الشرق

قال مسؤول دفاعي مطلع إن الولايات المتحدة "اختبرت بنجاح" صاروخاً أسرع من الصوت، في منتصف مارس الماضي، لكنها "أبقت الأمر سراً" لمدة أسبوعين، تجنباً لتصعيد التوتر مع روسيا، حسبما نقلت شبكة "سي إن إن".

وأضاف المسؤول أنه تم إطلاق الصاروخ النفاث الفائق لسرعة الصوت (HAWC) من قاذفة B-52 قبالة الساحل الغربي للولايات المتحدة في أول اختبار ناجح للنسخة التي أنتجتها شركة "لوكهيد مارتن" من هذا النظام.

ولم يسهب المسؤول في الإدلاء بتفاصيل تتعلق باختبار الصاروخ، واكتفى بالإشارة إلى أن الصاروخ "حلّق على ارتفاع يزيد على 65 ألف قدم، وقطع مسافة تزيد على 300 ميل (480 كيلومتراً) "، مشيراً إلى أن "المحرك النفاث المعزز زاد سرعة الصاروخ بدرجة كبيرة، إذ دفعه بسرعات فائقة للصوت بلغت 5 ماخ، وما فوقها".

وتستغرق الرحلة التي تبلغ 300 ميل أقل من 5 دقائق، حال بلوغ الحد الأدنى من نطاق سرعة الصوت (حوالي 3800 ميل في الساعة).

رد على روسيا

وجاء هذا الاختبار بعد أيام من إعلان روسيا استخدامها صاروخ تفوق سرعته سرعة الصوت أثناء غزوها لأوكرانيا، بدعوى استهداف مستودع ذخيرة في غرب البلاد.

وقلّل مسؤولون أميركيون من أهمية استخدام روسيا لصاروخها "كينجال" فوق الصوتي. وقال وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن، حينها، إنه لا ينظر إلى الأمر على أنه "نوع من التغيير في قواعد اللعبة".

وبعد أيام، قال المتحدث باسم البنتاجون جون كيربي، إنه "من الصعب أن تجد مبرراً محدداً لإطلاق الصاروخ"، لأنه استهدف منشأة تخزين ثابتة. ووصف كيربي الصاروخ في ذلك الوقت بأنه "مطرقة شديدة القوة لتدمير هدف كهذا".

والصاروخ "كينجال" هو "نسخة من الصاروخ الباليستي الروسي قصير المدى (إسكندر)"، يتم إطلاقها من الجو". وبعبارة أخرى، وفقاً لتقرير "سي إن إن"، يمثل هذا الصاروخ "شكلاً مغايراً من تكنولوجيا راسخة بدلاً من ثورة في الأسلحة التي تفوق سرعتها سرعة الصوت".

لا يحمل رؤوساً حربية

وجاء الاختبار الأميركي لمحرك نفاث أكثر تطوراً وتعقيداً، إذ لا يحمل الصاروخ النفاث الفائق لسرعة الصوت، رؤوساً حربية، وإنما يعتمد، بدلاً من ذلك، على طاقته الحركية لتدمير الهدف.

وفي وقت الاختبار الذي أجرته الولايات المتحدة، كان بايدن يستعد لزيارة حلفاء الناتو في أوروبا، بما في ذلك توقفه في بولندا، حيث التقى وزيري الخارجية والدفاع الأوكرانيين.

وحرصت الولايات المتحدة على عدم اتخاذ خطوات، أو الإدلاء بتصريحات يمكن أن تؤدي إلى تصعيد التوتر بين واشنطن وموسكو.

تجنب التصعيد

والجمعة، ألغت الولايات المتحدة الاختبار الذي كان من المقرر إجراؤه للصاروخ الباليستي العابر للقارات "مينتمان 3" (ICBM) لتجنب أي تفسير خاطئ للأمر من جانب موسكو.

وكان وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن أرجأ بالفعل الاختبار الذي كان مقرراً في أوائل مارس لتجنب القيام بأي أعمال قد يُساء تفسيرها من قبل روسيا في هذا الوقت بالغ الحساسية.

وبوجه عام، بقيت الولايات المتحدة نوعاً ما، متكتمة بشأن الأسلحة والمعدات التي ترسلها إلى أوكرانيا. ولم تحدد وزارة الدفاع الأميركية، نوعية الأنظمة الدفاعية والأسلحة، إلا في حزمة المساعدات الأمنية الأخيرة التي بلغت قيمتها 300 مليون دولار.

كما عارضت الولايات المتحدة نقل مقاتلات إلى أوكرانيا عبر الولايات المتحدة، خشية أن يؤوِل الكرملين إجراء كهذا على أنه "ولوج في الصراع الدائر في أوكرانيا من قبل الولايات المتحدة والناتو".

وقال المسؤول الدفاعي لـ "سي إن إن"، إن المسؤولين الأميركيين "التزموا الصمت على مدى أسبوعين حيال هذا الاختبار الأخير للصاروخ فائق السرعة لأسباب مماثلة، وحرصاً على عدم إثارة الكرملين أو الرئيس الروسي، خاصة في الوقت الذي توسع فيه روسيا نطاق قصفها لأوكرانيا".

تحقيق الأهداف

ويعد الاختبار الأخير، هو ثاني الاختبارات الناجحة التي تجريها الولايات المتحدة، للصواريخ الأسرع من الصوت، والأول من نوعه لنسخة "لوكهيد مارتن".

ففي سبتمبر الماضي اختبرت القوات الجوية الصاروخ "رايثيون"، من منظومة الصواريخ النفاثة الأسرع من الصوت، والذي يعمل بمحرك "نورثروب جرومان" النفاث.

ووفقاً لبيان صحافي صادر عن وكالة المشاريع البحثية الدفاعية المتقدمة، فقد حقق هذا الاختبار جميع أهدافه الأولية، بما في ذلك سلامة الصاروخ، وانطلاقه، وانفصاله الآمن عن طائرة الإطلاق، وإطلاق النار المعزز.

وبعد ذلك أيضاً قدم المسؤولون تفاصيل قليلة عن الطيران دون إشارة إلى سرعته، أو المسافة التي قطعها. وذكر البيان فقط أن الصاروخ قطع مسافة بسرعات تفوق 5 "ماخ".

وركزت الولايات المتحدة مجدداً على الأسلحة التي تفوق سرعتها سرعة الصوت في أعقاب إجراء روسيا والصين اختبارات ناجحة في الأشهر الأخيرة، ما فاقم تخوف واشنطن من تخلف الولايات المتحدة عن ركب تكنولوجيا عسكرية تعد مهمة للمستقبل.

وفي ميزانية الدفاع للسنة المالية 2023، طلبت إدارة بايدن اعتماد ميزاينة 7.2 مليار دولار لتطوير الأسلحة النارية طويلة المدى، بما في ذلك الصواريخ التي تفوق سرعتها سرعة الصوت.

وفي تقرير صدر العام الماضي، حدد مكتب المساءلة الحكومية، 70 جهداً مرتبط بتطوير الأسلحة التي تفوق سرعتها سرعة الصوت، والتي يُتوقع أن تبلغ تكلفتها حوالي 15 مليار دولار، في الفترة بين عامي 2015 و2024.

فشل تجارب سابقة

وبعد شهر واحد من إجراء أول اختبار ناجح للصاروخ النفاث الأسرع من الصوت، عانت الولايات المتحدة من انتكاسة بسبب فشل اختبار نظام آخر تفوق سرعته سرعة الصوت.

وجاء هذا الإخفاق فور ظهور تقارير أفادت أن الصين اختبرت بنجاح مركبة انزلاقية تفوق سرعتها سرعة الصوت خلال الصيف، وبعد فترة وجيزة من ادعاء روسيا نجاح اختبار صاروخها الفائق لسرعة الصوت، والذي يتم إطلاقه من غواصة، ويحمل اسم "تسيركون".