شهدت الحكومة المقترحة من الرئيس الإيراني الجديد إبراهيم رئيسي، أسماء تشملها عقوبات أميركية ودولية، لتنضم بذلك إلى الرئيس المدرج على لائحة العقوبات الأميركية منذ عام 2019.

ومن أبرز الأسماء الواردة في الحكومة العميد محمد رضا قرائي آشتیاني، الذي اختير وزيراً للدفاع، بعد مسيرة عسكرية شهدت توليه العديد من المناصب، آخرها كان اختياره نائباً لقائد أركان الجيش الإيراني، خلفاً لعطاء الله صالحي، باختيار من المرشد الإيراني علي خامنئي، في يوليو 2019.



وبعد 6 أشهر من توليه المنصب، فرضت الولايات المتحدة في 10 يناير 2020، عقوبات على آشتياني ضمن 8 مسؤولين إيرانيين، بسبب دورهم في هجمات صاروخية على القوات الأميركية في العراق، وفق ما ذكرته صحيفة "فاينانشال تايمز" البريطانية.

وأكد الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب أن "هذه العقوبات ستبقى حتى يغير النظام الإيراني سلوكه"، وقال وزير الخارجية الأميركي حينها مايك بومبيو، في مؤتمر صحافي، إن المعاقبين "مسؤولون عن عنف النظام في الداخل والخارج"، مضيفاً أن الولايات المتحدة تستهدف جهاز الأمن الداخلي لإيران، بتلك العقوبات.

ونقلت وكالة "تسنيم" الإيرانية في نوفمبر الماضي، عن آشتياني قوله، إن القوات المسلحة الإيرانية "مستعدة لمواجهة أي تهديد"، وفي فبراير 2020، أكد آشتياني أن قوة بلاده العسكرية "أكبر من أي وقت مضى".

وتضمنت أسماء الحكومة الجديدة، اختيار أحمد وحيدي وزيراً للداخلية، وهو وزير دفاع سابق، أدرجته الولايات المتحدة على القائمة السوداء عام 2010، كما أدرجته الشرطة الدولية "الإنتربول" على القائمة المعروفة باسم النشرة الحمراء، لدوره المحتمل في تفجير مركز ثقافي يهودي، في العاصمة الأرجنتينية بوينس آيرس، ما أسفر عن سقوط 85 شخصاً وإصابة المئات.

كما كان وحيدي مسؤولاً عن العمليات الخارجية لـ"فيلق القدس" التابع للحرس الثوري الإيراني، في نهاية الثمانينيات من القرن الماضي، وفق ما ذكره لتقرير لوكالة "أسوشيتد برس".

كما اقترح رئيسي، اسم عزت الله ضرغامي، لمنصب التراث الثقافي والصناعات اليدوية والسياحة، والذي فرضت عليه عقوبات أميركية في 2013، بسبب "نقل اعترافات معتقلين سياسيين بشكل قسري، والتشويش على القنوات الأجنبية".

"الحرب الاقتصادية"

حقيبة الاقتصاد رشح رئيسي لها، إحسان خاندوزي، وهو أكاديمي في مجال الاقتصاد وعضو في البرلمان عن العاصمة طهران.

ونقلت وكالة "إمنا" الإيرانية عن خاندوزي قوله، إن "الولايات المتحدة أقامت حرباً اقتصادية تسمى العقوبات، للتعامل مع إيران، وإذا أردنا أن ننجح في هذه الحرب يجب أن ننظر إليها مثلهم، على أنها حرب حقيقية. يجب أن نشكل غرفة حرب تسمى غرفة مناهضة العقوبات في مجلس الشورى الإسلامي".

كما جاء في مقدمة الأسماء التي اختارها الرئيس الإيراني الجديد، حسين أمير عبد اللهيان، الذي يمتلك علاقات وثيقة مع النخبة العسكرية في البلاد، ليحل خلفاً لمحمد جواد ظريف في وزارة الخارجية، ما يؤكد التحول في مسار السلطة الإيرانية الجديدة بشأن العديد من الملفات، وأبرزها الاتفاق النووي مع القوى العالمية، بحسب وكالة "بلومبرغ".

وفي حال تمت المصادقة على تعيين عبد اللهيان البالغ من العمر (57 عاماً)، وهو محافظ مناهض للغرب ومقرب من "الحرس الثوري"، و"حزب الله" اللبناني، سيقود فريق التفاوض الإيراني بمجرد استئناف محادثات فيينا لإعادة إحياء الاتفاق النووي المبرم في 2015.

العودة للاتفاق النووي

وعن تسلم أمير عبد اللهيان منصب وزير الخارجية، وإمكانية أن تصبح السياسية الخارجية الإيرانية أكثر تشدداً في المستقبل، قالت نيجار مرتضوي الكاتبة المتخصصة في الشؤون الإيرانية، "ستكون هناك بعض التغيرات، حيث سنرى إقالة جميع المسؤولين المرتبطين بحسن روحاني، كما سنرى في المقابل تعيين قادة مؤيدين للمحافظين والحرس الثوري".

وأضافت نيجار في تصريحات لـ"الشرق"، "من الممكن أن نرى إيران تسعى إلى العودة للاتفاق النووي بغية رفع العقوبات الأميركية، وهذا سيكون بمثابة موقف متناقض مع مبادئ المحافظين".

وبشأن نقل إدارة مفاوضات محادثات فيينا من وزارة الخارجية إلى المجلس الأعلى للأمن القومي، أشارت نيجار إلى أن "إدارة الرئيس الإيراني الأسبق أحمدي نجاد اتخذت ذات الخطوة في بداية تسلمها مهامها، بينما نجاد لم يكن يتفاوض بشأن أي صفقة معينة، ولكن في الوقت الجاري هناك اتفاق، وإيران هي جزء منه".

وتابعت، "إيران هي جزء من الاتفاق النووي الموقع عام 2015، فنظرياً لا يمكن التخلي عن هذه الاتفاقية، ولا ننسى أن إدارة بايدن مستعدة للعودة إلى الاتفاق الذي انسحبت منه واشنطن عام 2018، لذلك سيضطر الوزير الجديد إلى وضع التوازن بين المواقف المتشددة وضرورة العودة للاتفاق النووي".

"حكومة خامنئي"

الخبير في الشأن الإيراني حسن هاشميان، قال إن "المرشد الإيراني علي خامنئي سعى من خلال تشكيل هذه الحكومة إلى إرسال رسالة مفادها بأن بلاده ملتزمة بالأصولية والمبادئ المعروفة للنظام الإيراني".

ووصف هاشميان الحكومة الإيرانية الجديدة بـ"حكومة خامنئي"، قائلاً إنها "حكومة المرشد بامتياز، فهناك 3 مجموعات شكّلتها، وهي مجموعة فيلق القدس، وقادة الحرس الثوري، والمخابرات الإيرانية، إضافة إلى الدائرة الضيقة لإبراهيم رئيسي في السلطة القضائية".

وعن مدى إمكانية أن تحل الحكومة الجديدة المشاكل التي تعيشها إيران في الداخل والخارج، أجاب هاشميان، "لا يمكنها.. فمن الوهلة الأولى أوصلت الحكومة الجديدة رسالة بأنهم سيتخذون سياسة هجومية بامتياز، وظهر ذلك من خلال استهداف الناقلات النفطية في الخليج العربي".

وبشأن مستقبل الاتفاق النووي، قال هاشميان، إن "كل الجهات غير واثقة من عملية استئناف محادثات فيينا خلال الفترة المقبلة"، مشيراً إلى أن هناك "مشاكل وعراقيل كبيرة سيواجهها الاتفاق النووي، كما أنه لا يمكن الاتفاق مع رئيسي في هذا الشأن، فهو اتخذ في الآونة الأخيرة وسائل استفزازية متنوعة خصوصاً في منطقة الخليج العربي وأفغانستان".

وأضاف، "على الولايات المتحدة أن تتحرك بخيارات متنوعة، وبعيدة عن الاتفاق النووي حتى تأتي في حالة تعادلية مع النظام الإيراني، والذي لا يفهم منطق الدبلوماسية والتعايش السلمي".

وبشأن مستقبل العقوبات الأميركية المفروضة على إيران، قال هاشميان، إن "هناك مطالب إيرانية داخلية بالتسريع في عملية رفع العقوبات"، مشيراً إلى أن "من سوء حظ رئيسي وخامنئي أن قرار رفع العقوبات ليس بيد بايدن ولا الإدارة الأميركية الحالية، بل هنالك الكونجرس وعدة جهات تشرف على مثل تلك العقوبات".