لطالما اعتبرت إيران منطقة بحر قزوين وجنوب القوقاز منطقة نفوذ لكن التطورات الأخيرة همشت ذلك دورها إلى حد بعيد.

وذكر موقع "مودرن دبلوماسي" الأمريكي، أنه في الوقت الذي لا يهتم فيه العالم كثيرا بما يحدث في منطقة جنوب القوقاز، لكن أطرافا أخرى لا تزال أكثر اهتماما وتخوض معارك جيواستراتيجية هناك نظرا للأهمية المتصاعدة لتلك المنطقة الهشة، بوصفها ممرا للطاقة بين أوروبا وآسيا الوسطى.



وذكر التقرير أن الأوضاع ازدادت سوءا في المنطقة نتيجة الغياب الغربي المستمر منذ عامين تقريبا، حيث أحجمت أوروبا والولايات المتحدة عن التدخل في حرب ناغورنو قره باغ، العام الماضي، والتي اندلعت بين أرمينيا وأذربيجان، وتسببت في مقتل 7 آلاف شخص تقريبا.

وفي ضوء تصاعد التوترات الحالية بين إيران وأذربيجان، يبدو الغرب غير مهتم مجددا بما يحدث، حتى وإن كانت تلك الأحداث يمكن أن تتسبب في تداعيات أوسع نطاقا للمنطقة، ولمستقبل جنوب القوقاز.

وأوضح التقرير أن طبول الحرب الإيرانيية ضد أذربيجان أصبحت أكثر حدة خلال الأشهر الأخيرة، حيث تشعر إيران بالقلق شديد إزاء الوجود الإسرائيلي جنوب القوقاز، نظرا لعمليات الاغتيال المؤلمة والهجمات الموجهة بدقة، التي شنتها إسرائيل ضد علماء ومنشآت نووية إيرانية، في ظل العلاقة الأمنية والعسكرية المتزايدة بين إسرائيل وأذربيجان، التي تشترك معها إيران في حدود بطول 765 كم. كما أعربت إيران عن قلقها من وجود مرتزقة سوريين تدعمهم تركيا في المنطقة، والذين تم استخدامهم كقوات هجومية أذرية العام الماضي ضد الجيش الأرميني في حرب ناغورنو قره باغ.

وأشار التقرير إلى أن هذا الغضب الإيراني بدا واضحا خلال التدريبات العسكرية التي قامت بها إيران على حدود أذربيجان مؤخرا. ويرى التقرير أن المناورات الإيرانية بالقرب من الحدود مع أذربيجان كان تحذيرًا مستترًا لتركيا من أن طموحاتها المتزايدة ووجودها في المنطقة يُنظر إليه على أنه تهديد

كما تشعر إيران بقلق بالغ إزاء النفوذ التركي المتصاعد في منطقة جنوب القوقاز، خاصة في ظل العلاقات المتشعبة بين أنقرة وباكو، والدور الذي لعبته الحكومة التركية في دعم أذربيجان خلال الحرب الأخيرة، والمناورات البحرية الأخيرة التي تمت بين القوات التركية والأذرية في بحر قزوين، الذي تعتبره إيران منطقة نفوذ لها، وتتابع باستياء تطور العلاقات التركية الأذرية.

وقال التقرير إن إيران لم تكن أبدًا قوة مهيمنة في جنوب القوقاز، على عكس روسيا أو تركيا، وسطاء القوة التقليديين، ولم يكن لها حليف حقيقي لكنها كانت بالتأكيد جزءًا من حسابات دول المنطقة.

ولطالما اعتبر الإيرانيون بحر قزوين منطقة حصرية مشتركة أولاً مع الإمبراطورية الروسية، وفيما بعد السوفييت، وحالياً الاتحاد الروسي. وتلعب الدول الساحلية الأخرى دورًا ثانويًا. وهذا يجعل التحركات التركية في الحوض والتحسن الأخير في العلاقات بين أذربيجان وتركمانستان تطورًا غير سار بالنسبة لإيران - حيث يهدد عدد أقل من الحواجز أمام خط الأنابيب عبر قزوين قدرة إيران على عرقلة المشروع.

ويرى التقرير أن إيران تعوّل جزئيا على روسيا في هذا الملف، خاصة أن الطرفين الإيراني والروسي، يخشيان التقدم التركي، ونفوذ أنقرة في ممرات الطاقة الجديدة بمنطقة جنوب القوقاز، وحسب الأوضاع الراهنة، فإن الأزمات سوف تتفاقم مجددا بين إيران وأذربيجان، وبالتالي تركيا، وبالنظر إلى الوضع الحالي والاستياء الواضح من جانب إيران، فمن المرجح أن طهران ستبادر بالتحرك خوفا من ضياع نفوذها بشكل كامل أمام تركيا وروسيا“، فضلا عن التواجد الإسرائيلي.

وكانت إيران أعربت في أكثر من مناسبة عن ”مخاوف جدية“ حيال ”التواجد“ الإسرائيلي في القوقاز، على خلفية علاقات باكو مع الدولة العبرية، التي تعد مصدرا رئيسيا للسلاح.

وتنتقد إيران منذ فترة طويلة الروابط العسكرية بين أذربيجان وإسرائيل، بما في ذلك شراء أسلحة إسرائيلية، وتتوخى طهران الحذر أيضا من القوميين في تركيا وأذربيجان الذين يعملون على تعزيز الميول الانفصالية بين الأقلية الأذرية في إيران.

ويقول معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام وهو مركز أبحاث رائد في دراسات الصراع والتسليح إن إسرائيل أمدت أذربيجان بأسلحة بنحو 825 مليون دولار بين 2006 و2019.