الحرة

من المحتمل أن يلتقي وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، بنظيره الأوكراني، دميترو كوليبا، خلال أسبوعين لإجراء محادثات، حسبما أعلنت تركيا الخميس بعد استضافتها الطرفين في وقت سابق من هذا الأسبوع.

وقال وزير خارجية تركيا مولود تشاوش أوغلو في مقابلة تلفزيونية "قد يحصل اجتماع على مستوى أعلى، على الأقلّ على مستوى وزراء الخارجية، خلال أسبوع أو أسبوعين"، مشيرًا إلى أن "من المستحيل تقديم موعد".

وأضاف "المهمّ هو أن يجتمع الطرفان وأن يتفقا على وقف دائم لإطلاق النار"، مشيرًا إلى أن تركيا "تودّ استضافة اجتماع لوزيري الخارجية بصفتها وسيط صادق".

والتقى مفاوضون روس وأوكرانيون في إسطنبول، الثلاثاء.

ومنحت المحادثات بصيص أمل لانهاء الحرب في أوكرانيا، لكن لا تزال المؤشرات على تراجع الهجمات على الأرض قليلة.

ووضعت تركيا التي تربطها علاقات ودية مع الجانبين الأوكراني والروسي والعضو في حلف شمال الأطلسي، نفسها كوسيط، واستضافت لافروف وكوليبا في مدينة أنطاليا الجنوبية في مطلع مارس.

وقال تشاوش أوغلو إن أهم تقدم حتى الآن أُحرز في محادثات اسطنبول. وأضاف "هل انتهى كل شيء؟ كلّا.. اتُخذت بعض الخطوات لتخفيف التوتر، حتى لو لا نرى ذلك كثيرًا على الأرض".

وتابع "البعض يقول إنها مناورة تكتيكية. البعض يطرح شكوكًا. نحن حذرون". وأشاد الوزير التركي بمالك نادي تشيلسي لكرة القدم رومان أبراموفيتش لحضوره محادثات اسطنبول ولـ"دوره المفيد" في إنهاء الحرب

تناقضات

أبرزت التصريحات المتناقضة الصادرة عن مسؤولين روس عدم وجود نهج واضح بشأن مفاوضات السلام بين بين كييف وموسكو، وذلك على خلفية الغزو الذي تشنه قوات الأخيرة في أوكرانيا منذ 24 فبراير الماضي، وفقا لتقرير نشرته صحيفة "وول ستريت جورنال".

وكان المتحدث باسم الكرملين، دميتري بيسكوف، إن المحادثات التي جرت يوم الثلاثاء في تركيا بين المندوبين الأوكرانيين والروس لا تمثل نقطة تحول في الصراع، مضيفا: "لم يقل أحد إن الجانبين أحرزتا تقدمًا، ولا يمكننا أن نشير إلى أي شيء واعد بشكل خاص".

وقبل أقل من 24 ساعة من ذلك، وصف كبير مفاوضي موسكو، فلاديمير ميدينسكي، المقترحات المقدمة من كييف في المفاوضات بأنها خطوة بناءة وأبرز احتمال عقد اجتماع بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، لإبرام اتفاق .

وأوضح ميدينسكي أنه كبادرة حسن نية، ستحد روسيا من العمليات العسكرية بالقرب من كييف ومدن أخرى في شمال البلاد، حيث توقفت العمليات الهجومية الروسية في مواجهة المقاومة الشرسة، إلا إن الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، أعلن أنّه لا يصدّق التعهّدات التي أطلقتها روسيا بشأن تقليص عملياتها العسكرية في بلاده، مشيراً إلى أنّ قواته تتحضّر لخوض معارك جديدة في شرق البلاد.

مقاومة مستمرة ويوم الأربعاء، وصفت روسيا تحركات القوات هناك بأنها إعادة انتشار وتموضع تحضيرا للتحضير لعمليات في إقليم دونباس في شرق أوكرانيا.

من جهته، أوضح وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف من بكين، أمس الأربعاء، أن موسكو ما زالت ملتزمة بمحادثات السلام ووقف التصعيد.

وكان ميدينسكي قد أكد أن أوكرانيا أبدت استعدادًا لمعالجة العديد من مخاوف روسيا، ولكن موسكو تراجعت عن تصريحات كبير مفاوضيها بعد فترة وجيزة من عودته من المحادثات في اسطنبول.

ومساء الأربعاء، قال الزعيم الشيشاني رمضان قديروف ، مقطع فيديو موجهًا إلى مقاتليه في أوكرانيا "نحن لا نقوم بأي نوع من عمليات التراجع، والسيد ميدينسكي مخطئ في تصريحاته نوعا ما".

وتابع قديروف: "لا داعي للقلق، فلدينا قائد (بوتين) لديه نظرة مستقبلية تصل إلى 100 عام"، وقال إن المتطوعين الشيشان يستولون على قرى وأراض في أوكرانيا وسوف يأتون قريبًا إلى كييف نفسها.

وقال الجيش الأوكراني، الأربعاء، إنه قاوم التقدم الروسي في منطقتي دونيتسك ولوهانسك في منطقة دونباس ، والتي قالت موسكو خلال الأيام القليلة الماضية إنها ستكون نقطة التركيز الجديدة، موضحا أنه منذ غزو القوات الروسية، فر أكثر من أربعة ملايين شخص من القتال، فيما يعد أكبر وأسرع لجوء في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية.

وقال الرئيس الأميركي جو بايدن لنظيره زيلينسكي خلال أن الولايات المتحدة ستقدم 500 مليون دولار من المساعدات المالية لأوكرانيا لمساعدة البلاد في الحفاظ على الخدمات الحكومية.

وواصلت روسيا ضرباتها بعيدة المدى في جميع أنحاء أوكرانيا، حيث هاجمت ما وصفته بالأهداف العسكرية، وزعمت زارة الدفاع الروسية إنها دمرت معدات عسكرية أوكرانية وقصفت مستودعين كبيرين في منطقة دونباس بصواريخ باليستية قصيرة المدى.

وحذر زيلينسكي من أن القوات المسلحة ستبقى في حالة تأهب في جميع أنحاء البلاد. "الوضع لم يصبح أسهل ولم يتضاءل حجم التحديات، ولا يزال لدى الجيش الروسي إمكانات كبيرة لمواصلة الهجمات ضد دولتنا"

وقال مسؤولون غربيون إن التحول الاستراتيجي العسكري الذي أعلن عنه الكرملين سابقًا ، يشير إلى تركيز أكبر على تأمين وتوسيع أحد معاقله داخل أوكرانيا ، ربما كورقة مساومة في محادثات السلام.

في حين بدا أن الهجمات الروسية مركزة على مناطق بعيدة عن العاصمة يوم الأربعاء ، لم يتم إعادة انتشار معظم القوات الروسية حول كييف في أي مكان آخر، وفقًا لتقييم البنتاغون، إذ قال المتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية، جون كيربي، أن كييف لا تزال مهددة بشدة، مشيرا إلى عدم توقف الغارات الجوية.

وفي حين قال الجيش الأوكراني إنه يرى مؤشرات على أن القوات الروسية تعيد تجميع صفوفها للتركيز على الشرق، أعرب أيضا عن شكه في أن موسكو تخلت عن جهودها للسيطرة على كييف.

وذكر الجيش الأوكراني إن تحركات القوات حول العاصمة قد تكون أكثر بقليل من مجرد تناوب على تغيير الوحدات العسكرية.

في غضون ذلك، بدا أن روسيا تضاعف جهودها لنقل المدن بعيدًا عن كييف.

ويشير خبراء غربيون إلى أن انسحاب روسيا لبعض القوات حول كييف قد يكون وقفة تكتيكية، بعد شهر من القتال فشلت فيه موسكو في السيطرة على مدينة كبيرة ودعت إلى تعزيزات من أعماق روسيا، وفي هذا الصدد ذكرت وزارة الدفاع البريطانية، الأربعاء، إن القوات الروسية، بعد تكبدها خسائر فادحة، ربما تعود إلى بيلاروس وروسيا لإعادة تجميع صفوفها.

من جانب آخر ذكر المتحدث باسم الكرملين أن مكالمة هاتفية استمرت ساعة بين بوتين والرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، ليلة الثلاثاء لم تسفر سوى عن إحراز تقدم في تخفيف الأزمة الإنسانية في مدينة ماريوبول.

وقال بوتين لماكرون إن الظروف ستتحسن عندما تستسلم القوات الأوكرانية، وفقًا لوكالة الأنباء الروسية الرسمية تاس.

ومع ذلك، أكد المتحدث الروسي أن روسيا ليس لديها خطط لتسوية المدن بالأرض، موضحا "ليس لدينا ستالينغراد في التقويم الخاص بنا"، في إشارة إلى المدينة الروسية التي دمرتها ألمانيا في الحرب العالمية الثانية.