تقرير إخباري



وليد صبري
كشفت الزيارة المفاجئة وغير المسبوقة التي قام بها القنصل الأمريكي في البصرة ستيف ووكر لمصابي ميليشيات الحشد الشعبي - المدعومة من إيران - في مستشفى الصدر التعليمي بالبصرة الدعم اللامحدود من واشنطن لتلك الميليشيات الطائفية التي ارتكبت انتهاكات لحقوق الإنسان ترقى لجرائم الحرب ضد السنة في مناطق مختلفة بالعراق، أبرزها تكريت وديالى وصلاح الدين، بعد تحريرها من تنظيم الدولة «داعش» الإرهابي، فيما تبرز الزيارة مساندة واشنطن لطهران في دعمها لتلك الميليشيات، وتلقي الضوء على التناقض الأمريكي في تصنيف المنظمات الإرهابية ففي الوقت الذي تضع فيه أمريكا «جبهة النصرة» ذراع تنظيم القاعدة في سوريا و«داعش» على قوائم الإرهاب، تشيد بمعارك «الحشد الشعبي» وتدعمها وترحب بالتعاون معها.
وجاءت تصريحات ووكر على هامش زيارته لمصابي الميليشيات في البصرة لتصب الزيت على النار وتنذر بتأجيج التوتر الطائفي في العراق خاصة عندما أكد أن «بلاده لا تعارض مشاركة «الحشد الشعبي» بتحرير الموصل عاصمة محافظة نينوى شمال العراق من قبضة «داعش»»، في تجاهل واضح لتحذيرات العشائر السنية من مشاركة ميليشيات الحشد الشعبي في تلك المعارك.
ولم يكتفِ القنصل الأمريكي بالبصرة بتلك التصريحات المؤججة للعنف بل زاد في تصريحاته التي نشرتها القنصلية على صفحتها في «فيسبوك» بالقول «أود أن أعرب عن عميق امتناني لآلاف العراقيين الذين انضموا مع باقي الرجال لمحاربة تنظيم الدولة، وإنه لشرف لي أن ألتقي بعض الشبان الذين قاتلوا بشجاعة وضحوا كثيراً من أجل بلدهم». وأضاف «لقد دفعت تضحياتكم النبيلة إلى خسارة تنظيم الدولة أكثر من 40% من الأراضي التي كان يسيطر عليها في العراق»، مشيراً إلى أن «الولايات المتحدة تقف جنباً إلى جنب مع شركائها العراقيين في مكافحة التنظيم».
ونقل عن ووكر قوله خلال زيارة المستشفى إن «بلاده لا تضع أي «فيتو» على مشاركة الحشد الشعبي في معركة تحرير الموصل، وإن الأمر متروك لرئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي». ويرفض مجلس محافظة نينوى مشاركة مليشيات الحشد الشعبي في معركة تحرير المحافظة، بسبب اتهامات للحشد بارتكاب انتهاكات وأعمال سلب خلال معارك تحرير مدن في ديالى وصلاح الدين، في الوقت الذي تصر فيه الحكومة والحشد الشعبي على المشاركة فيها. وقال رئيس مجلس المحافظة بشار الكيكي في بيان له إنه «نظراً للانتهاكات التي حصلت من بعض المدسوسين في الحشد الشعبي في محافظات أخرى من العراق، وحرصاً على نجاح عمليات التحرير ودعماً للقوات الأمنية العراقية النظامية من الجيش والشرطة والبشمركة فقد قرر مجلس محافظة نينوى في جلسته الاستثنائية عدم مشاركة الحشد الشعبي في عمليات تحرير نينوى».
ودعا البيان الحكومة العراقية والتحالف الدولي إلى تطويع أبناء عشائر نينوى من كافة المكونات وتجهيزهم وتسليحهم ليتمكنوا من المساهمة في تحرير المحافظة وحمايتها في المستقبل. واعتبر مراقبون ومدوّنون، انّ زيارة القنصل الأمريكي في البصرة لجرحى «الحشد الشعبي» تحمل دلالات عميقة على الدعم الأمريكي للإرهاب الإيراني في العراق، خاصة وأن ايران تلعب دوراً كبيراً في دعم تلك الميليشيات. وتبدو الزيارة في توقيتها، تأجيجاً للعنف والتوتر الطائفي في العراق، خاصة مع ارتكاب الميليشيات لانتهاكات حقوق الإنسان ترقى لجرائم حرب خاصة في مناطق السنة بالعراق. وبحسب مصادر عراقية فإن هذه هي الزيارة هي الأولى من نوعها من قبل مسؤول أمريكي. وبيّن ووكر أن «الحشد الشعبي» مؤسسة تعمل تحت قيادة رئيس الوزراء والولايات المتحدة وتدعم القوات الرسمية التي هي تتبع للحكومة. ورغم التمويل الهائل الذي تتمتع به الميليشيات من خلال الدعم المباشر من قبل الحكومة، إلا أنها تطالب بإعادة النظر في تلك المخصصات، التي بلغت عام 2015 مليار دولار تقريباً.
وانتقد النائب أحمد الأسدي الاقتطاعات المخصصة لتمويل ميليشيات الحشد بوصفها «هزيلة»، مطالباً بزيادتها إلى نحو 3.5 مليار دولار.
وخلال جلسات النقاش بالبرلمان العراقي وافق مجلس النواب على تخصيص نحو 2.6 مليار دولار تشكل 3.6% من إجمالي النفقات الحكومية.
ويتقاضى كل فرد في الحشد الشعبي 500 دولار أمريكي شهرياً، تدفعها الحكومة العراقية التي اشترطت على كل فصيل، ليحظى بالدعم المالي، أن يكون بحجم لواء ويتمتع بهيكلية واضحة، بحسب مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية. وتعمل عناصر الحشد بطريقة 50 % دواماً، و50 % راحة، فيما يتلقون عناية صحية من قبل الوحدات الطبية التي نشرتها وزارة الصحة في المناطق التي يتواجد فيها الحشد.
وتتوزع الميليشيات في مناطق مختلفة تشمل الفلوجة والرمادي وبيجي ومناطق أخرى في محافظة صلاح الدين.