وكالات - ارتفعت أسعار النفط في تعاملات أمس الجمعة مع ظهور علامات على التزام مزيد من الدول الأعضاء في «أوبك» بتخفيض إنتاجهم من النفط، تماشياً مع الاتفاق الذي تم التوصل إليه أواخر نوفمبر الماضي.
وزادت العقود الآجلة لخام برنت، 45 سنتاً عن الإغلاق السابق مرتفعة إلى 57.34 دولار للبرميل في 10:33 بتوقيت غرينتش. فيما ارتفعت العقود الآجلة للخام الأميركي 43 سنتاً إلى 54.19 دولار للبرميل.
ونقلت «رويترز» عن مسؤول كويتي في قطاع النفط، قوله إن الكويت العضو الخليجي في «أوبك» قلصت إنتاج النفط في يناير إلى نحو 2.707 مليون برميل يومياً، لتصل إلى المستوى المستهدف لإنتاجها في إطار اتفاق المنظمة على خفض الإمدادات.
وكانت أسعار النفط، قد انخفضت صباحاً وسط شكوك بألا يطبق بعض المنتجين تخفيضات الإنتاج التي جرى الإعلان عنها في مسعى لكبح تخمة المعروض العالمي.
وقال محللون إن الأسعار الحالية تقترب من مستويات نقطة التعادل في موازنات الكثير من المنتجين، بما لا يعطي مجالاً يذكر لزيادات كبيرة جداً ما لم تحدث حالات تعطل مفاجئة.
وزادت الأسعار في الجلسة السابقة عقب نشر تقارير عن خفض إمدادات السعودية وأبوظبي، في إطار جهود منظمة البلدان المصدرة للبترول «أوبك» وكبار المنتجين المستقلين، الرامية إلى الحد من تخمة المعروض العالمي.
وأظهر مسح لـ«رويترز» نشرت نتائجه هذا الأسبوع، أن إجمالي إمدادات «أوبك» في ديسمبر، لم تنخفض إلا قليلاً لتصل إلى 34.18 مليون برميل يومياً من إنتاج معدل بلغ 34.38 مليون برميل يومياً في نوفمبر. واستند المسح إلى بيانات ملاحية ومعلومات من مصادر بالقطاع.
وبينما قال تجار إن أسواق النفط تتلقى دعماً جيداً من التخفيضات المتفق عليها في الإنتاج، إلا أنهم أشاروا إلى استمرار وجود شكوك في أن يلتزم جميع المنتجين التزاماً كاملاً بالتخفيضات المزمعة.
وقال محلل النفط لدى «إنرجي أسبكتس» في سنغافورة، فيريندرا تشاوهان: «الكرة في ملعب أوبك لتطبيق التخفيضات المعلنة وإثبات خطأ المتشائمين».
وشهد قطاع الطاقة في عام 2016 أحداثاً هامة، تأثير بعضها كان واضحاً وفورياً فيما تأثير بعضها الآخر من المتوقع أن يتجلى خلال العام الجديد.
ولعل وصول أسعار النفط نهاية يناير من العام الماضي إلى قاعها الأدنى في 12 عاماً، ثم ارتدادها وارتفاعها بنحو الضعف، هو أبرز الآثار التي أنتجتها الأحداث المتلاحقة العام الماضي والتي سيمتد أثرها على قطاع الطاقة لسنوات مقبلة.
ومما لا شك فيه أن لقطاع الطاقة نصيباً كبيراً من الأحداث الاقتصادية والمالية التي طبعت ملامح العام المنصرم 2016، فمن حرائق الغابات في كندا التي عطلت إنتاج النفط الرملي لأشهر إلى الاحتجاجات الشعبية على بناء خط أنابيب النفط في داكوتا الشمالية، إلى إفلاس عدد من أكبر شركات الفحم عالمياً نتيجة تراجع أسعاره.
لكن الأحداث الأهم كانت قرب نهاية العام، وعلى رأسها فوز دونالد ترمب المفاجئ بالرئاسة الأمريكية، واتفاق أوبك وخارجها على تخفيض الإنتاج.
وهنا لا بد من الإشارة إلى أن فوز ترمب يعني تغييراً كلياً في سياسات الطاقة التي كانت سائدة في السنوات الـ8 الماضية، لاسيما قضايا التغير المناخي ومشاريع الطاقة النووية وإعادة إحياء منتجي الفحم الأمريكيين. علماً أن ترمب قد اختار الرئيس التنفيذي لشركة إكسون موبيل لمنصب وزير الخارجية، لكن يبقى الحدث الأبرز على كل الأصعدة هو الاتفاق التاريخي بين أعضاء أوبك أولاً وبين أوبك ومنتجي الخارج ثانياً.
إذ اتفق منتجو أوبك على خفض إنتاجهم بـ1.2 مليون برميل يومياً للسيطرة على تراجع الأسعار وتخمة المعروض، ثم تعاونوا مع منتجي الخارج الذين تعهدوا وعلى رأسهم روسيا بخفض نحو 560 ألف برميل يومياً، لتقفز الأسعار منذ ذلك الحين وحتى اليوم بنحو20%.
لكن التحدي، بحسب ما أكدت مديرة شركة «كريستول إنرجي» د. كارول نخلة في مقابلة مع «العربية» ضمن برنامج مستقبل الطاقة لزميل ناصر الطيبي، يكمن في مدى التزام الأطراف بهذا الاتفاق الذي دخل حيز التنفيذ بداية هذا العام.
الأمر لا يتوقف عند هذا الحد، بل تؤكد نخلة أن مخزونات النفط المتراكمة ستشكل تحدياً لاتفاق أوبك في العام 2017 بدون أدنى شك.
غير أنها تعود لتؤكد مبالغة أسواق النفط في ردة فعلها على عودة إيران للسوق النفطية، مستندة بذلك إلى أن إيران تحتاج لاستثمارات بنحو 200 مليار دولار في قطاعها النفطي، بالتالي فلن تستطيع العودة بالسرعة التي يتوقعها البعض إلى السوق.