كتب - حسن عدوان:
على مبانيها القديمة وآثارها التاريخية تجد العديد من اللمسات والإشارات الحضارية التي تعود لآلاف السنين، وتستمد المباني الحديثة شيئاً من ألقها التاريخي، فمن جامع الفاتح إلى مسجد الخميس مروراً بقلاع البحرين والرفاع وعراد ومعبد باربار وبيت القرآن، وتلتقي الثقافة المادية مع الشفاهية لتشكلا مسيرة إنسان وقصة حضارة.
والعديد من المؤشرات الثقافية في البحرين تفتح الباب واسعاً أمام إمكانية تنشيط السياحة الداخلية، فالمتاحف والقلاع ومراكز الجذب الثقافي تجد الاهتمام من قبل المسؤولين بأعلى مستوياتهم.
وتتميز البحرين بالغنى والعراقة منذ القدم، وقد تم الكشف عن الحضارات القديمة مؤخراً بواسطة علماء في الآثار والتاريخ من مختلف أرجاء العالم.
ودلت الاكتشافات الحديثة أن البحرين كانت في الواقع موطن حضارة دلمون المفقودة التي يعود تاريخها إلى الألفية الثالثة قبل الميلاد وفيما يأتي أهم عناصر السياحة الدينية والتاريخية في مملكة البحرين، من بيت القران وجامع الفاتح ومسجد الخميس ومنزل الشيخ عيسى، منزل سيادي، بيت الجسرة، قلعة الشيخ سلمان بن أحمد الفاتح، قلعة البحرين، قلعة الرفاع، قلعة عراد، معبد باربار، مستوطنة سار، مركز التراث، متحف البحرين الوطني، متحف الغوص واللؤلؤ، متحف راشد العريفي، متحف النقود، متحف النفط، بئر النفط رقم 1، التلال الأثرية.
بيت القرآن
يقع في المنامة وقد افتتح في مارس 1990 ويعتبر نموذجاً للمتاحف المتخصصة وهو مكون من عدة طوابق بتصميم حديث على الطراز الإسلامي ويضم تشكيلة شاملة وقيمة من المخطوطات القرآنية الثمينة. يشمل مبنى بيت القرآن مسجداً، مكتبة، مدرجاً، مدرسة ومتحفاً يتكون من خمس قاعات لعرض المخطوطات، إضافة إلى التحف الإسلامية والمجوهرات النادرة والزجاجيات المطرزة بالذهب.
جامع الفاتح والخميس
يقع بمحاذاة شارع الفاتح السريع بمدينة المنامة، وقد افتتح في عام 1988 ويعتبر من أجمل وأكبر الجوامع في البحرين، حيث يتسع إلى 700 مصل، ويطلق عليه «مركز أحمد الفاتح الإسلامي» نسبة إلى الشيخ أحمد الفاتح الذي فتح البحرين في سنة 1783.
ويضم المركز المعهد الديني لتحفيظ القرآن الكريم والمكتبة وإدارة الأوقاف السنية ودار القرآن الكريم، ويتكون الجامع من ثلاثة أقسام رئيسة وهي الباحة الكبرى ومصلى للرجال وآخر للنساء ويمثل التصميم الطراز الإسلامي العريق، كما نقشت على جدرانه آيات من القران الكريم، والزخارف الإسلامية القديمة التي تعبر عن مدى الذوق الرفيع الذي تميز به المسلمون الأوائل.
إلى ذلك يشتهر مسجد الخميس بمنارتيه التاريخيتين. ويعد المسجد من أقدم الآثار الإسلامية في المنطقة حيث تم وضع الأساس له في عام 692 ميلادي على ما هو شائع . ولكن بعض الكتابات الموجودة في الموقع توضح أن تاريخ تأسيس المسجد يعود للقرن الحادي عشر الميلادي. أعيد بناء المسجد مرتين، في القرنين الرابع عشر والخامس عشر الميلادي حيث أضيفت المنارتان والجدير بالذكر أنه تم ترميم المسجد جزئياً مؤخراً.
منازل وبيوت
يقع في مدينة المحرق القديمة. كان منزل الجد الأكبر للشيخ عيسى بن علي آل خليفة. يمثل نموذجاً أصيلاً لفن العمارة التقليدي المحلي، مع برج الرياح، النقوش الجدارية والشبابيك يعتبر برج الرياح، الذي يعد بصمة تقليدية للهندسة المعمارية المحلية، من أول أنواع «التكييف الجوي» المستخدمة. يتخذ شكل مدخنة تشفط الهواء إلى الداخل لتلطيف الجو في الأسفل، وفي الوقت نفسه طرد الهواء الساخن إلى الخارج.
فيما يعتبر منزل سيادي بالمحرق رائعة من روائع العمارة البحرينية القديمة في القرن التاسع عشر حيث تم بناؤه من قبل تاجر اللؤلؤ أحمد بن قاسم سيادي ويمتاز بخواص وتفاصيل لا يمكن تجاهلها مثل نوافذ الزجاج الملون والسقوف المزخرفة والواجهات المحفورة وصندوق خزانة كبير محفور بداخل جدار غرفة استقبال صغيرة.
قام بتشييد بيت الجسرة الشيخ حمد بن عبدالله آل خليفة في عام 1907 وفي الثلاثينات من القرن الماضي كان مقراً لإقامة حاكم البحرين، وقد أعيد ترميمه في 1986 وهو مفتوح للزيارة العامة حالياً وشيد هذا البيت على نمط العمارة البحرينية التقليدية باستخدام المواد المتوفرة محلياً آنذاك كالحجارة البحرية والطين وجذوع النخيل والجص.
القلاع في البحرين
تقع القلعة فوق جرف صخري يطل على الصحراء المحيطة بين المستوطنات القديمة في الرفاع الشرقي ومدينة الرفاع الحديثة الواقعة قبالتها على التل، وقد بناها الشيخ سلمان بن أحمد الفاتح عام 1812 ميلادي، واتخذها مقراً لحكمه وتمتاز بموقعها الاستراتيجي المطل على المنطقة المحيطة بها.
وقد أعيد مشروع الصيانة والترميم المكثف للقلعة إلى ما كانت عليه سابقا بعد أن ظلت مهجورة لفترة طويلة وهي اليوم مفتوحة للزوار وتعد من المعالم السياحية الهامة في البحرين.
تبعد قلعة البحرين حوالي 17كم من مدينة المنامة، وتقع في قرية كرباباد المشهورة بصناعة السلال التقليدية، ويطلق عليها البعض «قلعة البرتغال»، وتعتبر من أهم القلاع التاريخية في منطقة الخليج العربي، حيث تقع في موقع تاريخي تعاقبت عليه عدة حضارات تعود لمراحل تاريخية مختلفة، واخرها الفترة الإسلامية حيث توجد القلعة.
وهذه القلعة بناها البرتغاليون عندما قدموا إلى البحرين في عام 1522، وكانت هناك قلعة صغيرة بناها أهالي البحرين، وأضاف البرتغاليون إليها أسواراً عالية ضخمة مربعة وخندقاً يحيط بالقلعة وهذا ما نراه اليوم.
كانت قلعة الرفاع من موقعها الشامخ فوق تلة منخفضة، مطلة على الوادي الذي يفصل بين شرق الرفاع وغربها، تحتل موقعاً استراتيجياً مثالياً أثناء القرن الثامن عشر بعد ذلك أصبحت تستخدم كمقر سكن خاص قبل أن يعاد ترميمها وفتحها كمعلم سياحي للجمهور. يختص قسم منها بفنون الخط العربي، ويضم عرضاً جميلاً لوثائق قرآنية ودينية مضاءة، مع قسم آخر للسوق التقليدية الشعبية في الثلاثينات، فضلاً عن معرض للصور والحرف اليدوية التي كانت تمثل مصدر ثروة البحرين قبل اكتشاف النفط.
قلعة عراد يرجع تاريخ بنائها إلى القرن السابع عشر، حيث تمثل هذه القلعة العربية الأصيلة معلماً بارزاً يرحب بزوار البحرين منذ وصولهم نظراً لمجاورتها مطار البحرين الدولي.
معابد باربار
خلال التنقيب عن الآثار والذي بدأ ما بين 1950-1960 تم العثور على ثلاثة معابد حجرية ترجع إلى القرنين الثاني والثالث قبل الميلاد ويعتقد أنها بنيت كمعابد لإله الينابيع «انكي»، حيث يعزز هذه النظرية وجود بئر مخصص لعبادة الآلهة في هذا المكان وهذا المعبد يشبه إلى حد كبير تلك المعابد الموجودة في بلاد الرافدين.
مستوطنة سار
تقع في قرية سار، وأفضل الطرق للوصول إليها هو الطريق الرئيس للقرية حيث توجد اللوحات الإرشادية وتعتبر هذه المستوطنات من أهم الاكتشافات الأثرية التي تعود إلى فترة دلمون في الآونة الأخيرة، حيث تحتوي على نماذج من البيوت السكنية التي قطنها أهالي دلمون منذ 4000 سنة.
مركز التراث
يقع بجوار باب البحرين ويتألف من تشكيلة رائعة من الغرف، تصور كل واحدة منها مشهداً رائعاً من الحياة التقليدية البحرينية إلى جانب ثلاث غرف لصور أرشيفية لا غنى عن مشاهدتها. تتضمن المواضيع المطروحة الزي التقليدي، الصقور، حرفة صيد السمك، الموسيقى والألعاب الشعبية، الفنون الحديثة، الغوص لاستخراج اللؤلؤ، الخناجر والسيوف وغيرها.
متاحف
يقع على مفترق شارع الفاتح وجسر الشيخ حمد المؤدي إلى مدينة المحرق. افتتح في ديسمبر 1998 ويعتبر من أحدث المتاحف في الشرق الأوسط، وأكبرها مساحة ويضم المتحف عدة قاعات تتحدث عن تاريخ البحرين منذ العصر الحجري، مروراً بالحضارات القديمة حتى فترة ما قبل اكتشاف النفط.
ولا تكتمل زيارة أي مهتم للتاريخ والتراث إلا بزيارة هذا المتحف الحضاري.
ويقع متحف الغوصص والؤلؤ في شارع الحكومة، ويبعد عدة أمتار فقط من مبنى باب البحري، افتتح هذا المبنى عام 1937 كمقر لحاكم البحرين، وفي عام 1984 تم تحويله إلى مركز التراث الشعبي، ومن ثم إلى متحف الغوص واللؤلؤ.
أما متحف راشد العريفي يقع في مدينة المحرق، ويتفرع من شارع المطار، يعرض المتحف نماذج من الأعمال الفنية التي استمد الفنان مواضيعها من الأختام الدلمونية التي تتحدث عن الحياة اليومية لأهالي دلمون، كما توجد به لوحات فنية من السيراميك ومنحوتات مختلفة المواضيع. ويعتبر المتحف من المتاحف المتخصصة في البلاد كمتحف النقود ومتحف النفط.
يوجد في مبنى مؤسسة نقد البحرين متحف للنقود يقع في المنطقة الدبلوماسية ويحتوي هذا المتحف المتخصص على العملات العربية القديمة والإسلامية والبيزنطية المصنوعة من الذهب والفضة، وتوجد به واحدة من اندر تسع عملات إسلامية في العالم.
وهناك متحف النفط يقع بالقرب من «بئر النفط رقم 1». تم افتتاحه في الثاني من يونيو 1992، لتخليد الذكرى الستين لاكتشاف النفط في البحرين. يضم معرضاً ساحراً يتضمن معدات التنقيب عن النفط، وثائق، صور قديمة ونموذج لحفارة بئر النفط.
بئر النفط رقم 1
أول بئر نفط في الخليج، كما يشير إليه الاسم. تم اكتشافه في 16 أكتوبر 1931، وبدأ إنتاجه في صباح 2 يونيو 1932. يقع تحت جبل الدخان الذي يبلغ ارتفاعه 143 متراً، ويعد البقعة الأكثر ارتفاعاً في الجزيرة وسمي بجبل الدخان، نسبة إلى الهالة الضبابية التي تحيط به عادة في الأيام الحارة الرطبة.
التلال الأثرية
تشاهد التلال الأثرية على مساحات شاسعة على امتداد الطريق السريع بالمنامة، وتعتبر هذه القبور من أهم المعالم الأثرية التي لاتزال شاهدة على بقايا حضارة دلمون «الألف الثالث ق.م» كما توجد تلال أثرية تعود للفترة الهلنيسيتية «2500ق.م» فترة الإسكندر الأكبر، ويشاهد بعضها في مناطق متفرقة من البلاد.