باتت بورما التي تواجه منذ سنتين التحديات الناجمة عن الانفتاح السياسي، تدرك اليوم القدرة المدمرة لأعمال العنف المعادية للمسلمين التي يقف وراءها زعماء متطرفون من بينهم رهبان بوذيون من القوميين المتطرفين.
وأسفرت أعمال العنف التي يقوم بها بوذيين من أقلية الراخين ضد المسلمين من أقلية الروهينجيا المحرومة من الجنسية عن مقتل ونزوح الآلاف غرب البلاد خلال العام الماضي. وامتدت موجة الحقد ضد الأقلية المسلمة إلى مواقع التواصل الاجتماعي حيث وصفها البعض بأنها مجموعة من «المهاجرين غير الشرعيين» و»الحقيرين».
واندلعت أعمال عنف جديدة منذ 10 أيام استهدفت مواطنين بورميين مسلمين قدم بعضهم أحياناً منذ اكثر من قرن من الهند أو بنغلادش أو الصين. وسقط عشرات القتلى واحرق العديد من المساجد في منطقة شاسعة بوسط البلاد. وفي حين تناقضت الشهادات حول اندلاع أعمال العنف رجح المراقبون أن تكون وراءها عملية منسقة.
وقال جيم ديلا جياكوما من مجموعة الأزمات الدولية إن «الطريقة المنهجية والمنتظمة التي دمرت بها إحياء بكاملها توحي بوضوح بأن وراءها استعدادات قامت بها عناصر متطرفة».
وأضاف أن «هناك عناصر استفزازية نشطة في البلاد لها أهداف متطرفة معادية للمسلمين ومن بينهم رهبان بوذيون نافذون».
وعلت أصوات من المجتمع المدني ورجال الدين تدعو إلى الرد على هذا التصعيد في الخطاب الخطير وأعمال العنف التي تعرقل المرحلة الانتقالية نحو الديمقراطية.
وهذا التصعيد ناجم عن أعضاء في القيادة البوذية كانوا طيلة عقود في طليعة النضال من اجل الديمقراطية وأصبحوا الآن يدعون البوذيين إلى الزواج وتعاطي الأعمال فيما بينهم حصرا. وانتشرت ملصقات صغيرة تحمل الأرقام «969» ذات القيمة الرمزية للبوذيين على سيارات الأجرة والمحلات التجارية التي يفترض بها أن ترفض التعاطي مع الزبائن المسلمين.
ويتحدث الجميع عن رئيس دير ماندلاي أشين ويراثو الذي يتهم المسلمين باختراق الأحزاب السياسية في البلاد وبتشكيل خطر على البلاد.
كذلك يقول خطاب بث على الإنترنت إن المسلمين «سيأخذون بناتنا بأموالهم، سيرغمونهن على اعتناق الإسلام وسيصبح كل هؤلاء الأطفال يشكلون خطراً على البلاد، سيدمرون لغتنا وديننا».
وفي بلد ترى فيه الأغلبية البرماوية أن البوذية جزء لا يتجزأ من الهوية الوطنية، يلقى هذا الخطاب تجاوباً.
لكن الرئيس ثين شين أراد في أول خطاب إلى الأمة منذ بداية الاضطرابات، أن ينآى بنفسه عن ذلك الخطاب محذراً «الانتهازيين السياسيين والمتطرفين المتدينين» بأنه «لن يتسامح» مع أعمالهم.
لكن زعيمة المعارضة أونغ سان سو تشي التي اتهمت مراراً خلال الأشهر الأخيرة بمراعاة طموحاتها الانتخابية، تلزم الصمت بهذا الصدد وبعدما اتخذت موقفاً متحفظاً في 2012 لم تصدر تصريحاً كذلك حول أعمال العنف الأخيرة.
وقال جيم ديلا جياكوما «حان الوقت كي يواجه القادة السياسيون تحدي التأثير على الرأي العام بدلا من اتباعه» مؤكداً أن على الزعيمة الحائزة نوبل للسلام أن «تستعد لتقف بشكل نشاط لا لبس فيه إلى جانب السلام والتسامح».
والثلاثاء الماضي، قتل 13 شخصا بينهم أطفال في حريق اندلع في مدرسة للمسلمين في رانغون، ما أثار غضب واستنكار مسلمي المدينة بعد أعمال العنف الطائفية الأخيرة وذلك على الرغم من تطمينات الشرطة بأن الأمر ناجم عن حادث.