أمل محمد أمين



تأتي المراهقة وتشعر أن البيوت على صفيح ساخن، فالمراهق مرتبك بين مرحلة الطفولة والنضج، فهم أطفال يبحثون عن الطريق في عالم الكبار. ويشبه البعض حياة المراهق بحلم طويل في ليل مظلم تتخلله أضواء ساطعة تخطف البصر أكثر مما تضيء الطريق، فيشعر المراهق بالضياع لفترة، وتنتهي هذه الفترة بأن يجد نفسه ويعرف طريقه عندما يصل إلى مرحلة النضج.

ويقول البعض إن المراهق يجرب كل إمكانياته وقدراته، ولكن بدون تخطيط محكم، فمثله كمثل عازف على بيانو يحاول وضع كل أصابعه على كل مفاتيح البيانو مما يجعل اللحن نشازاً أو أقرب إلى الضجيج منه إلى الموسيقى، وبالتدريج ومع النضج يبدأ في اختبار النغمة الصحيحة والوضع الصحيح حتى يصل إلى إتقان عزف السيمفونيات.

فالمراهقة مرحلة البحث عن الذات وتحقيق الذات، مرحلة الحب، ومرحلة نمو الشخصية وصقلها، مرحلة اكتشاف القيم والمثل. كل هذا يصور لنا أن مرحلة المراهقة مرحلة فيها الكثير من النمو، وفي نفس الوقت فيها الكثير من التذبذب والاضطراب والمحاولة والخطأ.

وتتميز مرحلة المراهقة بالاعتمادِ على مجموعةٍ من المراحل العُمرية، والتي تعتمد على فترةٍ زمنيةٍ محدّدة، وتختلف باختلاف طبيعة المجتمعات، ولكن اتفق علماء النفس على تقسيم المراهقة إلى مرحلة المراهقة الأولى وهي المرحلة العمرية بين 11-14 عاماً، وفيها يبدأ الإنسان بالشعور بمجموعةٍ من التغيرات، التي تمهد لبداية المراهقة، ثم مرحلة المراهقة الوسطى وهي المرحلة العمرية بين 14-18 عاماً، وفيها تكتمل كافة التغيرات الجسمية، والفكرية في مرحلة المراهقة. المراهقة المتأخرة: هي المرحلة العمرية بين 19-21 عاماً، وفيها يكون الإنسان مستعدّاً للخروج من مرحلة المراهقة، والانتقال إلى مرحلة الرُشد.

ويميز مرحلة المراهقة عدة خصائص جسدية وهي الخصائص الأولى التي تؤثر على حياة الإنسان في مرحلة المراهقة، وفيها تبدأ مجموعةٌ من التغيرات في الظهور عليه، مثل: زيادة وزنهِ، وطوله، ويصير قادراً على تحمل الأوزان الثقيلة، وذلك لأن البنية العضلية يزداد نموها بشكل ملحوظ، كما أن طول القدمين يبدأ بالزيادة بشكل تدريجي.

وهناك الخصائص النفسية وهي مجموعة التغيّرات التي تؤثر على الحالة النفسية الخاصة بالمراهق، فتتغير نظرته نحو الأشياء المحيطة به، وقد يميل ليصبح مزاجياً، ويصبح من السهل أن ينفعل في حال لم يتمكن من تطبيق رأيه، وتصبح علاقاته الاجتماعية مرتبطة بأصدقائه، والأفراد الذين في مرحلته العمرية، ويعتمد التأثّر النفسي في حياة المراهق على مجموعة من العوامل، ومن أهمها: البيئة المحيطة بهِ، وطبيعة الأفراد الذين يتعامل معهم.

مشاكل المراهقة: لمرحلة المراهقة العديد من المشاكل التي تواجه المراهق سواءً في المنزل، أو المدرسة، أو البيئة المحيطة به، ومنها: محاولته لاتخاذ القرارات، والتي قد تتعرّض لمعارضة مباشرةً من الأهل مما قد يؤدّي إلى حدوث مشكلات معهم. الميول لتجربة مجموعة من الأشياء الجديدة، وخصوصاً التدخين، والذي يؤثر عليه سلبياً.

السهر لساعات متأخرة من الليل مع الأصدقاء، مما يتسبب له بمشكلاتٍ مع الوالدين. حرصه على فرض استقلاليتهِ، والتي قد تواجه بردة فعل سلبية من قبل الأفراد المحيطين بهِ.

ولأن المراهق يحاول أن يثبت لمن حوله وجوده وقدراته فإن أفضل طريقة للتعامل معه تشجيعه على تحمّل المسؤولية، فأحيانا يرى الأب أن ابنه مازال طفلاً صغيراً لا يُمكنه أن يتحمّل المسؤولية وحده، والحقيقة أنه لم يصبح كذلك، فهو مراهق الآن ويرى نفسه كبيراً بما يكفي لتحمُّل المسؤولية.

لذلك ينبغي أن تتركوا مجالاً لأبنائكم حتى لا يتحولوا إلى أشخاص اتكاليين، ولا بأس أن تولوا أبناءكم بعض المهام والمسؤوليات ثم تُراقبوا خُطوات إتمامها وتعاملهم مع تلك المهام بهدوء، فذلك سوف يُساعد في علاج عدم الثقة بالنفس عند المراهقين.

ويا حبذا إذا أمكن تكوين علاقة صداقة بين الأهل وأبنائهم المراهقين، فهذا أمر يُساعد على إنشاء لغة حوار مشتركة بُنيت على يسر وتفاهم وصوت هادئ، ويحد من الصراعات التي قد تنشب بين الأجيال، لاسيما مع وجود فجوة كبيرة ظهرت مؤخراً بين الجيل الحديث وجيل كبار السن.

الخلاصة
إن إنشاء علاقة صداقة حقيقية مع الأبناء سيساعدك على فهم كيفية التعامل مع الأبناء المراهقين، مما يُسهم في إيجاد جو من الألفة ويمنع حدوث الخلافات المُستمرة حتى تمر فترة العاصفة بسلام وترسو سفينة المراهق على شاطئ النضج بسلام وقوة.