أمس صدر توجيه من صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان رئيس مجلس الوزراء حفظه الله لإعادة هيكلة الحكومة، عبر تقليل عدد الوزارات ودمج بعض الجهات.

السبب في التوجيه يأتي لمواجهة «تضخم» الجهاز الحكومي، وهي مسألة أثيرت مرات عدة، حتى لدرجة أنها تسببت في بروز مقارنات فيها نوع من الاستغراب، أقواها تلك المقارنة التي تقول بأن عدد الوزارات في الصين التي تعداد سكانها يقارب الملياري نسمة، يقل عن عدد الوزارات في البحرين سكانها بالمقيمين فيها لا يصلون لتعداد المليون ونصف نسمة.

وحينما نتحدث بواقعية هنا، فإننا سندرك أننا بالفعل نعاني من جهاز حكومي متضخم، لا في عدد الوزارات فقط، بل يضاف إليها عدد الهيئات والتي كثير منها عملها متداخل أو متشابه أو مستنسخ لبعض الوزارات ذات نفس الاختصاص، يضاف إلى ذلك عدد المجالس العليا المهنية المتخصصة، وأجهزة أخرى متنوعة.

اليوم لو نوجه سؤالاً لعدد من وزراء الحكومة عن العدد الصحيح للوزارات والهيئات والأجهزة الحكومية مجتمعة، أشك بأن نتحصل على إجابة صحيحة، فما بالكم لو وجهنا السؤال لموظفي الدولة ومواطنيها.

لدينا بالفعل حاجة لضبط العملية، وتقليص الجهاز الحكومي، بحيث تتجمع الاختصاصات المتشابهة والمتقاربة في جهات محددة، وبحيث تضبط عملية الإنفاق الرسمي بناء عليها، فاليوم كلنا يعرف بأنه حتى الموازنات تختلف، إضافة لاختلاف الهياكل التنظيمية والوظيفية وسلم الرواتب والدرجات بين الوزارات والهيئات بحيث بات المتحصل على الامتيازات هو من توفق في العمل بإحدى الهيئات أياً كانت، قبل أن يتم إخضاعها لقانون الخدمة المدنية.

الفكرة أبعد من عمليات صرف ومساواة بين الموظفين في نفس الوظائف والدرجات، إذ هي يتوجب أن تركز على جودة المخرجات والعمل، ولدينا أمثلة حية اليوم على وزارات وهيئات تتشابه في الاختصاص، لكن تختلف في بعض المهام، فنجد نحن المتابعون سواء صحافة أو مواطنين، أن هناك شبه تنافس فعلي بينها، وأن هناك جهة رقابية وأخرى تنفيذية، ويتعقد المشهد أكثر في عملية إبراز الجهود، وكأن أمامك «ضرتين» تقتتلان.

هذا مشهد غير صحي أبداً، يضاف إليها أن التشعب والتضخم سبب رئيس في تراجع جودة الخدمات، وفي تطويل مدد المشروعات، وفي بعثرة الأموال من الميزانية بطرق غير فعالة، وكل هذه الأمور لها تأثيراتها على عملية التنمية والتطوير، وتعطل مسألة التعامل الفعال للظروف الراهنة.

بالتالي توجيه سمو رئيس الوزراء يأتي في ظل عملية التعامل العملي مع المقدرات الحالية والمتغيرات من حولنا، خاصة وأننا مازلنا نعاني كدولة من تأثيرات التراجع الاقتصادي وترنح سعر النفط.

يبقى هنا التركيز على عملية التنفيذ، ومعرفة كيف سيقوم الجهاز الإداري للحكومة برسم عملية التقليص هذه، ودراسة تداعياتها وآثارها، بحيث تفضي لنتائج إيجابية، والأهم كيف ستطبق وفي أي مدى زمني، بما لا يوقع ضرراً أو آثاراً سلبية على منتسبيها.

الأمير خليفة بن سلمان حدد الهدف بشكل واضح من العملية، وأن المهم اليوم العمل على رفع كفاءة الجهاز الحكومي وزيادة إنتاجيته.

طبعاً تأتي المسألة بحسب ما بينها سمو الأمير، لتتناسب مع طبيعة العمل الحكومي في المرحلة المقبلة، وبما يحقق التوجيهات السامية لجلالة الملك فيما يتعلق بالمسألة، وهو الأمر الذي يبين أهميتها وحتميتها، خاصة في ظل اهتمام جلالة الملك حفظه الله بنفسه.

الفكرة إيجابية ومطلوبة، يبقى انتظار تنفيذها بأسلوب عملي ذكي، يحقق الأهداف المعلنة منها.

دائماً وأبداً.. خليفة بن سلمان والصحافة

مجدداً يقف خليفة بن سلمان منتصراً للصحافة الوطنية وأهلها وكتاب أعمدتها، وهي المسألة التي يوردها سمو الأمير بأسلوب المديح والإشادة، بل يشخصها بشكلها الواقعي المطلوب من منطلقات أداء الصحافة الوطنية لدورها وتحملها لمسؤوليتها تجاه الوطن، وذلك عبر توجيه الأجهزة الحكومية كافة للاهتمام بما يطرحه الكتاب وتتناوله الصحافة من قضايا ونقد بناء موضوعي، والتفاعل معهم والتواصل مع الجهات الإعلامية للوقوف على ما يطرح وأخذ الإجراءات والخطوات اللازمة بشأن الملاحظات والسلبيات.

قلناها دائماً وكررناها مراراً، رجل بحجم خليفة بن سلمان يقرأ الصحافة يومياً، يتابع أعمدتنا التي نكتبها، ويتفاعل مكتبه يومياً مع ما يطرحه، مثل هذا النهج يجب أن يتبعه جميع الوزراء والمسؤولين، ولو كانوا جميعهم يتبعونه، لما كرر سمو الأمير التوجيه الدائم لهم بهذا الخصوص، مع حفظ حق عدد من الوزراء الذين يتمثلون بذلك ويتفاعلون يومياً مشكورين.