هدى عبدالحميد




أفاد المشرف العام ومؤسس مركز نصف الطريق للعلاج من الإدمان خالد الحسيني لـ«الوطن» أن تعاطي المراهقين للمخدرات يجرهم إلى القيام بالعديد من الجرائم منها السرقة وقد يلجأ إلى توزيع المخدرات مقابل الحصول عليها، لافتاً إلى أن بعض المراهقين ربما يكونون ضحايا تجار المخدرات والمهربين لها، فيقع البعض في وحل المخدرات، ثم تكتشف الأسرة أن لديها في البيت مدمن أو مدمنة مخدرات.


واكد أن آفة المخدرات في دائرة الانتشار، خاصة في سن المراهقة، محذراً من إغواء الشباب للوقوع في شباك الإدمان بطرق مبتكرة وأكثر احترافية عن السابق ومنها وضع المخدرات في الشيشة الإلكترونية، مبيناً أن أشكال الإدمان تتجدد منها المواد المخدرة والمواد الطيارة كالغراء والغاز وكلها أشكال جديدة للإدمان، متطرقاً إلى صعوبة أن يعرف الأهل أن الابن مدمن نتيجة لعدم وعيهم بما هي المخدرات وما هي الأعراض التي تظهر على الابن نتيجة التعاطي ظناً منهم أنها سلوكيات مراهقة.

وأوضح أن من هذه الأعراض تغير الصحبة وكثرة طلب النقود، والتغيير في نظام سير المنزل فيما يخص المواعيد وكثرة الاحتجاج على القواعد والأسس التي يقوم عليها نظام الأسرة أو المدرسة، والانطواء وتغير طريقة الحديث، والكذب في بعض الأحيان وخلق الحجج الدائم للتهرب من الجلوس مع العائلة، والبقاء في الغرفة او الحمام لفترة طويلة، زيادة الشهية أو قلتها أي تغيرها بشكل عام عن المعتاد، عدم الاهتمام بنظافة الغرفة او النظافة الشخصية، اختفاء أغراض من المنزل «بغرض السرقة».

وتطرق إلى أسباب إقدام المراهق على تعاطي المخدرات منها ضعف الوازع الديني وجهلاً بالثقافة العلمية بأضرار المخدرات، بسبب عدم تعاضد المجتمع لإيصال الرسالة الصحيحة للمراهقين عن الإدمان على المخدرات ومخاطره، إلى جانب معاشرة أصحاب السوء، والتفكك الأسري، وانشغال الوالدين بتواجدهم خارج المنزل لساعات طويلة للعمل، وغياب متابعة الأهل مساءلة الأبناء، ومن أهم الأسباب أيضاً ضعف الشخصية وعدم الثقة بالنفس، فيلجأ المراهق للمخدر لإثبات أنه كبير.

وعن تأسيس مركز نصف الطريق للعلاج من الإدمان ودوافعه، قال الحسيني: «كانت الفكرة فتح بيت للمتعافين فأسست مركز نصف الطريق، وقد تم استسقاء الفكرة من مستشفى الأمل بالمملكة العربية السعودية بحكم عملي فيه قرابة 12 سنة، إضافة لتأسيس جمعية «تعافي من المخدرات» في الحد وعملي مديراً تنفيذياً لها مدة خمس سنوات، ما مكنني من تكوين الخبرات والقدرات اللازمة لتأسيس هذا المركز لعلاج وتأهيل مدمني المخدرات والتعامل مع الحالات النفسية المصاحبة للإدمان».

وأضاف أن المركز يتبع نموذجاً عالمياً في العلاج يشمل كتابين الأول «12 خطوة للتعافي» والثاني «فكرة اليوم»، وهو كتاب يضم 360 فكرة تناقش على مدار العام، إذ يعيد الكتاب غرس القيم والمبادئ ومهارات التعايش التي فقدها الشخص خلال فترة إدمانه، وهي كتب لبرامج عالمية تطبق في معظم مراكز العلاج من الإدمان مترجمة للعربية.

وأشار إلى أن أصغر حالة جاءت للمركز كان عمره 14 عاما، لافتاً إلى أن كثيرا من المراهقين لا يرغبون في العلاج ظناً منهم انهم قادرون على السيطرة على انفسهم وان العمر أمامهم ولذا يحتاجون مجهودا كبيرا لإقناعهم والوصول بهم لمرحلة التعافي ونقوم بتقديم العون لهم حتى بعد التعافي من خلال المتابعة، لافتاً إلى أن اكثر ما يؤلمه هو سماع معاناة الآباء والأمهات من إدمان الابن فينفطر لها القلب وتدمع لها العين خاصة المراهقين فهم أطفال ولكن للأسف بعضهم يكون واعياً لما يفعله وتم تلقينه جيداً بموقفه القانوني فلا يخشى القانون.

كما تطرق إلى أحد الحالات التي أدمت القلوب وهو مراهق عمره لا يتعدى 15 عاما استمر في المركز لمدة 4 شهور حيث اكتشف الأهل ان الأخ الأكبر هو من غرر بابنهم وأوقع به في براثن التعاطي من خلال إقناعه ببيع المخدرات وتعاطيها فكانت هذه صدمة كبيرة على الوالدين وشيئاً محزن للجميع، والحمد لله تعافى وبدأ الانتظام في الدراسة وحرص الأهل عن إقصاء الأخ الأكبر وإبعاده عن أخيه.

وأوضح أن الحلول تحتاج لتكاتف الجميع، الأسرة والمجتمع والمؤسسات المدنية، وجميع الجهات المعنية من أصحاب الاختصاص سواء تربويين معالجين ورجال دين لوضع الحلول الجذرية والمتكاملة، مبيناً أن «للإعلام دوراً مهماً في نشر وبث الرسائل التوعوية والتثقيفية بمخاطر هذه الآفة التي باتت تنخر بعمق في المجتمعات، فيجب أن نتدارك الأمر قبل وقوعه»، مشدداً على المطالبة بضرورة التوعية المجتمعية حول الأعراض التي تظهر على المتعاطي حتى يتمكن الأهل من اكتشاف المراهق المتعاطي في مرحلة مبكرة كما يجب التوعية حول مضار الإدمان وتوعية المراهقين بمخاطره قبل الانجرار لهذا المنعطف الخطير الذي يدمر حياتهم.