د. جمعان عبدالله الشهراني



الحصان العربي هو سلالة من الخيول التي نشأت في شبه الجزيرة العربية. مع شكل رأس مميز وحدوة ذيل عالية، تعتبر العربية واحدة من أكثر سلالات الخيول التي يمكن التعرف عليها بسهولة في العالم. كما أنها واحدة من أقدم السلالات، حيث توجد أدلة أثرية على ظهور خيول في الشرق الأوسط تشبه العرب الحديثين الذين يعود تاريخهم إلى 4500 عام. على مر التاريخ، انتشرت الخيول العربية في جميع أنحاء العالم من خلال الحرب والتجارة، وتستخدم لتحسين السلالات الأخرى عن طريق إضافة السرعة، والصقل، والقدرة على التحمل، والعظام القوية. اليوم، توجد سلالات الدم العربية في كل سلالة حديثة تقريباً من ركوب الخيل.

وترجع عناية العرب بالخيل إلى فجر العروبة، أي منذ اتخذوها عوناً لهم على أعدائهم، فشاركتهم الأمجاد والانتصارات، ومن أجل ذلك أوصى الرسول صلى الله عليه وسلم على اقتناء الخيل ورعايتها، ومعاملتها برفقٍ وأدبٍ جمٍ، ومودة حميمةٍ فقال صلى الله عليه وسلم: «الخيل معقودٌ بنواصيها الخير إلى يوم القيامة، وأهلُها معانون عليها، فامسحوا نواصيها، وادعُوا لها بالبركة».

وقد تطورت الخيول العربية في مناخ صحراوي وحظيت بتقدير من البدو الرحل، وغالباً ما يتم إحضارها داخل خيمة الأسرة للمأوى والحماية من السرقة. وقد استنبط عرب الجزيرة العربية التكاثر الانتقائي للسمات، لذلك كانت سلالة من الخيول ذات طبيعة جيدة وسريعة التعلم ورغبة في الإرضاء. وطور عرب الجزيرة العربية أيضاً الروح العالية واليقظة اللازمة في حصان يستخدم للإغارة والحرب.

وليس من شكًّ في أن للقبائل العربية المنتشرة في بلاد الخليج لهم من العناية بشؤون الخيل، وارتباط عِتَاقِها ما لغيرهم من قبائل الجزيرة العربية.

ارتبط دخول الخيل العربية الأصيلة للبحرين ارتباطاً وثيقاً بفتح آل خليفة الكرام لتعتبر مملكة البحرين أحد معاقل الخيول العربية الأصيلة، حيث ارتبط اسم الخيل العربية الأصيلة بالبحرين منذ القدم، وكشفت أعمال الحفر والتنقيب التي أجريت بموقع الحجر الأثري النقاب عن بقايا هيكل عظمى لخيل مشيرة إلى أنه حسب المواصفات المتعارف عليها لدى المهتمين والمتخصصين في معرفة انساب الخيل العربية ومرابطها وقد أولاها أمراء البحرين من أسرة آل خليفة الكرام اهتماماً خاصاً ومتميزاً، وحافظوا على نقاوة سلالاتها وشيدوا لها الإسطبلات المناسبة للعناية بها وتربيتها وتدريبها ونظموا لها السباقات.

وفي عام 1264هـ - 1847م انتقلت كثير من أصايل الخيل للبحرين وأصبحت البحرين هي معقل الخيل الأصيلة.

وقد أولى أمراء البحرين من أسرة آل خليفة الكرام اهتماماً خاصاً ومتميزاً للخيل، وحافظوا على نقاوة سلالاتها وشيدوا لها الإسطبلات المناسبة للعناية بها وتربيتها وتدريبها ونظموا لها السباقات. وانطلاقاً من اهتمام حكام البحرين بالمحافظة على الخيل العربية فقد اهتموا بإقامة سباقات لها في مناطق مختلفة من البحرين منذ عهد المغفور له الشيخ عيسى بن علي آل خليفة طيب الله ثراه، حتى عهد حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البلاد المعظم حفظه الله ورعاه.

ولذلك مكانة الخيل في البحرين مكانة مهمة وقد جاء في كتاب صدر مؤخرا تحت عنوان «تاريخ الخيل العربية الأصيلة في البحرين» أن الخيل العربية الموجودة في البحرين نالت خير عناية من حكام البحرين الكرام، ونظراً لكون البحرين جزيرة يفصلها البحر عن شواطئ البلاد المحيطة بها فقد ظلت أصالة الخيل الموجودة بنقاء سلالتها مصونة من أي اختلاط. وفى عهد الأمير الراحل سمو الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة طيب الله ثراه واصل اهتمامه وتمسكه بالطريقة التقليدية للتنسيل، فحافظ على سلالتها منذ أجداده.

ولعل اختيار المنظمة العالمية للخيل العربية الأصيلة (WAHO) مملكة البحرين لعقد المؤتمر العالمي للخيل العربية الأصيلة، يؤكد على تقدير المنظمة لما توليه المملكة من اهتمام ودور في الحفاظ على الخيل العربية الأصيلة، وجعلها جزءاً من الهوية التاريخية والتراثية التي رسخها الآباء والأجداد من حكام مملكة البحرين.

ولعل هذه دعوة لمطالعة التاريخ الحقيقي للخيل في مملكة البحرين وارتباطها بالتراث والأصالة حيث تعتبر مملكة البحرين في مقدمة دول العالم امتلاكاً للخيول العربية الأصيلة، وأبرز دول العالم اهتماماً برعاية وتربية الخيول الأصيلة، بالإضافة إلى دور البحرين الريادي على مستوى المنطقة والعالم في إطلاق سباقات الفروسية والقدرة والإنجازات الباهرة التي تحققت على مستوى البطولات الخارجية. وهو ما يشكل مرجعاً تاريخياً للخيل في المملكة وتاريخها ورياضتها، بالإضافة إلى التاريخ الصحيح للخيل ورياضتها في البحرين وإظهار الدور الكبير الذي قامت به مختلف الشخصيات البحرينية لإثراء مسيرة الخيل في البحرين وتطور منظومتها الإدارية والفنية والعمل على المحافظة عليها بالشكل المثالي حتى باتت البحرين حاضناً من حواضن الخيل العربية وسلالاتها المختلفة.

* باحث في التاريخ الحديث