إيمان عبدالعزيز



تتفق العديد من الآراء على أن وجود الخادمة في المنزل أصبح حاجة ملحة في هذه الأيام، وخصوصاً أننا نعيش في زمن أصبح يتشارك فيه كلا الزوجين الدوام الوظيفي، وذلك ما يضاعف المسؤوليات التي تقع على عاتق ربة البيت الموظفة حيث تجد نفسها فور العودة من العمل أمام دوام منزلي آخر متمثل في إعداد مائدة الغداء، ورعاية صغارها ومتابعة دروسهم، والقيام بالمهام المنزلية الأخرى بعد أخذ قسط من الراحة بعد ضغوطات العمل.

إلا أن بعض ربات البيوت مهما كانت إدارة مهامهن المنزلية تتسم بالتنظيم والاهتمام، قد تفرض عليهن ظروف استثنائية تلح على وجود الخادمة في البيت، نظراً إلى أن بعض الأسر المكتظة بالأطفال، قد تعيش فيها أيضاً عجوز مقعدة أو رجل مسن أو أحد أفرادها من ذوي الاحتياجات الخاصة حيث تلزمه الحاجة طوال الوقت إلى الاستناد على غيره في تدبير أموره، فالحاجة إلى وجود الخادمة ملحة في ظل تلك الظروف التي تعيشها العديد من العائلات، لتخفيف الأعباء الواقعة على كاهل ربة المنزل.

ومن هنا يلعب الحظ دوره عند الدخول الأول للخادمة إلى منزل مخدوميها، إما أن تكون محظوظة بهم من حيث المراعاة والتقدير أو العكس، وكما هو الحال مع الأسرة أيضاً إما أن يحالفهم الحظ في أمانة وإخلاص ونباهة الخادمة أو يكون الوضع على خلاف ذلك، ومع مرور الأيام تظهر النتائج الفعلية لكلا الطرفين.

ولمحاولة كسب الخادمة يجب على ربات المنازل تأمين الغرفة الملائمة والمريحة لها لكي تأخذ حسن الانطباع عن مخدوميها، وتحبيب الصغار فيها لبناء علاقة وطيدة بينهما حتى يتم التعايش معها وتقبل خدماتها، وتعليمها برحابة صدر حتى تتقن ضبط العمل المطلوب وتسليمها المهام اليومية مع الحرص على إعطاء أوقات للراحة والاسترخاء لكي تسترد طاقتها للعمل مجدداً.

فلا يجب زجر الخادمة ونهرها عند تقصيرها في أداء عمل ما على الوجه الأكمل، وإرهاقها بكثرة الأشغال كما تفعل بعض ربات المنازل التي تقوم بضرب الخادمة وتعنيفها تعنيفاً مبرحاً، أو عدم توبيخ الأبناء في حال إساءة الأدب معها والسماح لهم بالتمادي في ذلك، أو إلزامها بالمكوث في المنزل وحرمانها من حقها في التنزه مع باقي أفراد العائلة، ومحاسبتها على كمية الأكل الذي قد لا يشعرها بالشبع، بما أن بلادنا تنعم بالخيرات ولله الحمد والمنة.

فمسك العصا من الوسط هو خير الحلول لجميع الأمور والمواقف، حيث لا يكون الإفراط في تدليلها والتساهل معها يصل إلى حد الإغفال عنها كي لا تنتهز الفرص للتمادي في ارتكاب بعض السلوكيات الخاطئة وخصوصاً إن لم تكن على دين الإسلام، وألا يكون أيضاً التعامل معها بالشدة والعنف لكي لا يجرها ذلك إلى سبيل الانتقام من مخدوميها ثأراً لكرامتها، مما يدفعها ذلك إلى ضرب الأبناء الصغار أو سرقة المصوغات والأموال أو حتى الهروب من المنزل.

فلنحذو حذو النبي صلى الله عليه وسلم في تعامله مع خادمه، كان عليه الصلاة والسلام حليماً وليناً. فالخادمة تأتي إلى البيوت متجرعة مرارة الغربة عن وطنها والغياب عن أهلها وأبنائها، مرغمة تحت ظروف الفقر والجوع على الخدمة في البيوت لكسب لقمة العيش.

وبما أن «كماري» هو أكثر الأسماء شيوعاً ومألوفاً بين الخادمات فرفقاً بها وبغيرها من الأسماء من كافة الجاليات المألوفة التي تشقى في الترحال من بلد إلى آخر ساعية وراء الرزق، جميعهن يستحققن كل التقدير.