مشكلة العمالة الزائدة من الوافدين أو كما تسمى العمالة السائبة أو الهامشية هى مشكلة حقيقية وأزمة تتزايد مع الوقت، ولا شك في أنها تؤثر على التركيبة السكانية ليس للكويت فقط ولكن فى دول خليجية أخرى مستقبلياً.

ولكن حقيقة لم تعجبنى الطريقة التى يتم بها نقاش هذه المشكلة فى مجلس الأمة وبعض الوسائل الإعلامية والتى تعودنا منها دائماً على تحميل المشكلة للوافدين وأنهم سبب الأزمة باستثناء بعض الحكماء فى بلدنا الحبيب والذين أنصفوا الوافدين بواقعية نحن جميعاً نعيشها، لأن هؤلاء الوافدين موجودون بطريقة قانونية وأنه ليس من العدل أن يدفعوا فاتورة تجار الإقامات من المواطنين الذين يتكسبون رزقهم بالتحايل على القانون واستغلال ثغراته، فضلاً عن أن الوافدين جميعاً يقومون بأعمال مقابل أجر ويدفعون من قوتهم للإقامة والتأمين الصحي والسكن والمواصلات ويقومون بأعمال لم ولن يفكر المواطن حتى في عملها.

لذلك إذا أردنا حل المشكلة يجب علينا أن نحدد بدقة موطن الخلل ومصدر المشكلة لكى نعالجها تماماً، فالعمالة السائبة هى عرض لمرض الطمع والجشع لتجار تأشيرات العمل وعلينا أن نبحث فى حلول سريعة وحاسمة لتغيير وتعديل بعض القوانين الخاصة باستقدام العمالة الوافدة حتى وإن لزم الأمر إلى وقف إصدار تأشيرات العمل لبضع سنوات لترتيب الأمور داخلياً وتفعيل دورالرقابة وتطبيق القانون بصرامة بالسجن والغرامة المشددة على هؤلاء المتاجرين بأمن واستقرار الوطن.

أما إذا انتقلنا إلى مشكلة البطالة فأيضاً هي من المشاكل التى يتم النقاش فيها بطريقة سطحية وساذجة إمتداداً لمشكلة العمالة الزائدة وهى مناقشة بعيدة كل البعد عن طبيعة المجتمع الكويتى وثقافته المعيشية، لأننا جميعاً نعلم أن العمل ثقافة وإرادة واختيار وليس سد فراغات، فما الفائدة التى تعود على الوطن من مواطن يأخذ راتباً لكي لا يصبح عاطلاً، هذه مسكنات وليست حلولاً.

والمسؤولية مشتركة بين الحكومة والمواطن، ولا يوجد تنسيق وضبط لحاجة سوق العمل الكويتى من الخريجين، والسؤال هنا للحكومة، أين الخطة لدعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة لشباب الخريجين وهل تعتقد الحكومة أن الشركة الكويتية لدعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة تقوم بهذا الدور على النحو المطلوب؟! ولماذا لا نأخذ الأمور بجدية وتخطيط ونستعين بخبراء فى الأمور الفنية والإدارية والتسويقية من دول تقدمت اقتصاديا بفضل هذه المشاريع الصغيرة والمتوسطة مثل كوريا الجنوبية والهند وإيطاليا على سبيل المثال وأن ندرِّس لأبنائنا الطلبة هذه التجارب فى المرحلة الثانوية وفوائدها على الفرد والدولة وأن نعلمهم أن عدم وجود حافز وهدف للمستقبل يجعلهم فريسة للاكتئاب والإحباط ورفقاء السوء.

إن سياسة ذر الرماد فى العيون أو دفن الرؤوس في الرمال من الحكومة والتى يقابلها سياسة الصياح وحب الظهور من تيار المعارضة لن تخدم وطننا في شيء بل تعقد الأزمات وتبعدنا عن الحلول الواقعية والمنطقية التى يجب أن تتم بدراسة ومنهجية علمية بعيداً عن النعرات الطائفية والحزبية والقبلية، نحن فقط نحتاج إلى جرأة فى التخطيط العلمى المدروس ثم التنفيذ، لأن الأيادى المرتعشة والقرارات المهتزة لن تبني مستقبلاً لوطن.