من باب الصدفة وأثناء تقليبي لمواقع التواصل الاجتماعية ظهر أمامي مقطع لقصيدة سمعتها قبل سنوات «أتاني هواها قبل أن أعرف الهوى ... فصادف قلباً خالياً فتمكنا»، إلا أني حين سمعتها هذه المرة نظرت للبيت حسب مفاهيم هذه العصر. ووجدت أن البيت يحتاج إلى إزاحة القلب واستبداله بالعقل والهوى بعالم التواصل الاجتماعي.

فكيف استطاعت مواقع التواصل الاجتماعي من أن تتمكن من عقول المجتمع بمختلف شرائحه وطبقاته، قد يقول أحدهم، ليس كل أفراد المجتمع مولعاً بمتابعة المشاهير ومواقع التواصل الاجتماعي. والأمر صحيح من ناحية وخطأ من ناحية أخرى.

ينقسم عالم التواصل الاجتماعي على عدة تطبيقات ولكل تطبيق جمهوره ورواده، فمثل تطبيق اليوتيوب يعتبره البعض أو يغفلون أنه جزء من تطبيقات التواصل الاجتماعي، وتجد أغلب الأطفال شبه مدمنين على اليوتيوب ومتأثرين ببعض الشخصيات فيه، وكما الحال مع تطبيق الواتس أب «آسر الجميع»، فهناك فئة من المجتمع تقضي جل يومها على الواتس اب ترسل أو كما يقال «تفرورد» أي شيء وكل شيء، وترى البعض يقطع مسافات ومشاوير في سيارته بينما يقرأ ويرد على جميع المحادثات، فليس من الضرورة أن تكون من مدمني السناب شات أو الإنستغرام، كي تعتبر مسلوب العقل.

وبالحديث عن مدمني السناب شات والإنستغرام، أستطيع القول بأن أغلب متابعيهما يناقضون أنفسهم، حين تجد شخصاً يتابع بعض الشخصيات ممن يقال عنهم «مشاهير» وفي نفس الوقت يذمه ويعتبره شخصاً بلا محتوى ! فلماذا تتابعهم من الأساس؟

هناك في عالم التواصل الاجتماعي شخصيات قدمت ولاتزال تقدم الكثير من الفائدة للمجتمع، شخصيات تصنع محتوى تحمل رسالة وفكراً، سواء ثقافية أو في الاقتصاد أو في مجال الطب أو اللغة أو الشعر أو الرياضة، والكثير الكثير. وللأسف تجد القليل من هؤلاء لديه مجموعة كبيرة من المتابعين، الناس أصبحت تبحث عما نسميه بالعامية «الطماشة» وهذا ما تجده عند صناع الشهرة أو الأصح «صناع الطماشة»، أصحاب مبدأ لا مبدأ، فالمهم الشهرة.

نعم الناس أحرار في من يتابعون أو يشاهدون، إلا أنه من الواجب أن نقول إن ما يعتبرونه مجرد تسلية أو إضاعة وقت الفراغ، أصبح يؤثر في مجتمعنا مع الوقت، حيث أصبحت التصرفات والجمل والكلمات التي يرددها «المشاهير» تنعكس على المجتمع دون إدراك.

فمنذ متى نقول في البحرين جملة «جاب العيد»، «مرة يجنن»، «هلا بالعيال»؟ جمل وكلمات يرددها الصغار والكبار، وأصبحت متداولة بيننا رغماً عنا.

لا يمكن أن نلوم من يصفون أنفسهم «مشاهير» على إفساد الذوق العام أو التأثير فيه، ففي الأخير وجدوا عقلاً خالياً فتمكنوا.