قناة الحرة الأمريكية + وكالات


قالت صحيفة "تايمز أوف إسرائيل"، إن "جهات مجهولة" هدمت مدرسة ممولة من الاتحاد الأوروبي ودُمرت نحو 10 منازل في إحدى قرى منطقة تلال، جنوب الخليل بالضفة الغربية، خلال الأيام القليلة الماضية.

وأظهرت لقطات فيديو تم التقاطها في قرية خربة زنوتة، الإثنين، من قبل نشطاء يعملون على توثيق عنف المستوطنين، أنه تم تدمير الجدران الأمامية للمدرسة، على ما يبدو بواسطة جرافة، في حين تمت تسوية المنازل المبنية بطريقة بدائية هناك، بالأرض.

وبحسب تقرير نشرته هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي"، فإن نداف وايمان، الذي رافق مراسليها إلى القرية، يعتقد أن المستوطنين اليهود، ومعظمهم معروفون بالاسم لدى الفلسطينيين المحليين، "ينتهكون القانون مرة أخرى مع الشرطة والجيش".


ووايمان جندي سابق في القوات الخاصة الإسرائيلية، وهو الآن ناشط في منظمة "كسر الصمت"، وهي جمعية من المقاتلين السابقين تقوم بحملات ضد "الاحتلال الإسرائيلي" للأراضي الفلسطينية.

وترك سكان قرية خربة زنوتة البالغ عددهم 250 شخصا، منازلهم في نهاية أكتوبر، بسبب ما قالوا إنه "استمرار عنف المستوطنين ومضايقاتهم" في أعقاب هجمات حركة حماس في السابع من 7 أكتوبر الماضي على جنوبي إسرائيل.

وتقع القريبة في المنطقة "سي C" بالضفة الغربية، حيث تتمتع إسرائيل بسيطرة مدنية وأمنية كاملة.

وقال وايمان واصفا ما حدث في تلك القرية من دمار: "إنهم يهدمون القرى الفلسطينية، ويضربون المزارعين الفلسطينيين، ويسرقون زيتونهم، ويحاولون فتح جبهة ثالثة (بالإضافة إلى جبهة غزة وشمالي إسرائيل) في الضفة الغربية. لماذا؟ لأنهم يريدون الأرض دون فلسطينيين".

قُتل ثلاثة فلسطينيين، الأربعاء، برصاص الجيش الإسرائيلي في شمال الضفة الغربية المحتلة، وفق ما أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية في بيان.

"أنت خائن"

وخلال تواجد فريق "بي بي سي" في القرية، جاء جنديان إسرائيليان للتحقيق فيما كانوا يفعلونه. وقال أحدهما لعضو إسرائيلي في فريق "بي بي سي" إنه "خائن" بسبب دعمه للفلسطينيين، وفق هيئة الإذاعة البريطانية.

وعندما سأل مراسل "بي بي سي" الشرطة عما إذا كانوا يحققون في تسوية المدرسة والقرية بالأرض، ردوا عبر البريد الإلكتروني بأنهم "ينتظرون شكوى".

وفي الواقع، قدم محامو فلسطينيي قرية زنوتة، التماسا إلى المحكمة العليا الإسرائيلية.

وبحسب المحامية قمر مشرقي أسعد، التي تمثل سكان القرية في الإجراءات القانونية، فإن "المستوطنين الذين وجهوا التهديدات جاءوا إلى خربة زنوتا في مركبة بيضاء من بؤرة مزرعة ميتاريم الاستيطانية، التي يصفها النشطاء منذ فترة طويلة بأنها مصدر للعنف والمضايقات ضد الفلسطينيين المحليين".

وكتبت أسعد لقائد شرطة الخليل والدائرة القانونية في الجيش الإسرائيلي، الخميس، تطالبهما باتخاذ إجراءات لحماية الممتلكات في خربة زنوتة، والتحقيق في سلوك المستوطنين التهديدي.

وخلال 3 أيام من السفر عبر الضفة الغربية، قال فلسطينيون لـ"بي بي سي"، إنه ومنذ بدء الحرب في غزة في 7 أكتوبر، أصبح المستوطنون "أفضل تسليحاً وأكثر عدوانية".

وشهدت الهجمات العنيفة، بما في ذلك إطلاق النار على الفلسطينيين على يد مستوطنين مسلحين في الضفة الغربية، "ارتفاعاً حاداً"، حسب هيئة الإذاعة البريطانية.

ودفعت هذه الهجمات الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، إلى إدانة العنف الذي يرتكبه المستوطنون المتطرفون، والمطالبة بمحاكمة المذنبين منهم بتهم ارتكاب جرائم.

سمحت الشرطة الإسرائيلية للناشطين اليهود اليمينيين المتطرفين بتنظيم مسيرة إلى جبل الهيكل في المسجد الأقصى بالقدس، مساء الخميس، للمطالبة بإنهاء سيطرة الأوقاف الإسلامية التي تدير الموقع المقدس، بحسب صحيفة "هآارتس".

ومن الناحية العملية، نادرا ما ينتهي الأمر بالمستوطنين إلى المحكمة، وإذا فعلوا ذلك، فيمكنهم عادة توقع أحكام مخففة، بحسب تقرير "بي بي سي".

ويتم تسليح المستوطنين ودعمهم من قبل حلفاء أقوياء في الحكومة الإسرائيلية، لاسيما من قبل وزير الأمن القومي، إيتمار بن غفير، ووزير المالية، بتسلئيل سموتريش، الذي يتولى أيضًا مسؤوليات أمنية في الضفة الغربية.

وكان سموتريش قد أعطى أكثر من 100 مليون دولار للمستوطنين.

وفي واقعة توثق عنف مستوطنين، تم تصوير هجمات شنها بعضهم، في مقطع فيديو التقطه منتصر ميلات، وهو شاب فلسطيني من عائلة بدوية تعيش في برية الخليل (صحراء يهودا)، وهي ليست بعيدة عن مدينة أريحا.

وتم اقتحام منزل عائلتهم من قبل حوالي 20 مستوطنا مسلحًا، حيث قام منتصر بتصويرهم وهم يصرخون ويشهرون الأسلحة.

وأوضح ميلات: "كان هناك شخص يطلق النار على عمي، فركضت إلى هناك وواجهته، كنا ندفع بعضنا البعض ونتبادل الصراخ، وبعد ذلك جاء حوالي 20 مستوطناً".

ويظهر في الفيديو مستوطن يقوم بتلقيم بندقيته من طراز "M-16"، ويوجهها نحو العائلة، حيث كانت إحدى النساء تحمل طفلاً عمره شهر، والتي قالت إنها اعتقدت أنها "على وشك الموت".

وتابعت تلك المرأة: "لقد هاجموا منزلنا، وسرقوا أغنامنا، وهددوا أطفالي بالبنادق وهددوني. ثم ضربوني أنا وأخت زوجي. اعتقدت أنهم سيذبحوننا".

ولم تسفر الواقعة عن مقتل أحد، لكن المستوطنين اتهموا تلك العائلة "زورا" بسرقة ماعزهم، كما قال منتصر، مشيرا إلى أن الرجل الذي أشهر سلاحاً محشواً في وجههم "كان يرتدي سترة الشرطة"، وفق بي بي سي.

والشكوى الشائعة هي أنه "تم تجنيد المستوطنين في قوات الأمن كجنود احتياط منذ 7 أكتوبر، وأنهم يسيئون استخدام السلطة التي منحت لهم".

وتعرفت العائلة على بعض المهاجمين، لأنهم جاءوا من موقع استيطاني غير قانوني على بعد ميل واحد تقريبًا، لكنهم أشاروا إلى أنهم "يعلمون أنه ستكون هناك مرة قادمة، وأنهم يشعرون بالخوف والقلق".

"ذل وإهانة"

والمضايقات التي يتعرض لها الفلسطينيون هي أيضاً اقتصادية ونفسية، ففي جنوب الخليل يحرث مزارعون فلسطينيون أراضيهم باستخدام الحمير، لأن المستوطنين المحليين هددوا بسرقة آلياتهم أو كسرها إذا استخدموها.

وفي قرية بورين قرب نابلس، نظر المزارع أحمد الطيراوي، عبر الوادي إلى أشجار الزيتون التي يملكها، وقد بدأت تتعفن ثمارها لأن المستوطنين المحليين منعوه من قطفها.

وأضاف: "إذا صعدت إلى هناك على جانب التل لقطف زيتوني، فإن ذلك يضع حياتي في خطر، حيث يشن المستوطنون هجمات على المزارعين.. ورصاصة واحدة كافية لقتلي".

ويعتبر موسم الزيتون دائما وقتا للتوتر، لكنه قال هذه المرة إنه كان "فظيعا"، وفقا لتصريحات الطيراوي. وأردف: "مشاعري أكثر من مجرد غضب. أشعر بالإهانة لأنني عاجز عن حماية نفسي من مستوطن واحد فقط. إنه لأمر مهين أن تكون وحيدًا وغير قادر على حماية نفسك".

أعلن وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، الثلاثاء، بدء تنفيذ سياسة جديدة تجاه المتورطين في ارتكاب أعمال عنف في الضفة الغربية، مع تزايد هجمات المستوطنين الإسرائيليين على الفلسطينيين، بعد اندلاع الحرب في غزة.

وختم بالقول: "الحل الوحيد هو القانون الدولي، وقيام دولتين، وحماية الناس من الاحتلال الإسرائيلي".

من جانبه اعترف أحد زعماء المستوطنين، ويدعى يهودا سيمون، أن المزارعين الفلسطينيين في المنطقة القريبة من مكان إقامته في نابلس، يُمنعون من قطف زيتونهم.

وأضاف ذلك المحامي الذي يمثل مستوطنين أمام المحاكم الإسرائيلية: "الجيش توصل إلى استنتاج مفاده أن الفلسطينيين الذين يأتون لقطف الزيتون يجمعون معلومات من أجل تنفيذ هجمات، على غرار ما حدث في 7 أكتوبر".

ونفى التقارير المتكررة والموثقة عن قيام المستوطنين بمهاجمة الفلسطينيين، قائلا: "أنا لا أسمع عن أشخاص يقتلون الفلسطينيين".

وتشهد الضفة الغربية، تصاعدا في التوترات منذ اندلاع الحرب بين إسرائيل وحركة حماس بقطاع غزة، في السابع من أكتوبر. ومنذ ذلك التاريخ، قُتل 259 فلسطينيا على الأقل بنيران الجيش الإسرائيلي أو مستوطنين بمناطق مختلفة من الضفة، حسب ما تفيد وزارة الصحة الفلسطينية.

واندلعت الحرب بين إسرائيل وحركة حماس المسيطرة على قطاع غزة، إثر هجمات غير مسبوقة شنتها الأخيرة على مواقع عسكرية ومناطق سكنية محاذية لقطاع غزة، مما أدى إلى مقتل 1200 شخص، معظمهم مدنيون وبينهم نساء وأطفال.

وقامت حماس أيضا باختطاف 240 شخصا، بينهم مدنيون ومواطنون أجانب، وفق السلطات الإسرائيلية.

ومنذ ذلك الحين، ترد إسرائيل بقصف جوي وبحري وبري مكثف على القطاع المحاصر، أتبعته بعملية برية لا تزال متواصلة، وبلغت حصيلة القتلى في غزة أكثر من 16 ألف شخص، غالبيتهم من النساء والأطفال، بحسب ما أعلنت وزارة الصحة في غزة.