هل هناك فعلاً قادة لحقوق الإنسان؟ ماذا نقصد بقادة حقوق الإنسان؟ هل هم الأشخاص الفوضويون المرضى نفسياً الذين ينادون بتفكيك الدولة لتصبح غابة لوحشيتهم؟ أم هم المعارضون دوماً لمبادئ السلم والتعايش والتحاور والتفاهم والتسامح؟ أم هم الذين يوضعون على الجرح ليبرؤ، وذلك من خلال نشر مبادئ حقوق الإنسان السامية، المتمثلة في ثقافة الحوار والتسامح وتقبل الآخر والتعايش السلمي للعيش في منظومة الوطن بسلم وسلام؟ هل أصبح مصطلح حقوق الإنسان أداةً إيجابية للتطور أو أداة سلبية للازدراء؟

يمكنني الإجابة على ذلك، بأن حقوق الإنسان هي ثقافة وحرفية وأيديولوجيا يتقمصها الخطاب السياسي، وأن الحرفية هنا تقتضي الأمانة والشفافية والحياد و«البناء» وليس «الهدم»، كما أنها رسالة جوهرية وأمانة يتم من خلالها تطوير الآليات بما يخدم الوطن والمواطن، وليست ثغرة -كما يفهمها البعض- ليستطيع الجمل الدخول فيها، فهو في النهاية جمل لا يستطيع الولوج من ثغرة صغيرة وإن كانت نيته المرور من خلالها! فضلاً عن أن حقوق الإنسان ليست من ولادة العالم الغربي العزيز -كما يقال- بل هي ولادة الشريعة الإسلامية الأصيلة، ولذلك فإن الفيصل في هذا الموضوع، هو أنت عزيزي القارئ، بِم تؤمن؟ وبِم تفكر؟ وبم تصدق؟ وبم تقرر وتعترف؟

لقد شبعنا فعلاً من ذم قادة الإرهاب، وقادة التطرف، وقادة الكراهية وقادة النكد ومسببي الجروح الأليمة للبشرية، وقد حان الوقت فعلاً لولادة خبرات وطنية تسمى بقادة حقوق الإنسان تنثر السلام والأمل على التعرجات والتشققات الموجودة على أرض الواقع، وتساهم في تغيير المفاهيم النمطية السائدة التي تندد بأن حقوق الإنسان هي الوحش المدمر الذي يهدم ما بنته السنون!

ولقد تولت الفيدرالية العربية لحقوق الإنسان المنشأة في اليوم العالمي للسلام شرف هذه المبادرة، فأطلقت من ضمن فعالياتها المتنوعة الدبلوما الأساسية ببرنامج «قادة حقوق الإنسان» للعام 2017 والتي تسهم من خلاله في توحيد الجهود نحو عمل حقوقي متكامل لبناء الوطن العربي وذلك من خلال بناء وإعداد وتأهيل القيادات الوطنية الفاعلة ليكونوا قادة فعليين لحقوق الإنسان في مختلف المجالات المرتبطة بحقوق الإنسان بدول مجلس التعاون الخليجي، وتعزيز القدرات والمهارات اللازمة للتعاطي بفاعلية مع الأجهزة والآليات الدولية والإقليمية المعنية بحقوق الإنسان، فضلاً عن تعزيز التعاون والشراكة مع مختلف الجهات الحكومية والمؤسسات الأهلية العاملة في مجال حقوق الإنسان بدول مجلس التعاون، والمساهمة بتبادل المعارف والخبرات الخاصة بالتعاطي مع قضايا حقوق الإنسان على المستوى الدولي ومع مختلف الجهات الفاعلية مثل أجهزة الأمم المتحدة والحكومات والبرلمانات والاتحادات الدولية، والمنظمات الدولية، وجماعات الضغط وأجهزة الإعلام ومراكز الرأي والفكر.

الجميل، أن هذه المبادرة هي الأولى من نوعها على الوطن العربي والتي تدمج ما بين النظرية والتطبيق العملي الواقعي. ومن هذا المنبر، أتقدم بجزيل الشكر لرئيس الفيدرالية العربية لحقوق الإنسان السيد أحمد الهاملي، والأمين العام للفيدرالية العربية لحقوق الإنسان السيد عيسى العربي على جهودهم المبذولة لنهضة حقوق الإنسان في الوطن العربي، وعلى دعمهم المتواصل للطاقات الشبابية للخوض في هذه القضية المهمة للتخرج كقادة، إيجابيين، لحقوق الإنسان. فكل التحية والاحترام والتقدير.