من اللافت الواضح لمن زار الشقيقة «المملكة العربية السعودية» أن يرى كل القطاعات هناك تحمل النكهة السعودية الخالصة. فكل المُلاك والعاملين في القطاعين هم من أبناء المملكة، وسواء كانت مهناً مهمة ورفيعة أو مهناً متواضعة نجد السعوديين يملؤونها كلها دون الحاجة لإحلال الأجنبي محلهم. وإذا كانت ثمة أجانب فهم يمثلون وظائف هامشية وليست عمالة رئيسة فاعلة. هذا في المجمل، واليوم نجدها دخلت المملكة في عمق توطين الوظائف عبر مشروعها الكبير «السَّعودة».فعلى الرغم من كون هذه الأجواء الخاصة بتقديس العمل وعشقه من طرف أبناء المجتمع السعودي إلا أن فكرة «السعودة» هي فكرة «دولة» ورجال أعمال كبار آمنوا بالقدرات والكفاءات السعودية قبل أن تكون فكرة أفراد أو مجتمع. فالدولة هناك تؤكد على أهمية إحلال المواطن السعودي محل الأجنبي كمنهج وكخطة وطنية عبر مشروع «السعودة» الخالص، وهي خطة ليست بعيدة الأمد بل هي خطة واضحة وبدأ تطبيقها منذ سنوات واليوم تُكمل الدولة فصولها.وامتداداً لتفعيل مشروع «السعودة» وتمثُّل إحلال المواطن السعودي كرقم صعب في الاقتصاد الوطني السعودي فقد أعلنت منظومة العمل والتنمية الاجتماعية في السعودية عن إطلاق 68 مبادرة تسهم في تحفيز القطاع الخاص للتوسع في التوطين ورفع معدلات مشاركة القوى البشرية الوطنية في سوق العمل، وتستهدف الأفراد والمنشآت الصغيرة والمتوسطة والمنشآت الكبرى والعملاقة. وتتمثل هذه المبادرات في برامج دعم توظيف المواطنين والمواطنات، ودعم مكاتب توظيف خريجي الجامعات وخريجي المهن التخصصية، وتحويل فروع صندوق تنمية الموارد البشرية «هدف» إلى مراكز تأهيل وتوظيف، ودعم التوطين يتركَّز في قطاعات الاتصالات والصحة والعقار والمقاولات والمطاعم والمقاهي، وتوطين التزويد الحكومي، والتوسع في برامج نقل المرأة العاملة ودعم حضانة أطفال المرأة العاملة، ورفع أعداد المستهدفين في برامج التدريب.السعودية في هذا المجال «لا تُقَشْمِر» المواطنين أبداً ولا تعدهم بمشاريع وهمية أو مؤقتة أو بخطط «تسكيتية»، بل هي برامج وخطط واضحة ومعتمدة تديرها الدولة هناك بأيديها وتعض عليها بأسنانها لأنها آمنت بأن السعودي هو «رقم واحد» في معادلة تطوير الاقتصاد الوطني والمحلي وتنمية السوق وسوق العمل، فالأجنبي لا يمكن أن يكون قلبه على الوطن كما هو حال المواطن، هكذا يعرِّفون «السَّعودة»..نحن طرحنا النموذج السعودي هنا لإيماننا الراسخ به وبقوته وبفعاليته وبأن مشروعهم هو مشروع لإبقاء الجيل القادم على خارطة التوظيف والمهن والسوق، وهو مشروع حكومةِ دولةٍ جارة يمكن الاقتداء به والعمل على استيراده في مشروع «بحرنة» الوظائف بحرنة حقيقية بعيدة عن التلميع الفارغ والوعود المعسولة. طرحناه حتى نعمل معاً على مشروع «البحرنة» بطريقة وطنية خالصة ومخلصة، وألا نسلِّم هذا المشروع لأيدي بعض المتمصلحين من التجار الكبار وبعض المسؤولين الذين تقوم تجاراتهم وثقافتهم على توطين الأجنبي على حساب الكفاءات البحرينية. نحن نحتاج لاستنساخ التجربة السعودية بكل جرأة لأنها تجربة مشرفة ومسؤولة. فهل لمسؤول عندنا أن يقول عكس ما نذهب إليه من نجاح «السعودة» لا سمح الله؟
{{ article.visit_count }}
970x90
{{ article.article_title }}
970x90