انعقاد، ولا نختلف على أهميتها أيضاً، ولكن تلك الخطابات تعد غالبا في الربع الأول من كل دور، فيما نحن بحاجة كذلك لتقارير إنتاجية وتحصيلية نهاية كل دور انعقاد، لتوضع ضمن جدولة واضحة، ما وجهَ له جلالة الملك المفدى، وما تحقق فعلاً، سواء من قبل الحكومة أو من قبل السلطة التشريعية بغرفتيها.