محمد الدرويش

تم تعليق منافسات كرة القدم في القارة العجوز حتى إشعار آخر بإستثناء بطولة الدوري البيلاروسي، وذلك بسبب إجتياح وغزو الفيروس التاجي كورونا ( كوفيد 19 ) والذي تسبب بإيقاف دوران عجلة الحياة في كافة المحافل وليس على صعيد الساحرة المستديرة فحسب، ولايوجد حتى الآن ما يشير الى تاريخٍ مؤكد لعودة المنافسات الكروية وإن كانت أغلب الدوريات تطرح فكرة منتصف مايو القادم كموعد محتمل لإستكمال الدوريات وإنهائها حتى لو اضطرت الإتحادات المحلية لإقامة المباريات دون حضورٍ جماهيري!

وسط كل هذا، اتخذ الإتحاد البلجيكي خطوة لم تأخذ أبداً تأييد وإستحسان الإتحاد الأوروبي لكرة القدم، وذلك عندما أعلن المعنيون هناك عن خطوة صارمة لضمان أمن وسلامة البلاد من خلال إلغاء منافسات كرة القدم وتتويج كلوب بروج بلقب الدوري المحلي.



ورغم أنّ الإعلان جاءَ عن طريق وسائل الإعلام والجهات المعنية إلا أنه لن يأخذ أيّ طابعٍ رسمي إلا بعد التصويت عليه من قبل الأندية والممثلين عنها يوم 15 أبريل من الشهر الجاري.

ومع ذلك لازال هناك العديد من حالات الإستفهام حول تحديد الفرق الصاعدة والهابطة وكذلك المتأهلة الى المنافسات الأوروبية مثل دوري أبطال أوروبا والدوري الأوروبي.

لكن ماذا عن الدوريات الخميس الكبرى وهل يمكن أن تحذو حذو الدوري البلجيكي؟

الدوري الإنجليزي

سيكون من المنطقي لو حُسم لقب الدوري الممتاز وتم تتويج ليفربول به وذلك نظراً لتقدمه في جدول الترتيب بفارق 25 نقطة عن أقرب منافسيه مانشستر سيتي، لكن الأمور تصبح معقدة نوعاً ما في حال رغبة الإتحاد الإنجليزي تحديد الفرق المستحقة للمقاعد المؤهلة الى المسابقات الأوروبية خصوصاً بعد منع مانشستر سيتي من التواجد في مسابقة دوري الأبطال الأوروبي الموسم القادم بسبب تلاعبه بقوانين اللعب المالي النظيف، كما أنّ معركة الهبوط يصبح القرار فيها أكثر تعقيداً في الفارق البسيط في النقاط بين أصحاب المركزين الخامس عشر والتاسع عشر.

الدوري الإسباني

تحديد البطل الأمر الأكثر صعوبةً في بلاد الثيران، وأي قرار لن يكون منطقياً في حال جازف الإتحاد الإسباني بحسم البطل دون مباريات ضمن مجموعات مصغرة فالفارق بين المتصدر برشلونة ووصيفه ريال مدريد لا يتعدى النقطتين مع وجود أحد عشرَ جولة متبقية، ولا يمكن أبداً أن يتم تطبيق ما قام به البلجيكيون فمنافسات الدوري هناك كانت على بعد جولة واحدة من النهاية ويتقدم صاحب المركز الأول والبطل «كلوب بروج» عن وصيفه «جينك» بفارق خمسة عشر نقطة.

الدوري الالماني

يواجه الدوري الالماني منافسة ثلاثية من أجل الفوز باللقب بين أندية بايرن ميونخ، بروسيا دورتموند وريد بول لايبزيغ، لذا فإن استنساخ التجربة البلجيكية سيكون أمراً في غاية الصعوبة فيما يخص تحديد البطل، أما الهبوط فيبدو أن فرق فيردبريمن وبادربون قد ضمنت مكانها في قاع الترتيب والهبوط نحو دوري الدرجة الثانية.

الدوري الإيطالي

يشهد سباق الدوري الإيطالي منافسة حامية الوطيس لأول مرة منذ سنوات طوال بين ثلاث فرق { يوفنتوس، لاتسيو وإنتر ميلان } وتتنافس أندية روما وأتالانتا على مراكز مؤهلة لمسابقة دوري أبطال أوروبا بينما تسعى أندية نابولي، ميلان وفيرونا وبارما للعبور الى بطولة الدوري الأوروبي.

أما في صراع الهبوط، فبريشيا أحد الفرق المؤكد هبوطها إذ يبتعد بفارق تسع نقاط عن مراكز بر الأمان ونفس الأمر لسبال الذي يبتعد عن مناطق الأمان بفارق سبع نقاط أما أندية ليتشي وجنوى وسامبدوريا فتتنافس على الإبتعاد عن مناطق الهبوط فيما بينها ما يعني أن منافسات الدوري يجب أن تستكمل بشكلٍ أو آخر من أجل الحسم بدون الدخول في قضايا وجدلٍ قد لا تحتمل الكرة الإيطالية نتائجه خصوصاً بعد فضيحة الكالتشيو بولي قبل عدة أعوام.

الدوري الفرنسي

كما هو الحال في كل عام، فإن باريس سان جيرمان سيتوج باللقب إذ يبتعد بفارق ثماني نقاط عن أقرب منافسية نادي { مارسيليا } والحال نفسه بالنسبة لبطل دوري أبطال أوروبا 1993 الذي ضمن مركزه الثاني والمؤهل مباشرة لمسابقة دوري أبطال أوروبا، أما أندية رين وليل فستعمل على خطف البطاقة المؤهلة لتصفيات مجموعات دوري أبطال أوروبا ونفس الأمر بالنسبة لناديي ليل وستاد ريمس اللذان سيتنافسان على خطف بطاقة العبور المباشرة للدوري الأوروبي والأخرى للتصفيات المؤهلة لمجموعات اليوروبا ليغ.

التداعيات المحتملة من الالغاء

إذا تم إلغاء منافسات الدوريات الخمس الكبرى وإعتماد الترتيب الحالي فهذا يعني أنه سيتم تتويج ليفربول، برشلونة، يوفنتوس، بايرن ميونخ وباريس سان جيرمان أبطالاً لدوريات إنجلترا، اسبانيا، إيطاليا، المانيا وفرنسا على التوالي.

وبالنظر الى إبتعاد ليفربول وباريس سان جيرمان بفارقٍ كبير من النقاط عن منافسيهما في الدوريات المحلية فإن الأمر يبدو عادلاً بمنحهم لقبٍ جديد يضاف الى سجلاتهم، خصوصاً ليفربول الباحث عن أول القاب البريميرليغ منذ ثلاثين عاماً لكن وكما ذكرنا في السطور السابقة فإن تحديد المتأهلين للمسابقات الأوروبية وكذا الأمر بخصوص الفرق الصاعدة / الهابطة ستكون الخطوة الأكثر تعقيداً والتي تحتاج لدراسة العديد من الإقتراحات من أجل الوصول الى حلٍ مثالي يرضي جميع الإطراف وإن كان الأمر يبدو وللوهلةِ الأولى مستحيلاً.

كما أن إلغاء المنافسات المحلية في الدوريات الخميس الكبرى سيُرتب أثاراً مالية بعيدة المدى على الفرق والتي ستخسر الملايين من الدولارات وبالتالي ستتأثر ميزانياتها الأمر الذي قد يوقف مؤقتاً خطط تطورها ويجعل الأندية تبحث عن موارد مالية من أجل تجنب السقوط وضمان استمراريتها بعد القضاء على جائحة فيروس كورونا.

وعلى سبيل المثال لا الحصر فإن خسارة أندية الدوري الإنجليزي تصل الى 762 مليون جنيه إسترليني من إيرادات البث التلفزيوني ونفس الأمر بخصوص الدوري الفرنسي وحقوق النقل لمباريات كرة القدم وتقدر الخسائر بـ 150 مليون يورو.

بين المطرقة والسندان!

اعتقد أن السير على خطى الاتحاد البلجيكي وإلغاء الدوريات سيكون أمراً منطقياً على أن يكون ذلك مشروطاً بقوانين وآليات واضحة لتحديد البطل الفرق المتأهلة للمسابقات الأوروبية وكذلك الأمر بخصوص فرق الصعود والهبوط ورغم أن الأمر سترتيب عليه آثاراً قد تُهدد مستقبل كرة القدم إلا أنه القرار الأكثر إنسانيةً وأماناً من خسارة أرواح البشر في زمن لا يهتم إلا بلغة المال!

ولهذا السبب يمكن أن نفهم سبب غضب الإتحاد الأوروبي من مسئولي الدوري البلجيكي وتحذيره لهم من عواقب إتخاذ مثل هذه الخطوة التي ستكلفهم غالياً الكثير من المال وتهديده بحرمان أندية بلجيكا من المنافسات الأوروبية الموسم القادم.

وقد يكون إلغاء بطولة يورو 2020 لتعطي متنفساً جيداً لإستكمال الدوريات حال إستقرار الأمور، إلا أن ما يشهد العالم من إجتياح هذا الفيروس لجميع دوله لا يُبشر خيراً على إمكانية إحتوائه والقضاء عليه قبل عدة شهورٍ قادمة! ولهذا السبب نفهم عدم رغبة الأوروبيون بإتخاذ قرارات متسرعة يكون لها تأثير غير محمود العواقب على مستقبل كرة القدم.