«قرار كنا ننتظره، قرار صائب جداً لأنه يحفظ أمن البحرين، جمعية تسببت بشرخ اجتماعي كبير، وأضرت باستقرار الوطن».
هذه مقتطفات من تعليقات وأحاديث الشارع البحريني التي صدرت على خلفية قرار إغلاق جمعية الوفاق وبيع أغراضها في المزاد العلني والذي تحدد له يوم أمس.
للعلم، إغلاق جمعية الوفاق هو مطلب شعبي كان يريده كثيرون قبل أزمة البحرين 2011 بعدة سنوات، نتيجة ما يعرف باسم «سلمية» المولوتوف والإطارات المشتعلة والمطالب الطائفية، التي كانت تصدر عن مسؤولي الجمعية والرغبة في الاستحواذ على التوظيف والتعليم والخدمات المقدمة من الدولة، ومحاولة تغليب فئة معينة على بقية مكونات المجتمع البحريني، والتشكيك وذم أي منجزات ومكاسب تحصل عليها البحرين، وزاد الإلحاح فيه بعد أزمة البحرين الأمنية وأمام ما يعرف باسم «سلمية» التفجيرات بالقنابل وإرهاب القتل والدهس بالسيارات واستشهاد رجال الأمن والمواطنين، فالشريحة الكبرى من شعب البحرين والتي تعبر عن مطالب الشعب الحقيقية، انتظرت طويلاً تحقيق هذه الخطوة التي تراها عاملاً مهماً وأساساً في اجتثاث منابع الإرهاب في البحرين، والإغلاق لإحدى أبرز دوائر الشر فيها، ومن ثم وأد محاولة احتلال البحرين عن طريق الإرهاب من الداخل.
«الوفاق» شطحت كثيراً على أمل تأسيس نسخة من «حزب الله» اللبناني على أرض مملكة البحرين، وتمنت أن يتكرر سيناريو إسقاط نظام الحكم، كما حدث بالعراق، كما منت نفسها كثيراً وهي تطرح أجندتها الإرهابية بأن تكون «الوفاق» حزباً مستقلاً ينافس الحكم في المملكة ويحظى بقيادة الحكومة المنتخبة، وهو عشم إبليس في الجنة، وارتفعت وتيرة الوهم مع موجة ما يسمى بـ«الربيع العربي» حيث كشفت الجمعية عن وجهها القبيح وسقطت أقنعة أعضائها!
من يعول على أن القرار قد يحمل تراجعاً، عليه أن يستوعب أن الوفاق ليست فوق القانون في البحرين، وليست استثناءً، فالقانون يطبق على الجميع والوفاق بالنهاية حسب ما كشفته أحداث أزمة 2011 هي بالأصل جمعية مخابرات إيرانية وأحد الأذرع الإرهابية التي شكلتها إيران في الدول العربية لضرب أمنها واستقرارها والشواهد على ذلك كثيرة، لعل أبرزها اجتماعاتها المريبة مع القيادات الإيرانية و«حزب الله» اللبناني ودعمها للعمليات الإرهابية ودفاعها المستميت دائماً عن الإرهابيين وتبرير إجرامهم بدعاوى المظلومية والتمييز الطائفي الذي لم يعرفه شعب البحرين إلا من خلال ممارسات «الوفاق» ومنهجيتها أصلاً، وكذلك دعمها للخلايا الإرهابية التي تكاثرت وتآمرها من محاولة الانقلاب الفاشلة في 2011 ومحاولة تنفيذ الانقلاب المسلح بعدها في 2014، فحتى خطاباتها الإعلامية وتلويح أمينها العام باستخدام القوة والتدخل الخارجي أكثر من مرة كلها دلائل على أن الجمعية بالأصل بعيدة عن مبادئ وعمل الجمعيات السياسية، ومن يعتقد أن ما تمارسه يدخل في مفهوم المعارضة، يعد جاهلاً سياسياً.
المعارضة في أي بلد مع مصلحة الشعب أولاً وأخيراً، لا مع مصالح أنظمة خارجية ليست لها علاقة بالشعب، حتى عندما نأتي إلى «الوفاقيين»، نجد أن تقديم المصلحة الفردية أهم بكثير لديهم من المصلحة العامة والوطنية، والدليل على ذلك انتخابات 2006، عندما طرحت «الوفاق» قوائم انتخابية لمرشحين بعضهم مستواه العلمي لا يتعدى المرحلة الابتدائية ضد مرشحين من نفس الطائفة ذوي مستويات تعليمية متقدمة، ومارست الاستبداد والضغط على أتباعها بالتصويت لهم إصدار الفتاوى الدينية وما يعرف بـ«صكوك الجنة والنار»، فمن لا يصوت لهم سيدخل النار ومن يصوت لهم يدخل الجنة! أليست تلك التصرفات تعد مهزلة أمام دول العالم لو علموا بما قام به مسؤولو الوفاق؟! هل هناك جمعية سياسية في العالم تقوم باستغلال منابر الدين بهذه الطريقة غير المنطقية؟! هناك أيضاً علامات استفهام كثيرة كانت تثار في الشارع البحريني حول الذمة المالية لجمعية «الوفاق»، فسؤال «من أين لك هذا؟» كان يردد كثيراً ويطرح، لذا لا غرابة في أن نجد أن أحد أذرع الوفاق الدينية المدعو عيسى قاسم رصيده البنكي فيه مبلغ قيمته عشرة ملايين دولار، مما يؤكد حجم التمويلات المالية المريبة التي يحظون بها في سبيل إنجاح مشروع تأسيس دولة إرهابية داخل الدولة!
أما أولئك الذين «يردحون» كثيراً على مسألة إغلاق «الوفاق» وبيع أعراضها في المزاد العلني ويطلقون التصريحات المسيئة للقرار الصادر ويقدمون التحليلات المضحكة، هم بالأصل يدركون أن الجمعية لو كانت تحظى بأدنى مكونات الكرامة والحرية لما اختارت أن تكون «إمعه» للتوجيهات الإيرانية وبوقها الإعلامي على أرض البحرين، ولحفظت كرامتها من أن يوصف مسؤولوها في تاريخ البحرين السياسي بـ«العملاء والخونة»! تبدو القرارات الأخيرة للحكومة على أنها خطوات لتصفية الخلايا الإرهابية والكيانات العميلة للخارج، بقطع جذور الإرهاب في البحرين للأبد، فأمام التحديات الأمنية المفروضة علينا في المنطقة نحن أمام مفترق طرق وأحياناً تأخير تنفيذ خطوة واحدة في الوقت المناسب قد يكلفك غالياً لاحقاً ويقلب المسألة برمتها. إغلاق «الوفاق» يتماشى مع المقولة الشعبية المعروفة «غدى الشر وحصاه وانزاحت عن درب المسلمين»، وكذلك عن درب الجمعيات السياسية البريئة مما تقوم به إلى جانب مفهوم المعارضة الذي شوه ولصق بها زوراً وهي بعيدة كل البعد عنه فهي بالأصل جمعية إيرانية الهوى.
تعريف الخيانة للوطن واحد، لا يتجزأ ولا يتغير، هؤلاء خونة وعملاء للخارج وليسوا معارضين، ومن يطلق عليهم لقب معارضة فهو جاهل ولا يعلم ألف باء المعارضة، ولا يدرك مفاهيمها.