إلى أمس وبعد كل ما خضناه مع جماعة «الولي الفقيه» لا مع الشيعة منذ 1995 حتى اللحظة، وبعد كل ما أجرته الدولة على نفسها من تعديلات وتغييرات تعلمت فيها من أخطائها، بقيت تلك الجماعة كما هي لم تتغير ولم تلحظ التغيرات من حولها، ولا أعتقد أنها ستتعلم أو سترى ما يجري حولها، فعيونها كما عقولها مؤجرة لا ترى إلا ما يرى فقيهها! إلى أمس كتبت جريدتهم أن الدراز تعاني من الحصار الأمني!! وقفزت كعادتها عن السبب وذهبت إلى النتيجة، ذكرت أن الحصار الأمني بسبب إسقاط الجنسية لا بسبب أن جماعة احتلت الشارع وتجمعت بصور غير قانونية مما استلزم التواجد الأمني، لو أن أحداً لم يحتل الطرقات بصورة غير قانونية وكانت الناس في بيوتها فهل سيكون هناك داعٍ للتواجد الأمني؟ إنما هذا هو التضليل بعينه وبعلمه الذي يؤجج الجماعة، هذا هو لي الحقائق والقفز على المسؤولية الواجبة.
لم توجه جريدتهم -كعادتها- كلمة واحدة لجماعتها ولم تضع صورة واحدة للتجمع غير القانوني وتتحمل مسؤوليتها في قول الحق بأنه لا دولة في العالم تسمح باحتلال الشوارع وتعطيل مسار الناس، لم ترد كلمة واحدة سواء على لسان من سألتهم أو على لسان من أجرى التقرير أو من خلال مقال أو عنوان نصحت به الجريدة الجماعة بعدم إشغال الطرقات لأن ذلك مخالف للقانون، لم تظهر الحقيقة بأن التواجد الأمني هو نتيجة لتلك المخالفات حتى لا يمتد إشغال الشارع إلى خارج الدراز فتتعطل حياة الناس كما فعلوا في 2011، منذ تأسست هذه الجريدة لم تطلب من الجماعة الالتزام بالقانون وبعدم تعطيل الناس وسد الشوارع والساحات، لم تخبرهم أن ذلك ممنوع في كل دول العالم، لم توجههم لقبول استحقاقات الدولة مثلما توجههم لطلب حقوقهم، لم تكتب كلمة واحدة للجماعة تخبرهم أنهم ليسوا فوق القانون، تتمنع عن مواجهتهم بأخطائهم.
تلك الممارسة الإعلامية غير المهنية تجعلنا نطرح هذا السؤال أي دور يلعبه هذا الإعلام في استمرار الأزمة؟ وأي مسؤولية جسيمة لتضليل الرأي العام يتحملها؟! ثم بعد ذلك يتساءل لماذا خطاب الكراهية ضدنا لماذا لا تعيشون معنا بتسامح؟ كيف نستطيع أن نتعايش مع جماعة لا تريد أن تلتزم معنا بالعهد الذي تعاهدنا عليه وهو الدستور والقانون تحت سقف وظل الدولة؟
شعب البحرين يعيش في تسامح منذ قدم الزمان إلى اليوم بسنته وشيعته عاشوا تحت ظل الدولة بسلام إلى أن ظهر وليكم الفقيه فأقنعكم أن جماعتكم هي شعب الله المختار ولا يجب أن يخضعوا للدولة.
شعب البحرين من سنته وشيعته البارحة جددوا الانتماء والولاء للدولة وللقانون وللدستور، يخضعون لقانونها ولمؤسساتها، فهم أحرار تحت ظلها لا يستعبدهم حاكم ولا تستعبدهم مرجعية دينية، لا مشكلة بين السنة والشيعة ولا مشكلة بين الدولة والشيعة، وجه خطابك إذاً لجماعتك اسألهم متى ستتعلمون وتقتنعون ألا دولة يمكن أن تقبل أن تكون فيها جماعة على رأسها ريشة معفية من الالتزام بالقانون؟
إن كان على الدولة فها هي تعلمت وحرصت على أن تعلنها صريحة منذ بداية الإجراءات القانونية وبكل وسيلة وطريقة ومن كل قيادات الدولة كما أعلنها البارحة جلالة الملك أن خلافها ليس مع الشيعة كطائفة، إنها لا تستهدفهم كفئة، ولا تعطل حرياتهم الدينية ولا مصالحهم ولا حقهم في ممارسة العمل السياسي، ولا تميز في حقهم الوطني في أي منحى، والإجراءات التي اتخذتها سرت على سنة مثلما سرت على شيعة إن كان وقف النشاط السياسي أو كان إسقاط الجنسية أو كان منع الخطابة، إن كان على الدولة فإنها التزمت بالقانون وبالإجراءات القانونية وبتوثيق وتسجيل كل حراكها وتجنبت تكرار أخطاء 2011، أما آن الأوان لك أن تقول إذاً لجماعة «الولي الفقيه» في البحرين وفي كل دول الخليج أن يعزلوا هذه المرجعيات التي قادتهم للدمار ويعودوا مع بقية الشيعة لحضن وطنهم ويعززوا اللحمة الوطنية في ظل ما يرونه من افتقاد للأمن وتساقط للدول، أما آن لإعلام هذه الجماعة أن يدير المرآة ولو لمرة واحدة ويروا الأسباب الحقيقية وراء عزلتهم؟ الكل تعلم من أخطائه أما آن لهذه الجماعة أن تتعلم؟
ويبقي السؤال الأخير.. إذا أصرت هذه الجماعة على عدم مواجهة الواقع والتعلم من أخطائها فإن على الدولة هذه المرة ألا تصطدم معها إلا بالقانون، وتذهب مباشرة إلى منابعها لا إلى مصباتها.