أكد حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى أن للأزهر الشريف وعلمائه الأجلاء دوراً رائداً في خدمة قضايا الإسلام والمسلمين وإن المكانة المرموقة للأزهر ومشايخه في قلوب المسلمين من مشارق الأرض ومغاربها تلقي بالمزيد من المسؤوليات التي نثق بأن الأزهر برجاله الحكماء قادر على القيام بها خير قيام.
وأشار جلالته، خلال زيارته أمس مشيخة الأزهر الشريف، في إطار الزيارة الرسمية التي يقوم بها جلالته لجمهورية مصر العربية، إلى أن الرصيد العلمي والفكري والثقافي الذي يمتلكه الأزهر الشريف يجعل منه المؤسسة الإسلامية التي تستحق ريادة الساحة الإسلامية بفكر وسطي معتدل يترجم النهج الحضاري الذي قام عليه الأزهر منذ أكثر من ألف عام.
ولدى وصول جلالة الملك المفدى، كان في استقبال جلالته فضيلة الإمام الأكبر د.أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف ووكيل الأزهر د.عباس شومان وفضيلة الأستاذ الدكتور محمود حمدي زقزوق عضو هيئة كبار العلماء و فضيلة الأستاذ الدكتور إبراهيم الهدهد رئيس جامعة الأزهر وفضيلة الأستاذ الدكتور عبدالفتاح عبدالله بركة عضو هيئة كبار العلماء وفضيلة الأستاذ الدكتور محمد عبدالفضيل القوصي عضو هيئة كبار العلماء وفضيلة الأستاذ الدكتور نصر فريد واصل عضو هيئة كبار العلماء، ومستشار شيخ الأزهر القاضي محمد عبدالسلام، وأمين مجمع البحوث الإسلامية الدكتور محيي الدين عفيفي، ورئيس قطاع المعاهد الأزهرية الدكتور محمد أبوزيد الأمير، وعدد من المسؤولين.
والتقى حضرة صاحب الجلالة الملك المفدى بفضيلة الإمام الأكبر الدكتور احمد الطيب شيخ الأزهر الشريف.
وألقى فضيلة الإمام الأكبر الدكتور احمد الطيب شيخ الأزهر الشريف كلمة هذا نصها:
بسم الله الرحمن الرحيم
حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة – ملك مملكة البحرين والوفد الكريم المبارك
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
واسمحوا لي جلالتكم أن أعرب عن سعادتي الغامرة بزيارتكم لمصر وللأزهر الشريف: جامعاً وجامعة، وإنه لشرف كبير لنا أن تخصونا بهذه الزيارة العزيزة على قلب علماء الأزهر وطلابه وهيئاته العلمية والتعليمية.. فمرحباً بكم جلالة الملك في قلب الأزهر الشريف، هذه المؤسسة العريقة التي مضى عليها الآن أكثر من ألف عام من عمر الزمان، وهي قائمة على أمانة تعليم الإسلام لأبناء المسلمين، كما أنزله الله تعالى، وكما بلغه رسول محمد صلى الله عليه وسلم: ديناً ينشر الإخاء والتعارف، ويؤسس للعيش المشترك.. ويدعو الناس إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة، ويجادلهم بالتي هي أحسـن.
ولعلي لا أعدو الحق والصوات لو قلت: إن تشريفكم اليوم ليس تقديراً للأزهر فحسب، وإنما هو تقدير وتكريم لأكثر من مائة دولة من دول العالم الإسلامي في القارات الست، ترسل بأبنائها وبناتها ليدرسوا في الأزهر الشريف علوم الدين والدنيا، ويتخرجون فيه سفراء سلام، ورسل هداية، وعلماء عدولاً ينفون عن هذا الدين الحنيف تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين.
وإن هذه الأريحية الملكية التي شملتم بها الأزهر وعلماءه اليوم ليست بغريبة على البحرين الشقيقة، ولا على مليكها الذي جمع إلى فضيلتي العدل و الحكمة، بعد النظر وسعة الصدر، والبصر بالملمات في إقبالها وإدبارها، والتعامل معها بحنكة السياسي القدير، والقائد الحازم، والأب الرحيم، وهي ليست غريبة أيضاً على شعب البحرين الذي كانت أرضه وستظل إن شاء الله مجمعاً للثقافات والأفكار والمذاهب، وبوتقة تنصهر فيها كل هذه التنوعات، وتترك بصماتها على الشخصية البحرينية لتتفرد بالعقلانية واستيعاب التحديات واستثمارها دائماً لصالح لوطن و قضاياه الكبرى.
والأزهر الشريف إذ يقدر البحرين الشقيقة تقديراً خاصاً لما لها من منزلة خاصة في التراث الإسلامي و خصوصية في الثبات على الإسلام ودعمه ومساندته منذ أيامه الأولى في عهد النبي «صلى الله عليه وسلم» على ما يتبين للباحث في كتب السيرة والسنة.
إن الأزهر إذ يقدر كل ذلك فإنه اليوم يقف داعماً لوحدة شعب البحرين واستقلال إرادته، وعدم التدخل في شؤونه الداخلية.
والأزهر إذ يعلن ذلك فإنه لا يتحدث بلغة السياسة ولا يسلك في دروبها، فهو بحكم مسؤوليته الدينية والتاريخية بعيد كل البعد عن هذا المجال الذي يدعه لأهله وفرسانه وقادته، ولكن الأزهر مسؤول في المقام الأول عن التصدي للأصوات المنكرة التي تعبث بأمن البلاد والعباد وتلبس في الوقت نفسه ثوب الإسلام زوراً وبهتاناً، وتخدع الجماهير الطيبة بفتاوى بعض العمائم، التي تدعو إلى تقسيم الولاء للأوطان وتوزيعه، وترسيخ الانتماء إلى قوى خارجية تتربص بالأمة وتزرع الفتنة والشقاق والتشرذم بين أبنائها.
فالولاء للوطن من مقاصد الشريعة الإسلامية وأصل من أصولها، وكفى أن شريعتنا تعلمنا أن من مات دون أرضه أو دون عرضه أو دون ماله فهو شهيد، بل من مات غريباً عن أرضه ووطنه فهو شهيد كذلك، وفي ذلك ما فيه من الدلالة القاطعة على حرمة الأوطان وقدسيتها.. وإن الاستشهاد في سبيلها استشهاد في سبيل الله.
صاحب الجلالة الملك/ حمد بن عيسى ملك البحرين.
سعد بكم الأزهر الشريف، وسعدت مصر وشعبها بهذه الزيارة الكريمة، المفعمة بالمحبة والأخوة، والتي جاءت لتؤكد على رسوخ العلاقات بين شعبي البلدين العريقين الشقيقين: مصر والبحرين.
شكراً جزيلاً
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بعد ذلك تفضل جلالة الملك المفدى بإلقاء كلمة سامية هذا نصها:
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين،
صاحب الفضيلة الإمام الأكبر الدكتور/ أحمد محمد أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف
أيها الإخوة الأعزاء...
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
بداية يسرني أن أشكر فضيلتكم على كلمتكم القيمة، الداعمة والمساندة لمملكة البحرين، وهذا الموقف الأصيل ليس غريباً على الأزهر الشريف وعلمائه المحترمين، الذين عرفوا بالوسطية والاعتدال والحكمة والانتصار للحق.
أيها الإخوة الكرام،
بفخر الانتماء لأمتنا العربية والإسلامية؛ سعدنا بزيارة أرض الكنانة مصر الأزهر، حرسها الله قيادة وشعباً، مثمنين لأهل مصر مواقفهم المشرفة عبر التاريخ الذي يمثل الأزهر الشريف بعلمائه الأجلاء صفحة من صفحاته المحفورة بالعز والفخر عبر تاريخ مصر الحضاري العريق.
وإذ تجمعنا بجمهورية مصر العربية الشقيقة بشعبها وبقيادتها الحكيمة وعلى رأسها فخامة الأخ الرئيس عبدالفتاح السيسي أواصر الأخوة المتجذرة عبر تاريخ أمتنا المجيد؛ فإننا نسأل الله العلي القدير أن يديم ويتم ما بيننا من علاقات وروابط أخوية صادقة وتعاون بناء في كل المجالات، مستذكرين في هذا المقام ما تفضلتم به فضيلتكم من كلمات في زيارتكم لمملكة البحرين والتي أسعدتنا، حين قلتم: «إن للوطن البحريني في عقولنا وقلوبنا مكانة خاصة فهو الوطن العريق الذي تلاقت فيه الحضارات والثقافات الإنسانية واستطاع أن يستوعبها ويصوغ منها في ضوء ثقافته الإسلامية الغراء مزاجاً متحضراً رائداً في المنطقة متميزاً بالاعتدال والتوازن، ومتسماً بالتفتح والتسامح وسعة الأفق والتعاون على العيش المشترك». وأن نظرتكم هذه هي ما نراه نحن أيضاً تجاه مصر. صاحب الفضيلة الإمام الأكبر: إن للأزهر الشريف وعلمائه الأجلاء دوراً رائداً في خدمة قضايا الإسلام والمسلمين وإن المكانة المرموقة للأزهر ومشايخه في قلوب المسلمين -من مشارق الأرض ومغاربها- تلقي بالمزيد من المسئوليات التي نثق بأن الأزهر برجاله الحكماء قادر على القيام بها خير قيام. وإن الرصيد العلمي والفكري والثقافي الذي يمتلكه الأزهر الشريف يجعل منه المؤسسة الإسلامية التي تستحق ريادة الساحة الإسلامية بفكر وسطي معتدل يترجم النهج الحضاري الذي قام عليه الأزهر منذ أكثر من ألف عام. وإذ نقدر لفضيلتكم جهودكم في نشر الفكر الإسلامي الوسطي، مثمنين الدور الكبير الذي تضطلعون به ورجال الأزهر الشريف في حراسة الإسلام والدفاع عن قضايا المسلمين؛ فإننا نعتز بهذه الريادة للأزهر الشريف الذي يكن له شعب البحرين بتنوع وتعدد أطيافه كل تقدير واحترام.
سائلين الله تبارك وتعالى أن يحفظ مصر وشعبها وأن يديم عليها الأمن والرخاء، وأن يوفقنا جميعاً لخدمة ديننا وأمتنا إنه خير مسؤول وأكرم مأمول.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،،
بعد ذلك قدم شيخ الأزهر الشريف هدية تذكارية إلى جلالة الملك المفدى. وودع فضيلته جلالة الملك المفدى وشكره على الزيارة الكريمة.