ياسمينا صلاح - تصوير: نايف صالح


عملتُ في القطاع المصرفي 4 أعوام أثناء دراستي
عارضني الكثير لرغبتي بدخول المجال الإعلامي
واجهت الصعوبات لأصبح إعلامية حقيقية
لا أحبذ تقديم برامج المسابقات عدت إلى مركز الأخبار لتقديم البرامج الإخبارية
مستعدة لمزيد من الإنجازات الإعلامية.. رحلتي في تقديم البرامج التلفزيونية استمرت 13 عاماً
هيا القاسم إعلامية بحرينية وإمراة عصامية لديها حب وشغف كبير في المجال الإعلامي منذ الطفولة وتخصصت فيه على مدى 20 عاماً، بإعداد وتقديم العديد من البرامج التلفزيونية والإخبارية.

وعملت مراسلةً وكتبت عموداً في إحدى الصحف المحلية، وقامت بلقاءات في مجلات معروفة وهي عضو في جمعية الصحفيين، وتسعى إلى مواكبة التطور والتكنولوجيا في الإعلام.

«الوطن» التقت هيا القاسم فى حوار خاص سردت فيه مسيرتها الإعلامية منذ صغرها وكيف كافحت لتحقيق حلمها حتى وصلت إلى ما هي عليه اليوم لتكون إعلامية متميزة.


وفي ما يلي نص اللقاء:

من هي هيا القاسم؟

- هذا السؤال من أصعب الأسئلة لأنه في الأغلب يصعب على الإنسان مواجهة نفسه ولكن بعيداً عن المسميات والألقاب والمناصب.. هيا القاسم إنسانة بسيطة وأعلم بقيمة نفسي وأنتمي إلى الناس وأنا ابنة الطين كما يقولون، وعشت عدة مراحل في حياتي إلى أن وصلت لأصبح إعلامية حقيقية بعد دراسة ومجهود وبفضل من الله سبحانه وتعالى تدرجت في مهامي الإعلامية على مدى 20 عاماً.

حدثيني عن فترة طفولتك؟

- طفولتي كانت هادئة جداً واستمتعت بكل ما فيها والحمد الله تربيت على الخير، وكانت طفولتي تحمل نوعاً من التناقض، فهذا الهدوء الذي اتحدث عنه تختلف معي فيه والدتي حيث إنها كانت تصفني دائما بالشقية وهذا التناقض هو الذي شكل شخصيتي اليوم، وعُرفت أيضا بأني جريئة ولدي القدرة على الحديث والإقناع، وأنا الابنة الوسطى والأقرب إلى والدي ووالدتي.

كما عُرفت منذ طفولتي بأني شخصية متوازنة ومحللة لجميع الأمور وأفكر كثيرا وكانت تستهويني البرامج والأخبار والمواضيع السياسية على الرغم من تنبيه والديّ بعدم متابعة هذه الأمور لأنها لا تناسب عمري، ولكني كنت أحب البحث في جميع الأمور والعودة إلى جذور المشكلة لأفهمها ولم أكن أعلم أن هذا الشغف باتجاه المعرفة منذ الطفولة سينعكس على شخصيتي الإعلامية عند الكبر ويكون لدي القدرة لأصبح ما أنا عليه اليوم.

كيف كانت مرحلة الدراسة الجامعية؟

- بدأت دراستي الجامعية بالمجال الإعلامي في عام 2001 وتخصصت «ملتيميديا»، وواصلت للحصول على الماجستير ودرست في تخصص التخطيط الإعلامي تحت بند الإعلام الإستراتيجي، وجميع دراستي كانت في جامعة البحرين التي تعلمت فيها التربية الإعلامية الصحيحة وفهم الأدوات والآليات الإعلامية.

وعارضني الكثير في الدخول للمجال الإعلامي لأنهم في وقتها لا يعلمون عن الإعلام سوى التمثيل ولا يعلم أحد بمدى شغفي بالإعلام، ولكن وضحت لهم الرؤية وأن الإعلام به العديد من التخصصات، على الرغم من أن رغبتي الأولى في الدراسة الجامعية كانت تخصص العلوم السياسية ولكن وقتها لم يكن يتوفر هذا التخصص في البحرين، وتشاء الأقدار بعدها أن أقدم برامج سياسية وأدمج بين رغبتين أحبهما.

ما هي أول وظيفة عملتِ بها؟

- أول وظيفة لي كانت سكرتيرة في إحدى الجامعات عندما بلغت 18 عاما، ولأن دراستي في المرحلة الثانوية كانت في المواد التجارية عملت في القطاع المصرفي لمدة 4 أعوام وكنت أعمل وأدرس في الجامعة وذلك لأني أحب الاعتماد على نفسي وأرى أني عصامية منذ الصغر وتعلمت الكثير خلال العمل وفهمت العديد من الأمور الاقتصادية والمصرفية وعن الاستثمار.

وحصولي على امتياز في المرحلة الثانوية ساعدني في الدخول إلى الجامعة بالمجال الإعلامي لأنه في ذلك الوقت لم يكن متاحا هذا الأمر وكان يتوجب علي دراسة المواد الأدبية للدخول لدراسة تخصص الإعلام.

ما هي أولى خطواتك في المجال الإعلامي؟

- في عام 2004 جاءتني الفرصة لأترك القطاع المصرفي وأتجه للعمل في مجال دراستي، وأنا مازالت طالبة إعلام عُرض علي تقديم برنامج شبابي يناقش القضايا الشبابية واستمر لمدة 3 أعوام، وبدأت الإعلام من أوسع الأبواب وكان التحدي صعباً ومن دون ترتيب أو مقدمات مسبقة ولكنها كانت فرصة وسعيت من أجلها وساعدتني في صقل شخصيتي، ومررت بمراحل فشل ونجاح كنت «أقوم وأطيح وأقوم وأطيح وأبدأ من الصفر»، واستطعت بعد ذلك التأقلم في جميع الظروف.

ويمكنني القول بأني دفعت الثمن مقدما وكنت أعلم أن الطريق لم يكن سهلا ولكن صبرت ودُعيت كثيرا وانسحبت مرات عديدة ولكن كان هناك صوت داخلي يحثني على المواصلة والتركيز في أن أكون إعلامية حقيقة.

هل كان طموحك في المجال الإعلامي العمل كمذيعة؟

- نعم فقد كانت بدايتي في تقديم برنامج مباشر، ولم يكن الأمر سهلاً خاصة أن هذا النوع من البرامج يكون صعبا ولم يكن لدي القدرة الكافية على النقاش والحوار ولكن لله الحمد كان البرنامج ناجحا، وتدرجت حتى بدأت العمل كمراسلة في الأخبار عام 2005، ومن ثم مراسل في التلفزيون وأحببت العمل الميداني لأنه يشكل شخصية الإعلامي.

كم عدد البرامج اللي قدمتِها، وما الذي تفضلينه في التقديم؟

- قدمت الكثير والعديد من البرامج ولا أستطيع أن أحصيها، فبداية رحلتي كانت في البرامج الشبابية وبعد ذلك تخصصت في البرامج الاجتماعية كمذيعة رئيسة على شاشة تلفزيون البحرين وهذه البرامج تناقش القضايا الاجتماعية والسياسية والثقافية والاقتصادية، وأقرب البرامج لقلبي هي التي أقوم بإعدادها وأتعامل مع البرنامج كأنه جزء مني وأقاتل لينجح مثل برنامج «بين يدي» الذي كان هدفه العمل على تحويل الأزمات إلى قصص ناجحة وتم عرضه على شاشة تلفزيون البحرين عام 2014، وأيضا برنامج «دروب» الذي تم فيه استعراض قصص النجاح للشباب البحرينيين.

بالإضافة إلى أني قمت بكتابة عمود في إحدى الصحف المحلية وكنت أقوم بعمل تقارير وريبورتاجات ولقاءات في إحدى المجلات المعروفة.

كيف كانت رحلة تقديم البرامج التلفزيونية؟

- استمرت رحلتي في البرامج التلفزيونية 13 عاماً حيث بدأت عام 2007 وانتهت عام 2020، كان آخر البرامج التلفزيونية هو الإشراف والتقديم في برنامج «الرأي» والذي حقق الكثير من النجاح وناقش العديد من القضايا واستعرض الخدمات الموجودة في الدولة وتم تسليط الضوء على جميع الأمور المتعلقة بالوطن والمواطن وكان برنامجا رئيسيا ويمس جميع المواطنين في البحرين، ولا يمكن نسيان الفريق الذهبي المتعاون والمميز الذي عملت معهم في هذا البرنامج واستطعنا تحقيق الأهداف المرجوة، ومنذ عامين اتخذت قراري بعدها بالعودة إلى بيتي القديم وهو مركز الأخبار وتقديم البرامج الإخبارية المتعلقة بجميع الأمور التي تخص الشأن المحلي السياسي والخليجي والعربي والعالمي وكنت جاهزة ومستعدة لذلك وتكونت لدي الفكرة لأصبح إعلامية شاملة وهذا ما كنت أسعى إليه.

كيف تصفين تجربة تقديم برنامج «بين السطور»؟

- بدأت تقديم برنامج «بين السطور» في شهر سبتمبر عام 2022، ولم يختلف كثيرا عن البرامج التي قدمتها، ولكن «بين السطور» له صبغة إخبارية وأرقام رسمية، أما ما سبق من برامج قدمتها كان في قالب اجتماعي.

حدثيني عن فترة فيروس كورونا «كوفيد19» في الإعلام؟

- في فترة فيروس كورونا ظهر دور الإعلامي الحقيقي، وكان لي الشرف أن أكون ضمن فريق الأزمات الإعلامي وممتنة لكل شخص وضع ثقته بأن أوجد لتمثيل بلدي وأن أكون مرشدة للمواطنين حول هذا الأمر، على الرغم من صعوبة الفترة الحرجة التي مررنا بها ولكني أصبحت مستعدة لكافة الأزمات «والله لا يعودها».

كيف تقبلتِ نقد الجمهور؟

- النقد الذي تعرضت له كان يسبب استياء لعائلتي بصورة أكبر ولكن عائلتي كانت تعلم مدى حبي وشغفي تجاه الإعلام ومع مرور الوقت استطاعوا تقبل الأمر، وكنت أعلم قبل دخولي المجال الإعلامي أنه ليس معبداً بالزهور وستواجهني العديد من المشاكل وعلى الرغم من تهيئتي لكل ذلك ولكني تأثرت وقررت الانسحاب عدة مرات ولكن وضعت الهدف أمامي وتوكلت على الله سبحانه وتعالى وكان بجانبي ويحميني حتى استطعت تجاوز كل هذه الأمور.

ما هو نوع البرامج التي لا تحبذين تقديمها؟

- لم أقم بتقديم برامج مسابقات من قبل، ولست ضدها لأنه لم يسبق لي التجربة ولم يعرض علي ذلك ولكن شخصيتي لا تتناسب مع مثل هذا النوع من البرامج حيث أنني أفضل البرامج التي تتحدث عن مواضيع وقضايا جادة، وأفضل دائما البرامج التي نستطيع فيها التحدث بلغتنا ونستعرض مشاكلنا وقصصنا، ولا يمكن إنكار أننا جميعا نحب «الفلة والوناسة» ولكن ليس كل ما يقدم سوف نقوم بالضحك عليه واحترام عقلية المشاهد مهمة.

كيف تصفين الإعلام في البحرين؟

- الإعلام البحريني واجه محطات عديدة ومواكب للتغيرات والمستجدات التكنولوجية والتي تلوح لنا في الأفق منها الذكاء الاصطناعي على الرغم من المعاناة في التطور السريع الذي نراه ووجود سطوة من الإعلام الجديد، ولكن البحرين في المجال الإعلامي تسعى إلى التطور وتطمح إلى تحقيق المزيد من الإنجازات وحققنا الأهداف الاستراتيجية وتطلعات حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المعظم، وحظينا أيضا باهتمام صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد

آل خليفة ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، ولدينا مطلق الحرية في التعبير والرأي على رغم من اختلافنا في بعض النقاط ولكننا نتفق دائما على نقطة واحدة وهي حب البلد وأن نطمح للأفضل لهذه البلد وهذا ما أراه في «عيال ديرتي».

برأيك ما الفرق بين الإعلام القديم والجديد؟

- بعض من مشاهير «السوشيال ميديا» كانوا يطمحون إلى العمل في البرامج التلفزيونية ولكن عند تجربتهم للأمر شاهدوا أن الإعلام الرسمي ليس سهلاً كما كانوا يتوقعون وانصدموا بالواقع، وذلك لأن طريقة التقديم في البرامج الرسمية ليست سهلة لأنها تعتمد على لغة معينة وجمهور مستهدف ورسالة يجب توصيلها ويوجد طقم عمل كامل يعمل لنجاح البرنامج.

ولا أنكر أن هناك مشاهير «سوشيال ميديا» برعوا في مجالهم وقدموا محتوى راقياً ومفيداً وهم لديهم سقف الحرية أكبر من الإعلام الرسمي، واليوم نعيش كإعلاميين في مضمار من يميز نفسه يستحق أن يكون إعلامياً حقيقياً.

ما هي النصيحة التى تقدمينها لإعلاميّي المستقبل؟

- عندما أقوم بتدريب من يدرسون الإعلام حاليا خاصة في الجامعات وغيرها تكون نصحيتي الدائمة هي أن يضعوا أمام أعينهم أن ينقلوا أسساً وقيماً ومبادئ صحيحة وتصل للناس.

ويوجد عدد قليل من مشاهير «السوشيال ميديا» الذين لديهم هدف ويقومون بدورهم الصحيح وينشرون المبادئ التي تحافظ على وطنهم وأمتهم ودينهم ويقدمون رسالة نبيلة وسامية وهذا أفضل بكثير من شهرة زائلة ستختفي دون أن يتذكرهم أحد بما هو جيد، ونحن لدينا جيل نريد إخراجه سوياً نفسياً وبصورة إعلامية صحيحة وعند رؤيته لوجود سطوة من إعلام جديد به بعض الفوضى يجب توعيته بما هو صحيح وأن يتابعوا من يمثل قيمهم ومبادئهم وليس المشهور فقط.

هل من كلمة أخيرة؟

- كل التقدير والاحترام لصحيفة «الوطن» على دورها الصحفي المتميز كإعلام مقروء ومواكبتها للتطور والتكنولوجيا وسعيها إلى وضع أفكار حديثة ومهمة، وأتمنى أن أكون من الأشخاص الذين أثروا بإيجابية في حياة غيرهم ولو بكلمة.