وكالات

بدأ وصول بعض المتهمين بتنفيذ هجمات باريس الدامية قبل نحو ست سنوات، إلى محكمة وسط العاصمة الفرنسية



ويشتبه في 20 عنصرا من المتشددين في ارتكاب جريمة "ليلة الرعب"، وصل منهم للمحاكمة حتى الآن ثلاثة، ولم يصل الباقون بعد إلى قاعة المحكمة.

وينكب القضاء الفرنسي بدءا من اليوم الأربعاء وعلى مدى تسعة أشهر على قضية الاعتداءات الدامية في 13 نوفمبر 2015؛ حين هاجم "انتحاريون" ملعب فرنسا، وفتح مسلحون النار على شرفات مقاهٍ، وفي قاعة باتاكلان للعروض الموسيقية، في أعنف هجمات شهدتها فرنسا منذ الحرب العالمية الثانية.

هذه المحاكمة الخارجة عن المألوف، وهي أكبر محاكمة في قضية إجرامية تنظم في فرنسا، تبدأ ظهر اليوم في قصر العدل التاريخي في باريس، وسط إجراءات أمنية مشددة، في إطار من التهديد الإرهابي المرتفع.

وستنظر محكمة الجنايات الخاصة حتى 24 أو 25 مايو القادم في ملفات عشرين متهما بينهم الفرنسي-المغربي صلاح عبد السلام؛ العضو الوحيد على قيد الحياة من مجموعة "الكوماندوس" التي نفذت الاعتداءات بأمر من تنظيم داعش، موقعة 130 قتيلا وأكثر من 350 جريحا في باريس وضاحيتها سان دوني، وخلفت صدمة كبيرة في فرنسا.

وسيحاكم عشرة رجال آخرين سُجنوا طوال فترة المحاكمة بضواحي باريس إلى جانب عبدالسلام، في قفص المتهمين، وهم يحاكمون بتهمة المشاركة في هذه الاعتداءات التي نفذت في وقت كانت باريس لا تزال تحت وقع صدمة هجمات يناير على صحيفة "شارلي إيبدو" الساخرة، التي قتل جميع أفراد هيئة تحريرها تقريبا، وعلى متجر يهودي للأطعمة.

وسيمثل ثلاثة متهمين طليقين قيد المراقبة القضائية فيما سيحاكم ستة آخرون غيابيا.

ويواجه 12 من المتهمين العشرين عقوبة السجن المؤبد.

محاكمة تاريخية في ماراتون قضائي

وأكد وزير العدل الفرنسي إريك دوبون-موريتي الاثنين أن هذه المحاكمة "تاريخية" بعدما زار القاعة التي تتسع لـ550 مقعدا، وبنيت خصيصا للجلسات، واصفا إياها بأنها "ماراتون قضائي"، إلى جانب حجم الملف، فإن هذه المحاكمة غير المسبوقة في المجال الإجرامي من حيث مدتها وعدد أطراف الحق المدني البالغ 1800.

من جهتها تقول مديرة جميعة مساعدة الضحايا المكلفة بتقديم دعم نفسي كارول دامياني، إنها تلقت "العديد من الاتصالات" في الأيام الماضية، وتشعر بأن هناك "قلقا وتوترا".

لحظات حرجة

وستكون إحدى اللحظات المؤثرة الأولى اعتبارا من 28 من الشهر الجاري؛ حين يبدأ حوالى 300 من أقرباء الضحايا والناجين بالإدلاء بإفاداتهم.

سيتناوب ذوو الضحايا أمام المحكمة على مدى خمسة أسابيع لكي يتحدثوا عن تفاصيل "ليلة الرعب" تلك، والندوب التي خلفتها والمآسي الشخصية التي امتزجت بالخوف الجماعي.

وكانت الساعة 21:16 بالتوقيت المحلي ليلة الجمعة 13 نوفمبر 2015؛ حين غرقت فرنسا في الرعب مع قيام انتحاري بتفجير نفسه قرب ملعب "ستاد دي فرانس"، خلال مباراة ودية بين منتخبي فرنسا وألمانيا.

وعلى بعد كيلومترين في قلب باريس قامت مجموعة مسلحة من ثلاثة عناصر بإطلاق النار بالأسلحة الحربية الرشاشة على شرفات مقاه، فيما فتحت وحدة ثالثة من ثلاثة عناصر أيضا النار على الجمهور داخل مسرح باتاكلان خلال حفل موسيقي.

وبعيد منتصف الليل، اقتحمت الشرطة مسرح باتاكلان، فهرب مهاجمان وبدأت عملية مطاردة استمرت خمسة أيام. وفي نهاية المطاف، قتل عبد الحميد أباعود، أحد الإرهابيين الناطقين بالفرنسية، في رأس قائمة المطلوبين لدى فرنسا، وشريك له في 18 نوفمبر خلال هجوم للشرطة على مبنى في سان دوني كانا يختبئان فيه.

وفيما كانت فرنسا تبكي قتلاها وتغلق حدودها وتعلن حال الطوارئ، بدأ تحقيق متشعب على نطاق واسع، بالتعاون الوثيق مع القضاء البلجيكي.

وأتاحت أربع سنوات من التحقيقات تحديد القسم الأكبر من الجانب اللوجستي للاعتداءات، والطريق الذي سلكه عناصر الوحدات عبر أوروبا منذ عودتهم من سوريا سالكين طرق المهاجرين،

وكشف التحقيق عن خلية أكبر خلف الاعتداءات، هي نفسها التي تقف خلف الهجمات على المطار وقطارات الأنفاق في بروكسل، التي أوقعت 32 قتيلا في 22 مارس 2016.

المتهمون الغائبون و"الرجل ذو القبعة"

في غياب أسامة العطار، أحد "أمراء" تنظيم داعش الذي يشتبه بأنه خطط للاعتداءات من سوريا، وغيره من كبار قياديي التنظيم بينهم الأخوان فابيان وجان ميشال كلين، الذين يعتقد أنهما قتلا وتجري محاكمتهم غيابيا، ستتجه الأنظار إلى صلاح عبد السلام ومحمد عبريني؛ "الرجل ذو القبعة" الذي عدل عن تفجير نفسه في مطار بروكسل.

يذكر أن هذه ستكون ثاني محاكمة في قضية إرهاب يتم تصويرها بالكامل، لضمها إلى الأرشيف السمعي البصري للقضاء الفرنسي، بعد المحاكمة في الاعتداءين على شارلي إيبدو والمتجر اليهودي.