من كان قلبه ورجاؤه معلقاً بخالق هذا الكون، فإن الله لن يخيب رجاءه، ومن كان قلبه معلقاً بدولة كي تنصره أو برجل أو بشعب ليغيثه ويعاونه فاعلم أنه على أرض غير مستقرة. فبنو البشر تارة معك وتارة ضدك، ومرات تخيب آمالك بهم وبوعودهم وعهودهم، سبحانه وحده بيده مفاتيح الفرج والنصر. فلو اجتمع من في الأرض على أن يضروك أو ينفعوك لن يفعلوا إلا بأمر الله عز وجل، فقد نصر الله المسلمين في غزوة بدر وهم قلة، ونصرهم في غزوة الأحزاب برغم كثرة الأحزاب والمتآمرين عليهم من القبائل «ما يقارب ست قبائل من بينهم قبائل يهودية»، هكذا هي القلوب المعلقة بالله وحده في كل شيء، «نصر من الله وفتح قريب».
عندما تتعلق الآمال بأمريكا أو أوروبا أو تركيا أو المنظمات الدولية فحتماً كفة المصالح تغلب على الصداقة والمعاهدات الدولية وأيضاً على الإنسانية، فالآمال بعدها مخيبة، ومخيبة جداً عندما تعطى للميليشيات الإيرانية فرصة لممارسة أبشع أنواع القمع والإبادة العرقية والطائفية كما يحدث في إيران والأحواز والعراق. فأي إرهاب بعد ذلك نتحدث عنه، وجذور الإرهاب متأصلة في إيران؟ إيران هي أزمة الشرق الأوسط والتي تستعين بها أمريكا تارة، وتارة تستعين بها إسرائيل، وهذه المرة استعان بها نظام بشار الأسد مع روسيا. روسيا التي تريد أن تستعيد نفوذها مرة أخرى بعد تفكك الاتحاد السوفيتي وتركت الساحة لأمريكا لتمارس سيطرتها على معظم دول العالم، وقد فتح النظام السوري لروسيا باباً حتى تمارس القوة على الأراضي العربية.
سقطت حلب ومازالت أعلام الأمل ترفرف في جميع مدن وقرى وصحراء سوريا. فالأمل واليقين هو السلاح الحي الذي لا يموت ولا يتزعزع مهما طال الزمن أو قصر. ولولا الأمل في النصر لهزم الشعب السوري منذ 2011 عندما كان يطالب بالإصلاحات السياسية والحقوق المدنية، ولخمدت شرارة الثورة منذ ذلك الحين. لو كان الإرهاب يقبع في بعض مدن سوريا فإنه يقيناً يقبع بسبب النظام السوري الذي استعان بإيران وروسيا لقتل شعب أعزل من المدنيين معظمهم نساء وأطفال وشيوخ، واستهداف المستشفيات والأسواق وتهجير ما تبقى من أهل حلب إلى المجهول.
سقطت حلب ولكن لم تسقط سوريا العربية، وأتوقع سيناريوهات جديدة ستظهر وتتغير بعد حلب. فدخول روسيا في الشرق الأوسط ليس من مصلحة إسرائيل وليس من مصلحة أمريكا أيضاً. وإن كان المجرم بشار الأسد يظن أنه سيتربع على عرشه بأمان بحضور ميليشيات إيران فهو إما جاهل أو لم يتعظ بمن سبقوه من حكام أسقطت عروشهم. أمريكا جندت كل ما لديها من خطط ونفوذ سياسية وعسكرية من أجل الإطاحة بصدام حسين وغزو بلاده ونهب خيراتها. والمنظمات الدولية مطالبة اليوم بمحاكمة مجرم الحرب بشار الأسد ومحاكمته كما فعلت بالنظام العراقي، مطالبة بأن يرجع الشعب السوري لبلاده. يجب على المنظمات الدولية ألا تتستر وراء ما يزعم بأنه «حملة محاربة الإرهاب» في إبادة شعب وتهجيره.
الدول العربية وحدها تستطيع أن ترجع الاستقرار لسوريا، وحدها تستطيع أن تطيح بالنظام السوري لأنها لا تأمل إلا في الاستقرار، تستطيع أن تنهي هذه المجازر من دون الدخول في حرب ضد النظام السوري. فالمتغيرات كثيرة والأدوار السياسية تتبدل والمصالح تبقى فوق كل شيء، واليقين أن الرجاء والقلوب تبقى معلقة بالله وحده عز شأنه.