أفادت وكالة "بلومبرغ" بأن مسؤولين في البيت الأبيض يناقشون اقتراحات بشأن اتفاق للتجارة الرقمية، يشمل دولاً في المحيطين الهندي والهادئ، فيما تستكشف إدارة الرئيس جو بايدن وسائل لكبح نفوذ الصين في المنطقة.

وأشارت "بلومبرغ" إلى أن تفاصيل الاتفاق المحتمل لـ"التجارة الرقمية"، الذي تناقشه واشنطن، لا يزال في مرحلة الصياغة، مرجحة أن يشمل كندا وتشيلي واليابان وماليزيا وأستراليا ونيوزيلندا وسنغافورة.



وأضافت أن الاتفاق يمكن أن يحدد معايير للاقتصاد الرقمي، بما في ذلك قواعد استخدام البيانات، وتسهيل التجارة وترتيبات الجمارك الإلكترونية. واعتبرت أنه سيُظهر أن إدارة بايدن مهتمة بمتابعة فرص تجارية جديدة، بعدما أمضت الأشهر الأولى التي تلت تنصيبه في التركيز بشكل أكبر على تطبيق اتفاقات قائمة، بدلاً من دفع المفاوضات مع المملكة المتحدة وكينيا، التي بدأت خلال عهد الرئيس السابق دونالد ترمب.

ولفتت الوكالة إلى أن هذه السياسة ستمثل جهداً مبكراً من إدارة بايدن لطرح خطة اقتصادية للمنطقة الأكثر أهمية في العالم اقتصادياً واستراتيجياً، بعد قرار ترمب الانسحاب من المفاوضات بشأن "اتفاق الشراكة عبر المحيط الهادئ" في عام 2017.

ونقلت "بلومبرغ"، عن مسؤول في البيت الأبيض، أن لا قرارات في هذا الصدد، مستدركاً أن الإدارة عازمة على تعميق علاقتها مع منطقة المحيطين الهندي والهادئ في مجالات كثيرة، بما في ذلك "التجارة الرقمية".

جاء ذلك بعدما أعلنت وزارة الصناعة وتكنولوجيا المعلومات في الصين، الاثنين، طرح مسوّدة خطة عمل تستمر 3 سنوات لتطوير صناعة الأمن الإلكتروني في البلاد. وقدّرت الوزارة قيمة هذا القطاع بأكثر من 250 مليار يوان (38.6 مليار دولار)، بحلول عام 2023، مشيرة إلى أن هذه المسوّدة تتزامن مع تكثيف السلطات الصينية جهودها لإعداد لوائح لتحسين تنظيم تخزين البيانات ونقلها، وخصوصية البيانات الشخصية.

واقترحت إدارة الفضاء الإلكتروني في الصين، قبل أيام، مسوّدة قواعد تلزم كل شركات التكنولوجيا، التي تضم أكثر من مليون مستخدم، بالخضوع لمراجعة أمنية قبل إدراج أسهمها في الخارج.

وتحدثت صحيفة "ساوث تشاينا مورنينغ بوست"، الصادرة في هونغ كونغ، عن "لعبة قوة" جديدة في الصراع بين واشنطن وبكين، فيما اعتبرت "بلومبرغ" أن اقتراح الصين يشكل خطوة تستهدف تشديد الرقابة بشكل كبير على عمالقة الإنترنت في البلاد، وتقييد قدرتها على زيادة رأس المال في الولايات المتحدة.

"نموذج لاتفاق عالمي"

ويشير المدافعون عن اتفاق مشابه، بما في ذلك ويندي كاتلر، النائبة السابقة بالوكالة للممثل التجاري الأميركي، إلى إمكان الاعتماد على الترتيبات الحالية في المنطقة، بما في ذلك اتفاق التجارة الرقمية بين الولايات المتحدة واليابان، فضلاً عن اتفاقات أخرى أُبرمت بين دول إقليمية، مثل اتفاق التجارة الرقمي بين سنغافورة وأستراليا، واتفاق شراكة الاقتصاد الرقمي بين سنغافورة ونيوزيلندا وتشيلي.

وكتبت كاتلر، وهي الآن نائبة رئيس معهد سياسة المجتمع الآسيوي، في مقال نُشر في أبريل الماضي، أن اتفاق التجارة الرقمية "سيعيد الولايات المتحدة إلى اللعبة التجارية في آسيا، فيما تدرس مزايا الانضمام إلى الاتفاق الشامل والمتقدّم للشراكة عبر المحيط الهادئ".

وقال تشارلز فريمان، نائب الرئيس الأول لشؤون آسيا في غرفة التجارة الأميركية بواشنطن: "نؤيد بشدة التفاوض على اتفاق رقمي، خصوصاً في غياب اتفاق الشراكة عبر المحيط الهادئ. نود أن نرى نوعاً من اتفاق استشرافي، قائم على القواعد في المنطقة، يكون كنموذج لاتفاق عالمي. نعتقد أن الوقت حان لفعل ذلك".

معارضة سياسية

ويمكن لاتفاق مشابه أن يتجنب عثرات سياسية عرقلت المفاوضات التجارية السابقة، بما في ذلك معارضة نقابات عمالية، كما أنه لن يحتاج إلى موافقة الكونغرس، حيث أحبط ديمقراطيون "تقدميون" إبرام اتفاقات طيلة سنوات. ولدى الجمهوريين كذلك قليل من الدعم لاتفاقات التجارة الحرة الشاملة، بعد انتقادات ترمب لاتفاقات أبرمها أسلافه، وفق "بلومبرغ".

وقال نايجل كوري، المدير المساعد للسياسة التجارية في مؤسسة تكنولوجيا المعلومات والابتكار، وهو معهد غير حزبي: "أحد التحديات العديدة التي تواجه سياسة التجارة الحديثة، هو معرفة كيفية موازنة المصالح المتنافسة المختلفة في اتفاق شامل، مع التصنيع والتشغيل والزراعة والخدمات وقواعد البيئة. إنها مهمة صعبة ومعقدة جداً، ولكنها أكثر وضوحاً في الاتفاقات الخاصة بالتجارة الرقمية".

ومع ذلك، على إدارة بايدن مواءمة الاقتراح مع "سياستها التجارية التي تركز على العمال"، والتي حددتها الممثلة التجارية الأميركية، كاثرين تاي.

ولمّح مسؤولون في الإدارة علناً إلى اتفاق محتمل، إذ قال كورت كامبل، أبرز مسؤولي البيت الأبيض لشؤون آسيا، الأسبوع الماضي: "كي تكون الولايات المتحدة فعالة حقاً في آسيا، سنحتاج إلى توضيح أن لدينا خطة اقتصادية وسلسلة ارتباطات، وسترون أجزاء من ذلك في الفترة القليلة المقبلة". وأضاف أن الإدارة تدرس "ما يمكن أن يكون ممكناً على الجبهة الرقمية".

وقبل تولّيه منصبه، قال بايدن إنه لن يسعى إلى اتفاقات تجارية جديدة، قبل أن تستثمر إدارته في قطاعات العمال والمجتمعات الأميركية، وفق "بلومبرغ".