توهم الانقلابيون أنهم قادرون على الاستمرار بنهجهم في الخيانة بعيداً عن أعين الدولة، متخفين وراء عناوين زائفة، لتنفيذ المخططات الخارجية، والتي تعتمد على زرع بذور الفتنة وتمزيق النسيج الاجتماعي واستنساخ تجربة العراق الفاشلة.

وما زادهم غلواً وإجراماً هو صبر وتسامح وسعة صدر الحكومة المتمثلة بأجهزتها الأمنية، التي تحملت الكثير من آذاهم، ولم يكن لهم ليتعاملوا معهم بقسوة وردعهم، مثلما هو معمول به في أكثر الدول ديمقراطية في التعاطي مع أي خلل أمني، والذي تتعطل معه كل التبريرات وتنسحب لصولته كل المنظمات، وتذعن لسلطة القانون، غير آبهين بالمصير الأسود للإرهابيين والمتطرفين.

ولم يكن هذا التعامل المنضبط سوى امتثال لتوجيهات القيادات العليا بضرورة التحلي بأعلى درجات ضبط النفس وإفساح المجال للمغرر بهم لعودتهم للصف الوطني ومنعهم من انسياقهم وراء الشر الذي تحركه الأيادي التي لم تعد خفية من دولة الشر إيران وتوابعها الميليشيات القابعة في العراق ولبنان.

بل حتى وصل حلم المملكة بتأكيد ملكها المفدى وقادتها على ضرورة احتواء الأزمة وحل العقد المستعصية بالحوار الهادف والابتعاد عن الانغلاق وتجنب العنف، وقد انخرط في الحوار وعلى مدى سنوات بعضاً من تلك الشخصيات التي لم تنفك عن ولائها لـ «الولي الفقيه»، مما أثرت سلباً وعقدت الأمور وأخرجتها عن جادة الصواب، وهي التي ظنت أنها قد أوهمت الحكومة بسلميتها المصطنعة، وهي تضمر تحت عباءتها الخبث والشرر، وكانت تتحين الفرص لخلط الأوراق، وهي تدير في نفس الوقت المجاميع الإرهابية التي تنشط في الظلام لإعطاء صورة قاتمة عن البحرين وقيادتها وشعبها، لكن هذا الانفتاح والرسالة الواضحة واليد البيضاء تجاهلها أولئك المارقون أما استعلاءً واستكباراً أو غباءً وعناداً، واستمرأوا الخيانة والعمالة، واستمروا بغيهم وإرهابهم متحدين سلطة القانون وهيبة الدولة التي لم تأل جهداً لثنيهم عن انحرافهم والتغاضي عن كل آثامهم، وقد حاولت مراراً الصفح عنهم وفتح الباب على مصراعيه لعودتهم، لكنهم أبوا إلا السير خلف الوهم والضلال إلا أن أوصلوا الأمور إلى عنق الزجاجة وأدخلوا أنفسهم وأتباعهم في نفق مظلم أوصدت عليهم جميع منافذه. فما سيرونه اليوم بظلمهم وجهلهم ليس ما يسمعوه، فهم من صد عن الحق وأوصد أبوابه الرحبة.

فنحن اليوم أمام مرحلة وحقبة أمنية جديدة تختلف كلياً عن كل الصفحات والحقب الأمنية السابقة يفهمها اللبيب، وقد اتضحت معالمها بعد التوكل على الله وإقامة شرعه في القصاص من القتلة، ثم النجاح الباهر للعملية الأمنية والتي حدثت عرض البحر فجر الخميس المنصرم التاسع من فبراير، حيث أثبتت تلك القوات تفوقها النوعي حين اصطادت بحسها الأمني العالي في شباكها الإرهابيين الفارين من وجه العدالة، متوجهين بقاربهم صوب أمهم الشمطاء إيران.

تلك العملية التي أذهلت الأعداء وأخرست ألسنتهم وسمرت سادتهم القابعين في قم وطهران، وطاشت بأوراقهم الصفراء.

لقد نفذت هذه العملية بكفاءة ودقة لم تذهل العالم والأجهزة الأمنية والاستخبارية الإقليمية والعالمية والمراقبين فحسب، بل أعادت النشوة والفخر للمواطن البحريني والخليجي والعربي، مقابل المكر الإيراني وأدواته حتى جاء النصر المبين من الله القدير، والذي سيحفر في سفر الأجيال وعاد الأمل لتعود البحرين كما هي شامخة مستقرة وتجددت اليوم الثقة والتي لم تهتز يوماً بأجهزتنا الأمنية بعد طول حلمها وصبرها على المارقين.

وما يجعل هذه الضربة قاضية وتنهي بها جولة ربما لا يقوى بعدها العدو على جولة أخرى ليس في دقتها وضبط إيقاعها فحسب بل في توقيتها لتمثل ضربة متقنة ترنح من قوتها ذيول إيران الذين يعدوا العدة منذ أمد لإحياء ذكرى فبراير المشؤوم الأسود فجائهم الرد الصاعق صبيحة ذكراهم ليجعلهم مبهوتين من هول الضربة لا يقووا بعدها على شيء.

تحية إكبار وإجلال لقيادتنا الرشيدة ولقادتنا الأمنين وخفر السواحل، وكافة منتسبي أجهزتنا الأمنية وقوة الدفاع، وتحية لشعب البحرين بشيعته وسنته وجميع أقلياته وطوائفه، الذين لا يناموا على جور ولا ضيم، وسيفشلوا بتآزرهم ووحدتهم المشروع الإيراني، ويلقوا به وبأدواته إلى مزبلة التاريخ وما ذلك اليوم ببعيد.

«ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله».