فجأة، اختفت العديد من المواقع الالكترونية التابعة لإيران وأذرعها بالشرق الأوسط، واكتفت بإشعارات تستبطن رسائل هامة في توقيت مفصلي.

مواقع تابعة لإيران وأخرى للحوثيين أو عراقية على صلة بطهران حجبتها واشنطن لمواجهة نشر معلومات مضللة يقف وراءها الحرس الثوري.

حجب يبعث برسائل مشفرة لإيران التي انتخبت لتوها رئيسا جديدا من معسكر المتشددين المناوئ للغرب عموما، ويتزامن مع محادثات صعبة تعقد بالعاصمة النمساوية فيينا لإحياء الاتفاق النووي الذي انسحبت منه واشنطن في 2018.



وانتهت الجولة السادسة من المفاوضات النووية في فيينا الأحد الماضي، واعترف كبير المفاوضين الإيرانيين نائب وزير الخارجية عباس عراقجي، بأن الجولة المقبلة (السابعة) ستكون صعبة للغاية، زاعماً أن المحادثات تقترب من نهايتها بشأن إعادة العمل بالاتفاق النووي.

رسائل لا تقتصر على طهران، وإنما تطال بشكل رئيسي أذرعها في الشرق الأوسط، انطلاقا من العراق المجاور، مرورا بلبنان واليمن وغيرها.

والمواقع التي تعرضت للحجب تابعة لقناة العالم وقناة الكوثر وقناة المسيرة اليمنية التابعة للحوثيين وموقع المعلومة العراقي، كما تم في الولايات المتحدة حجب موقع قناة "هدهد" الإيرانية للأطفال.

وطال الحجب أيضا قناتي "فلسطين اليوم" التابعة لحركة الجهاد الإسلامي و"اللؤلؤة" التابعة للمعارضة البحرينية، وكذلك قناة "نبأ"ووكالة "يونيوز" اللبنانيتين.

وإجمالا، قال مصدر في الحكومة الأمريكية إن وزارة العدل حجبت، مساء أمس الثلاثاء، نحو 36 موقعا إلكترونيا يرتبط معظمها بأنشطة تضليل إيرانية.

من جانبها، قالت وزارة العدل الأمريكية إن الولايات المتحدة صادرت 33 موقعا يستخدمها اتحاد الإذاعات والتلفزيونات الإيرانية و3 مواقع يديرها حزب الله اللبناني.

وأمس الثلاثاء، ظهرت إشعارات على عدد من المواقع الإلكترونية التابعة لإيران تقول إن حكومة الولايات المتحدة استولت عليها في إطار إجراء لإنفاذ القانون، وكتُب بالعربية على موقع قناة المسيرة التي يديرها الحوثيون "تم الاستيلاء على هذا الموقع".

وكُتب تحت هذه العبارة بالإنكليزية "لقد استولت حكومة الولايات المتحدة على نطاق المسيرة دوت نت بموجب أمر استيلاء في إطار إجراء لإنفاذ القانون من قبل مكتب الصناعة والأمن ومكتب إنفاذ الصادرات ومكتب التحقيقات الاتحادي".

حجب يقول محللون إنه يعتبر بمثابة الضربة أو "هدية" الفوز لمعسكر المتشددين، إثر عبور مرشحهم إبراهيم رئيسي إلى قصر الرئاسة في طهران.

"هدية" ملغومة برسائل عديدة تؤكد سياسة واشنطن الرافضة لـ"البروباغاندا" الإيرانية سواء في الشرق الأوسط أو مختلف أنحاء العالم، بهدف تزييف الحقائق وتلميع صورة نظام قمعي متشدد.

رئيسي، "رجل المرشد"، يتلقى تحذيرا قبيل تنصيبه، تستبق عبره واشنطن حكومة متشددين قد تفاقم التوتر بالمنطقة وتضاعف منسوب العداء والتدخل عبر أذرعها، خصوصا حزب الله في لبنان والحوثي في اليمن.

ولا تعتبر هذه المرة الأولى التي ترد فيها واشنطن على التقارير التضليلية لإيران، حيث سبق أن سيطر مدعون أمريكيون، في أكتوبر/ تشرين أول الماضي، على شبكة من نطاقات الإنترنت قالوا إنها استخدمت في حملة شنها الحرس الثوري الإيراني لنشر معلومات سياسية مضللة في جميع أنحاء العالم.

وحينها، قالت وزارة العدل الأمريكية إنها استولت على 92 تستخدمها المليشيا للظهور كمنافذ إعلامية مستقلة تستهدف الجماهير في الولايات المتحدة وأوروبا والشرق الأوسط وجنوب شرق آسيا.

صعود المتشددين إلى الرئاسة في إيران يثير مخاوف واشنطن من هيمنة التيار الأصولي على مفاصل الدولة، وبالتالي محاولة عرقلة المحادثات الجارية بالعاصمة النمساوية لإحياء الاتفاق النووي.

فالمتشددون الذين لطالما ناهضوا الصفقة قد يعملون، في حال عدم إبرام اتفاق جديد في عهد الحكومة الإصلاحية، على خلق فجوات جديدة توسع الخلافات حول الإجراءات اللازمة للحد من أنشطة البرنامج النووي الإيراني.

وبما أن النقطة الأخيرة تشكل موضوع الخلاف الرئيسي بين الطرفين، فإن نظام المرشد في إيران قد يلعب على هذا الوتر بالذات من خلال التهديد ورفع منسوب تخصيب اليورانيوم، في محاولة لتحسين شروط التفاوض.

ومنذ انسحاب الإدارة الأمريكية من الاتفاق النووي، بشكل أحادي، في مايو/ أيار 2018، عمدت طهران إلى تخصيب كميات صغيرة من اليورانيوم تصل إلى مستوى نقاء 63 في المئة، وهي نسبة قياسية وإن كانت لا تزال أقل من مستويات تصنيع الأسلحة البالغة 90 في المئة.