ظاهرة انتشار المخدرات تعتبر هي الأخطر على مستوى العالم فهي لا تعترف بمذهب أو طائفة، والجهود الدولية تبحث عن الحد من انتشارها على نطاق واسع، فالأرقام والإحصائيات تصدم الجميع فيكفي أن البحرين لديها أكثر من 30 ألف مدمن مخدرات على الرغم من صغر مساحتها الجغرافية حسب تقارير الأمم المتحدة، والصدمة الكبرى أنه وصل عدد الوفيات من المخدرات على مستوى العالم 207 آلاف شخص أي قرابة الربع مليون.

ظاهرة انتشار المخدرات فيها أرقام مؤهلة فهي تضرب الشباب قبل الكبار، وآفة لا يمكن التكهن بعدد الوفيات الذي يزداد بشكل كبير، ولعلي هنا ألمح إلى أن المخدرات بات خطرها يقارب الإرهاب نفسه.

الأرقام تدل على أن المخدرات والإرهاب هما وجهان لعملة واحدة، إلا أن الإرهاب قائم على زرع الفتنة بين المذاهب والطوائف والمخدرات قائمة على دس السموم في أجسام البشر، كل هذه المقارنات ليس لشيء ولكن الوضع يحتم أن نلمس حجم مشكلة تزايد تلك الظاهرة، وقد كانت مملكة البحرين سباقة في مكافحة المخدرات خاصة أنها ضبطت أكبر شحنة مخدرات بالعالم بالشراكة مع الشقيقة المملكة العربية السعودية عام 2015 حيث بلغت قيمة الشحنة ملياري ريال.

والتساؤل الذي يطرح نفسه ما الحل؟ لإيجاد الحل لتلك الظاهرة يجب أن نعي أنها مرتبطة بشكل كبير بمافيا تدار من قبل رؤوس أموال لها مصالح في كل ذلك، ولو تعمقنا أكثر بتلك الظاهرة سنجدها هي الخطر الأعظم على المجتمعات وإهمال متابعتها على المستوى الإعلامي قد يكون أحد أسباب تزايد انتشارها، وأعترف شخصياً بأن الإعلام المحلي مقصر بهذا الجانب في توعية الجمهور ولكن لا أضع اللوم على إعلامنا لأنه يحمل ملفات ضخمة ومنها الملف الإرهابي الذي بات يؤرق الجميع، إلا أن ظاهرة المخدرات ظاهرة لا يمكن تجاهلها أو نسيانها لأن الأرقام بحد ذاتها تتحدث عن حجم خطرها.

وبالإشارة إلى ذلك عن تأثير وسائل الإعلام في الحد من هذه الظاهرة ودوره فيها، فقد لخص الأستاذ الدكتور أحمد مطهر عقبات الأكاديمي في جامعة صنعاء ذلك في دراسته المنشورة بعنوان «دور وسائل الإعلام في الوقاية من انتشار المخدرات» حيث استنتج «أن قضية تعاطي المخدرات مرتبطة بقضايا اجتماعية أخرى وفي مقدمتها التربية والصحة والفساد والجريمة، باعتبار أن السبب الرئيس لتفشي مشكلات المجتمع هو تناول المخدرات بانعكاساتها السلوكية غير الواعية على تصرفات الفرد وارتكاب جرائم إضافية يحاسب عليها القانون. ولذلك فإن المصلحة العامة تقتضي تضافر جهود مؤسسات الدولة والمجتمع المدني للقيام بواجباتهم إزاء هذه الظاهرة وفق الخطط والاستراتيجيات المرسومة لاستيعاب طبيعة وحجم المشكلة لكل معطياتها والتعاون المباشر مع الوسائل الإعلامية المحلية لإمدادهم بالمعلومات الضرورية لتعميق المعرفة لدى عوام الناس ولتكون عوناً للإعلاميين في أداء مهامهم وبرامجهم المتواصلة في اتجاهات وقضايا محددة لتحقيق أهداف مشتركة تتجسد في الوقاية من الإدمان، بحيث يبقى النشاط الإعلامي على الدوام معرضاً للدراسة والتقييم من أجل تأكيد مراجعة أساليبه في الأداء وقوة تأثيره وتعديل جوانب القصور واستطلاع آراء المستمعين والمشاهدين والقراء والقائمين على المؤسسات الخدمية المختلفة للاستفادة منها في تعزيز الجهد الإعلامي بكامله».

وبالتالي يتضح أن ظاهرة المخدرات وحجم انتشارها ينبئ بأنها مستمرة على مدى السنوات القادمة، فالإعلام قد يسهم في حال توافرت لديه المعلومات لتوظيفها بشكل أكبر من قبل الجهات المعنية بالأمر، فإذاً يجب أن نحارب هذه الظاهرة ليس عن طريق الإعلام بقدر محاربتها عن طريق الإيمان الداخلي بأنها مدمرة لمستقبل الشعوب حالها حال الإرهاب، فضحايا ظاهرة المخدرات والإرهاب أرقام تتصاعد بلا توقف.