بغداد - (الجزيرة نت، رويترز): كشفت وثائق عن توجهٍ لإفراغ مناطق بمحافظة صلاح الدين العراقية من المكون السني، وسط اتهامات لميليشيات سيطرت على هذه المناطق بمنع العائلات النازحة من العودة إلى مناطقها، وفقاً لموقع قناة «الجزيرة» القطرية، بينما قال أحد مساعدي زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر إن الأخير أمر مسلحين تابعين له بالانسحاب من شوارع بعض أحياء بغداد التي تعرضت لتفجيرات مميتة أعلن تنظيم الدولة «داعش» مسؤوليته عنها.
وبحسب وثيقة مطالب أهالي قضاء بلد في محافظة صلاح الدين، فقد تم ضم المقاطعتين الحادية عشرة والثانية عشرة إلى قضاء بلد بعد أن كانتا تابعتين لناحية يثرب، في حين صنفت منطقة تل الذهب التي تسكنها عشائر سنية منطقةً عسكرية، وهو ما اعتبرته العشائر العراقية «انحرافاً خطيراً وعقاباً جماعياً لمناطق تتهمها الحكومة بدعم ما تسميها المجاميع الإرهابية».
وتتبع يثرب قضاء بلد بمحافظة صلاح الدين التي سيطر عليها تنظيم الدولة، مما تسبب في موجة نزوح واسعة، واستعادتها القوات الحكومية العراقية مدعومة بمجموعات مسلحة وميليشيات قبل نحو عام.
لكنّ عدداً كبيراً من السكان النازحين منعوا من العودة بعد سيطرة ميليشيات أهمها ميليشيا «عصائب أهل الحق» على المدينة، مما دفع إلى التوقيع على وثيقة لحل المسائل العالقة في المنطقة تنتهي بعودة العائلات النازحة. ووفق مراقبين فإن ما حدث هو تهجير طائفي استهدف السكان السنة من مناطق «بلد عزيز» و»بلد» و»محطة بلد» والمقاطعتين الحادية عشرة والثانية عشرة بدعوى محاربة الإرهاب.
وأشارت الفقرة الثالثة للوثيقة إلى ضم المقاطعتين الحادية عشرة والثانية عشرة إلى قضاء بلد من ناحية يثرب بدعوى كونهما كانتا تابعتين لها وتم اجتزاؤهما بسبب سياسات طائفية على عهد الرئيس السابق صدام حسين.
كما تتحدث الوثيقة في فقرتها السابعة عن الأراضي الزراعية في مناطق تقع بين بلد والدجيل، بهدف إيجاد امتداد طائفي واتصال بين المنطقتين بعد السيطرة على المقاطعتين. وتنص الفقرة الثالثة عشرة بالوثيقة على حصر الدخول والخروج إلى مركز ناحية يثرب بمدخل ومخرج واحد مقابل قضاء الدجيل، وهو ما يقطع على يثرب صلتها بباقي المناطق ومنها بلد. وفيما يعتبر تملصاً من الملاحقة، أقرت النقطة الحادية عشرة في الوثيقة التعهد بعدم رفع أي دعاوى ضد الجيش ومليشيات الحشد الشعبي وأهالي المنطقة للضغط في اتجاه إطلاق سراح مجرمين أو عدم تقديمهم للمحكمة.
ولم ينكر المتحدث باسم الحشد الشعبي في العراق كريم النوري ما ورد في الوثيقة، وقال «لا ننكر أن هناك واقعاً واحتكاكاً وتماساً بين المكونات وعشائر قتل بعضها الآخر، ومشاكل وثارات عشائرية قبل وبعد دخول «داعش»».
وأضاف النوري «لذلك تحدثت مع المحافظ وكان حريصاً على عودتهم ولكن بشروط، فهناك ثارات في المناطق الغربية، وهناك حالة من التعقيد، ونعتقد أن النصر لا يكتمل إلا بعودة النازحين ولكن بشرط عدم عودة الإرهاب من جديد».
وتابع أن هذه المناطق تضررت «ولكن هذا لا يعني العقاب الجماعي لأبناء منطقة دفعوا الثمن مرتين، ومهمتنا في الحشد الشعبي مقاتلة داعش، لكن عودة النازحين من مهام الحكومة المحلية والاتحادية وسنكون مساهمين في ذلك بالفعل».
في المقابل، اعتبر الكاتب والمحلل السياسي العراقي وليد الزبيدي أن ما ورد في الوثيقة يرقى لجريمة حرب ضد الإنسانية بحق أبناء هذه المناطق التي يقدر عددهم بنحو 58 ألف نسمة. وأضاف أن هذه الجريمة يمكن أن تقدم إلى المحاكم الدولية والعراقية، خاصة وأنها تقر بأن العشائر -أو بعضها- والحشد الشعبي ارتكبوا جرائم بشعة بحق أبناء هذه المناطق.
وتابع «على سبيل المثال فإن المئات قد اعتقلوا واختفوا وذووهم لا يعرفون أي شيء عن مصيرهم، كما تم تفجير وحرق ما يزيد عن 90% من البيوت في هذه المناطق وغالبيتها بيوت عامرة، وسرقت وأحرقت آلاف السيارات الخاصة بالمواطنين، كما أحرقت مزارع في يثرب التي تعتبر من سلال الغذاء الأساسية لمدينة بغداد ومحيطها».
من ناحية أخرى، قال أحد مساعدي زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر إن الأخير أمر مسلحين تابعين له بالانسحاب من شوارع بعض أحياء بغداد التي تعرضت لتفجيرات مميتة أعلن تنظيم الدولة «داعش» مسؤوليته عنها.
ونشرت «سرايا السلام» التابعة للصدر المئات من مسلحيها في مدينة الصدر و5 مناطق شيعية أخرى في العاصمة بعدما اتهم الحكومة بالفشل في منع الهجمات التي شنها التنظيم.