محمد إسحاق



أحب الرسم وأنا مستعد للقيام بذلك طوال اليوم دون كلل ولا ملل.. فالرسم شغفي، وقد حصلت على إعجاب من حولي لمهاراتي والكل يشجعني على التفرغ للرسم وترك عملي الوظيفي وبدء مشروعي الخاص في مجال الرسم فما هو رأيك؟

جميل أن يمتلك الإنسان هوايات ومهارات يبرز من خلالها، والأجمل أن يصل فيها لمستوى متقدم وينال إعجاب الآخرين وثناءهم.

ولكن العجلة في ملاحقة الشغف واتباعه أمر قد يجر على صاحبها الويلات إن لم يُحسن التخطيط لها والإعداد.

فأنا الآن، سأقدم على ترك مصدر رزقي وعملي والذي من خلاله أحصل على المال لتغطية احتياجاتي ونفقاتي وحتى لشراء مستلزمات الرسم والتلوين والدفاتر وحضور الدورات المختلفة، فكيف سيكون حالي إذا انقطع هذا المورد فجأة ولم أمتلك أي بديل عنه؟

وهل الرسم الذي أعمل فيه حالياً مُجدٍ من الناحية الاقتصادية ومُربح أم أني أقوم به فقط للتنفيس عن الضغوط التي تواجهني في حياتي وأستغل وقتي بتعلم مهارة أحبها منذ الصغر وأتمنى العمل فيها في الكبر.

فالصواب في مثل هذه الحالات أن يسعى الإنسان في تعلم المجال بشكل احترافي ويُجرب العمل فيه والكسب من خلاله عبر عمل اللوحات المختلفة والمشاركة في المعارض المتنوعة وفتح صفحة على الويب أو متجر إلكتروني، وبعدها إذا وجد الإنسان إقبالاً كبيراً وصار ما يُجنيه من هذه المهارة يعادل الراتب أو يزيد عليه فهنا يمكننا التكلم عن موضوع التفرغ للرسم والاستقالة من العمل.

ومن المهم إذا قرر الإنسان التفرغ لشغفه أن يكون لديه مبلغ مدخر للطوارئ يُعادل راتب سنة من باب الاحتياط، وألا يحرق جميع السُبل للعودة لعمله السابق إذا تعسرت أموره.

وماذا تقصد بذلك؟
القصد، أن البعض من فرط الحماس لمتابعة شغفه يسيء التعامل مع جهة عمله، ويستقيل بشكل مفاجئ ودون مقدمات، ولو أنه أخذ إجازة بدون راتب لمدة سنة وكان معه المبلغ المدخر لتغطية نفقاته لكان خيراً له وأفضل.

حينها إذا نجح المشروع ووجد الخير والكفاية فيمكنه الاستقالة بشكل كامل والتفرغ لذلك، وإذا تعسرت الأمور ولم تنجح الخطة فلا يتحسر على التجربة والتي من خلالها اكتشف الجدوى من مهارته وشغفه، ويمكنه العودة لعمله الوظيفي والاستمرار في هوايته وشغفه بشكل جانبي كما كان بالسابق.