الواضح من خلال التصريحات والتغريدات والخطابات التي ينشرها المنتمون إلى «المعارضة» بكل تلاوينها هو أنها وصلت إلى قناعة مفادها أنها لا تستطيع تحقيق أية مكاسب بسبب صلابة الحكم وخبرته وقدرته على التعامل مع كل المحاولات السالبة للاستقرار، وأنها لهذا تأمل في حصول تغيير ما في المنطقة يفتح أمامها طريق الوصول إلى ما تريد الوصول إليه، وهو الأمر الذي أكده أمين عام «حزب الله» في كلمته يوم العاشر من محرم وتناول البحرين في جانب منها حيث قال ما ملخصه إن تمكن الحوثيين من تحقيق النصر على قوات التحالف العربي بقيادة السعودية (...) سيصب تلقائياً في مصلحة «المعارضة» في البحرين، ففي رأيه – ورأي «المعارضة» طبعاً – أن العلاقة بين السلطتين في السعودية والبحرين علاقة طردية، إن ضعفت السعودية ضعفت البحرين وإن استمرت قوية فلا تستطيع «المعارضة» أن تحقق أية مكاسب. الأمر نفسه تطرق إليه وأكده أحدهم، في الكلمة التي ألقاها ليلة العاشر من محرم حيث قال بوضوح وبالحرف الواحد «إن مجريات الأحداث في العالم مؤشر على أن النصر حتمي وقادم، فالأمور لن تبقى على ماهي عليه»، أي أن «المعارضة» تعول كثيراً على احتمالية حصول تغيير ما في الخارج يؤدي إلى تحقيقها المكاسب والأهداف.
لكن كيف لـ «عاقل» أن يضع بيضه كله في مثل هذه السلة؟ ذلك أن حصول تغييرات في المنطقة مجرد احتمالات، أي أنها يمكن أن تحصل ويمكن ألا تحصل، كما إن حصول التغيير ليس بالضرورة سيصب في صالح «المعارضة» لأن التغيير أيضاً يمكن أن يضرها وليس بالضرورة أن يضر الطرف الآخر، فقد يفيده، أي أن الاحتمالين واردان. أيضاً التغيير إن لم يكن كبيراً ومهما فلن تستفيد منه فليس كل تغيير يؤثر ويفيد.
احتمالات وصول السعودية إلى حالة إنهاك وضعف احتمالات ضعيفة بل غير واقعية ولا يقول بها إلا الحالمون، فالسعودية ليست فقط دولة قوية ومؤثرة ولكنها تتحكم في كثير من الأمور التي تجري في كامل المنطقة وبإمكانها أن تحدث التغييرات التي تصب في صالحها، والأكيد أنها لن تتعب من استمرار حرب اليمن مهما طالت ومهما كلفت، وهي لن تتعب من استمرار تواضع سعر برميل النفط الذي مآله إلى الارتفاع وإن بعد حين، كما لن تتأثر من حصول أي تغيير في سوريا أو العراق أو غيرهما أو في العلاقة بينها وبين الولايات المتحدة والغرب إجمالاً. في المقابل فإن احتمالات تمكن إيران من المنطقة وتسيدها احتمالات ضعيفة وغير واقعية وحالمة حتى مع توفر دفعة قوية للعلاقات بينها وبين الولايات المتحدة كنتيجة للاتفاق النووي، وبالتالي فإنها لن تتمكن من تقديم المزيد من الدعم لمن يحتاجه لإحداث تغيير في بلاده وخصوصاً البحرين التي هي أيضاً تمتلك من القوة والقدرات ما يصعب التغلب عليها. والأمر نفسه فيما يخص العلاقات الخليجية الأمريكية حيث لا يوجد أي مؤشرات على تأثرها وتغيرها لا في الوقت الراهن ولا في المستقبل وأيا كانت نتيجة الانتخابات التي ستجرى هناك في نوفمبر المقبل.
كل التغييرات التي تأمل «المعارضة» حصولها يصعب أن تحصل وربما مستحيل حصولها، ويكفي أن تعرف أن العلاقات الدولية تقوم على المصالح لتتأكد أن هذا الذي تحلم به لا يمكن أن يحصل، كما إن التغيير الذي تأمله يمكن لو حصل أن يتبعه تغيير آخر سريع يعود عليها بالمضرة أو حتى ينهيها.
التعلق بالأمل في حد ذاته أمر طيب ولكن الجزم بأن تغييراً ما سيحدث في المنطقة وسيكون في صالح «المعارضة» أمر يعبر عن قلة قدرة على قراءة الساحة.