العين الاخبارية

كم من المال سيكلف تتويج الملك تشارلز الثالث الشعب البريطاني؟ ما معدل الضريبة الذي سيدفعه الملك الجديد على دخله الخاص؟ كم عدد المناسبات التي حضرها "أفراد العائلة المالكة" خلال السنوات الماضية؟ كم دفعوا؟

أسئلة عدة طرحتها صحيفة الغارديان على قصر باكنغهام، إلا أن الردود كانت تتلخص في: "اسأل شخصا آخر"، أو "فكر بنفسك في الإجابة"، أو ببساطة "ليس لديك الحق في المعرفة".

وبحسب الصحيفة البريطانية فإنه بينما أشاد الكثيرون بالملكة إليزابيث الثانية وإدارتها الهادئة للمملكة، أو عدم تدخلها المفترض في السياسة البريطانية، إلا أن أحدا لم يذكر السمة المميزة الأخرى لعهدها المتمثلة في: السرية الراسخة، التي أدت إلى ظهور ثقافة يُحرم فيها الشعب البريطاني من المعلومات الأساسية عن النظام الملكي.

فـ"إفشاء المراسلات مع الملك أو الوريث محظور، والانتقاد البرلماني لسلوك أفراد العائلة المالكة مهما كان مشينا محظور"، تقول الصحيفة البريطانية، مشيرة إلى أنه بينما يقول القصر إن المحفوظات الملكية -مستودع تاريخ النظام الملكي الدستوري- مفتوحة "لأي باحث جاد"، إلا أنها مع ذلك ملكية خاصة لآل وندسور، الذين يمنحون الإذن قبل أن يتمكن الباحثون من فحصها.

ما من مجال يُفرض فيه أفراد العائلة المالكة رفض تسليط الضوء على شيء أكثر من الأمور المالية، تقول "الغارديان"، مشيرة إلى أن وصايا أفراد الأسرة المجهولين تخضع للرقابة بأمر قضائي، بالإضافة إلى أن أفراد العائلة المالكة يحرسون عن كثب أسرار ثروتهم المالية، ويصرون على أنها "خاصة".

وفي السنوات الثلاث الماضية كشفت الأوراق الرسمية التي اطلعت عليها صحيفة "الغارديان"، كيف "أساءت" الملكة إليزابيث الثانية ومستشاروها مرارا وتكرارا استخدام إجراءات موافقة ولي العهد على تغيير القوانين البريطانية سراً، بما في ذلك، في عام 1973، كجزء من محاولة ناجحة لإخفاء ثروتها الخاصة عن العامة.

حتى عام 1968 على الأقل، وربما بعد ذلك على الأرجح، لم تعين أسرة إليزابيث الثانية "المهاجرين الملونين أو الأجانب" في الأدوار الكتابية، رغم السماح لهم بالعمل كخدم في القصور.

وتقول "الغارديان"، إنه حتى اليوم، يصر قصر باكنغهام على أنه يمتثل فقط لقانون عدم التمييز طواعية، متسائلة: هل الملك يوافق على هذا؟ ما الانتهاكات الأخرى التي لم يتم الكشف عنها بعد؟ وكيف ستظهر إذا كانت العائلة الملكية معفاة من قانون حرية المعلومات؟

كُلفة التاج

تطلق صحيفة "الغارديان" تحقيق "كلفة التاج"، وهو تحقيق في الثروة الملكية والشؤون المالية، مشيرة إلى أنها ستكشف في الأيام والأسابيع المقبلة، معلومات قالت إنها للمصلحة العامة حول الثروات التي جمعها أفراد العائلة المالكة بفضل وظيفتهم العامة.

وطرحت الصحيفة البريطانية مثالا بمسألة مقدار الأموال العامة التي تنفق على أمن العائلة المالكة، مشيرة إلى أن الحكومة -حليفة الملك في كثير من الأحيان فيما يتعلق بمسائل السرية- تزعم أن الكشف حتى عن مجرد رقم واحد شامل لجميع أفراد الأسرة دون أي تفاصيل أخرى على الإطلاق، من شأنه أن يشكل تهديدا غير مقبول على سلامتهم.

وأشارت إلى أنها ترفض شرح هذا المنطق بأي تفاصيل، أو لماذا يمكن لرؤساء الدول في البلدان المتقدمة الأخرى، بما في ذلك الرؤساء الفرنسيون والأمريكيون، نشر تفاصيل حول تكاليف أمنهم.

وأكدت أن الإفراج عن "مذكرات العنكبوت الأسود" للأمير تشارلز بموجب قانون حرية المعلومات، استغرق 10 سنوات ورحلة إلى المحكمة العليا، مشيرة إلى أن تلك المذكرات أظهرت كيف ضغط وريث العرش على كبار وزراء الحكومة بشأن كل شيء.

وأشارت إلى أن الحكومة أنفقت أكثر من 400 ألف جنيه استرليني على التكاليف القانونية في محاولة فاشلة في النهاية للحفاظ على سرية المذكرات.

المنحة السيادية

في العام الماضي، اعترفت إليزابيث الثانية في خطاب ألقته في غيلدهول بمدينة لندن بأنه "لا ينبغي لأي مؤسسة مدنية كانت أم ملكية، أن تتوقع أن تتحرر من تدقيق أولئك الذين يمنحونها ولاءهم".

وتقول صحيفة "الغارديان" إن النظام السابق لتمويل العائلة المالكة، جهاز يسمى القائمة المدنية، كان قيد العمل منذ القرن الثامن عشر، مشيرة إلى أنه رغم كل عيوبه إلا أنه زود البرلمان بتفصيل لمقدار الأموال التي يجب دفعها لكل من أفراد العائلة. ومنح الممثلين المنتخبين للشعب البريطاني فرصة منتظمة لمناقشة مقدار أموال دافعي الضرائب التي يجب تسليمها إلى العاهل غير المنتخب.

وبموجب المنحة السيادية، يتم تحديد التمويل العام لأفراد العائلة المالكة كنسبة من أرباح ملكية التاج، ولقد ثبت أن ذلك بمثابة انقلاب مالي للعائلة المالكة، الذين استسلموا لحوزة التاج في عام 1760.

وبحسب صحيفة "الغارديان" فإن محاولات اكتشاف الوظائف العامة التي أنجزها أفراد العائلة المالكة على وجه التحديد مقابل كل هذه الأموال ليست واضحة ومباشرة.

ما الذي تخفيه العائلة الملكية عن الجمهور البريطاني؟

يتضح التباين بين الطريقة التي نتعامل بها مع الشخصيات العامة العادية وأولئك الذين يصادف أن لديهم دماء ملكية عندما يموتون، فبموجب القانون البريطاني تكون الوصايا علنية، لمنع الاحتيال أو سوء التصرف من قبل المنفذين.

إلا أنه مع ذلك، فإن وصايا العائلة المالكة تخفى بشكل روتيني من قبل القضاة، كان الحدث التاريخي الذي أدى إلى ظهور هذه العادة هو التستر على فضيحة جنسية ملكية.

حتى عام 1911، كانت وصايا عائلة وندسور -بخلاف وصايا الملك- عامة، مثل أي عائلة بريطانية أخرى، إلا أن القضاء بدأ بفرض الرقابة عليهم بناء على طلب الملكة ماري بعد وفاة شقيقها فرانسيس لإخفاء قراره بتوريث المجوهرات لامرأة كان على علاقة بها، بحسب الصحيفة البريطانية.

أسئلة صعبة للملك

في العام الماضي، خالف المذيع المخضرم ديفيد ديمبلبي، الذي أدار تعليق بي بي سي لجنازة الملكة، العادات لتقديم رأي قد يصنفه البعض على أنه سياسي.

وفي حديثه في أحد المهرجانات الأدبية، اشتكى من محاولات قصر باكنغهام لتوجيه تغطية محطة الإذاعة الحكومية، واشتكى من أن هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" لديها "ألم قديم بشأن النظام الملكي".

وقال إن الشركة "لن تقترب من أشياء مثل السلطة التي يمتلكها القصر لتغيير التشريعات الضريبية"، مضيفا "كل هذه القضايا لم تتطرق لها بي بي سي أبدًا لأنني أعتقد أنهم يشعرون أن مشاهديهم لن يعجبهم. ليس من الفظاظة أن نتساءل".

يجادل قصر باكنغهام بأن الترتيبات المالية لأفراد العائلة المالكة يجب أن "تظل خاصة، كما هو الحال مع أي فرد آخر". لكن الضباب الذي يحجب مثل هذه الأسئلة يأتي من الارتباك حول ما يمكن أن يُطلق عليه شرعا الثروة الخاصة للعائلة المالكة، وما يخص الشعب البريطاني.