تعقيباً على مقال.. «شكراً على نعمة البحرين»، وصلتني هذه الرسالة من السيد زكريا الكاظم رئيس جمعية البحرين لرعاية مرضى السكلر، وهذا نصها:

سيدتي أم بسام..
أحكي لكِ عن نفسي.. بالأمس كنت رئيس جمعية البحرين لرعاية مرضى السكلر معني بالتحدث وتوعية 7000 فرد يعيش مع الخلية المنجلية في البحرين، واليوم أنا قائد الـ27 مليون فرد يعيشون مع داء الخلية المنجلية حول العالم
لماذا أنا ولِمَ الرئيس من البحرين؟ ولماذا ليست نيجيريا؟ لماذا ليست الهند؟ لماذا ليست الولايات المتحدة؟ لماذا ليست المملكة المتحدة؟

لأن بلادي حجزت لي مقعد الريادة والقيادة في رعاية الإنسان فصارت بلادي مضرب مثل في رعاية مريض السكلر فصار الأنموذج هي البحرين.

لقد كانت فطنة سيدي سمو ولي العهد رئيس مجلس الوزراء متقدمة علينا جميعاً، وفي فراسته خريطة طريق، وأعطيك مثالاً واضحاً بسيطاً جداً.

لم تقم أي شركة من شركات الأدوية حول العالم بإنتاج أي دواء أو علاج لمريض السكلر نهائياً إلا دواءً واحداً عرف صدفة قبل عشرين عاماً إنه جيد للسكلر وهو الهيدروكسوريا ومذ ذاك لم تفكر أي من شركات صناع الدواء حول العالم إنتاج أو اكتشاف علاج لـ27 مليوناً.

غير أن سيدي سمو ولي العهد رئيس الوزراء حفز صناع الدواء على إنتاج أدوية تحتاجها منطقة الخليج قامت شركات الدواء بتلقف هذا التوجه ومغازلة المحفظة الخليجية فاشترت تلك الشركات بعض الشركات الناشئة في سوق الدواء التي كان لها سبق في اكتشاف بعض العلاجات لمرض السكلر..
الجميع يريد أن يحصل أعلى قدر ممكن من المحفظة الخليجية..

خلال الـ6 سنوات الماضية فقط أعلنت شركات الدواء في حول العالم عن 5 أدوية جديدة غير مسبوقة.

البعض قال أو شكك أن هذه صدفة.. أو شأن صناع الدواء قلت لهم عندي دليل واضح وبسيط.. انظر إلى فاتورة الدواء فأقل جرعة من أرخص دواء هو 800 دينار وبعضه 1300 دينار وهي جرعات شهرية.. فمن يا ترى قادر على دفع هذه الفاتورة من الـ27 مليون فرد غير الحكومات الخليجية؟
المتابع للأخبار وخصوصاً التصحيح الجيني كانت مملكة البحرين الدولة الأولى في العالم وتلتها الشقيقة المملكة العربية السعودية في اعتماد العلاج الذي يفوق قيمته أكثر من 2 مليون دولار، في حين أنه لازالت المملكة المتحدة والولايات المتحدة يتصارع صانعو السياسة والتشريعات حول من يتحمل تلك الفاتورة؟

هل فكرت بلادي مرتين قبل إصدار القرار؟ أم أن الإنسان هو أغلى ما تملكه بلادي.

قيم عالية وحب غزير من الراعي لرعيته.

أقول مثالاً آخر عندما اجتمعت مع دول وممالك الدول الإسكندافية والدول الأوربية في أكتوبر العام الماضي في البرتغال لزبون... وأنفقنا ساعتين في نقاش كيف يمكن إجراء مسح المواليد الجدد من الأمراض الوراثية وعلى من تقع المسؤولية؟ وقد كنت الدولة العربية الوحيدة المشاركة وعندما شاركتهم بالمناقشة كانت الدهشة تعلو وجوههم.. لماذا؟

كنت قلت لهم: في البحرين نجري الفحص 4 مرات لكل فرد فيها..
1- عند الولادة.
2- قبل دخول المدرسة.
3- في الصف العاشر.
4- قبل الزواج.

قال جميعهم نحن نواجه صعوبة في إقناع حكوماتنا بإجراء فحص واحد ولعدد محدد من الأمراض لكل مولود وأنتم تجرون الفحص 4 مرات ولجميع أنواع الأمراض دون استثناء؟

لقد اعتقدنا أن الشرق الأوسط عبارة عن صحراء وخيمة وجمل لكن لم نحسن تقديركم.

النقطة ما قبل الأخيرة وبعد أن أطلت عليك سيدتي.. في الوقت الذي يواجه زملاؤنا حول العالم للوصول إلى صاحب القرار في بلادهم، وإن حصل توفيق لقاء فإنه مع رئيس المستشفى أو رئيس البلدية في حين أن جميع أبواب قادتنا مفتوحة لنا يسمع منا ويتلمس أوجاعنا بدءاً من سيدي جلالة الملك ومروراً بسيدي سمو ولي العهد رئيس الوزراء، وانتهاء بالوزير المعني.

النقطة الأخيرة..

جميع دول العالم تعالج السكلر من منطلق الطبيب والدواء إلا البحرين فإنها تعالج المرض بنظرة شمولية Comprehensive
Care
العناية به في طفولته.
في المدرسة.
المجتمع.
الجامعة.
الوظيفة.
التشريعات التي تحمي حقوقه.
الرعاية الصحية.
ولقد وجدنا سيدتي مثلاً أن 90% من مرضى السكلر البالغ عددهم 7000 لا يراجعون المستشفيات إلا فيما يراجع فيه الأصحاء، بينما يواجه 10% منهم التحديات اليومية.
لماذا؟
فالـ90% هم متمكنون معيشياً، عاطفياً، اجتماعياً.
أما الـ10% فهم يواجهون صعوبات أما معيشياً أو عاطفياً أو اجتماعياً.
من خلال هذه القراءة قمنا بإعادة صياغة الرعاية وصار الجميع يعمل من أجل مريض السكلر.
دخل السكلر في برنامج عمل الحكومة «2014 - 2018» أربع سنوات.
جعل سيدي سمو ولي العهد رئيس الوزراء جميع الوزارات تعمل معاً لدعم مريض السكلر بدءاً من وزارة التربية والتعليم فالصحة والعمل والتنمية والداخلية والإعلام والشباب والرياضة فصار لدينا Team Bahrain of Sickle Cell.

مكون من جميع الوزارات المعنية مع جمعيتهم.
انخفضت الوفيات بمعدل 62%.
ارتفع متوقع العمر من 42 إلى 65 عاماً.
متوسط انتظار تلقي الرعاية 25 دقيقة.
انخفض عدد أيام مكوث المريض في المستشفى لصالح أسرته من 21 يوماً إلى 5 أيام.
هل يمكن أن ننكر هذا العطاء الغزير؟

أتعلمين سيدتي أن مريض السكلر هو الوحيد في البحرين الذي جاز له الانتفاع من 114 يوم عمل في رصيد الإجازة المرضية في القطاع العام.
سيدتي الغالية أم بسام لا أبالغ أحياناً كنت أقرص نفسي وأنا أجتمع مع مختلف دول العالم وهي تشكو ضعف الرعاية والاهتمام، فأسأل نفسي هل أنا في حلم أو علم ... ألهذه الدرجة وصل حب سيدي جلالة الملك المعظم بنا.. أين أحفظ حق هذا الرجل العظيم.

يعجز لساني يعجز لساني.

زكريا الكاظم..
ختاماً فعلاً نحمد الله على نعمة البحرين.