جن جنون حكام إيران بعد التصريحات الموضوعية التي أدلى بها في الشأن الإيراني صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولي ولي عهد المملكة العربية السعودية الشقيقة الأسبوع الماضي في مقابلته التي تابعها الملايين وحظيت باهتمام عالمي غير مسبوق، وبلغ جنون الملالي وضيقهم من هذه التصريحات أنهم قدموا شكوى ضد المملكة العربية السعودية إلى مجلس الأمن محتجين على ما قاله الأمير الشاب وخاصة ما يتصل بنقل المعركة إلى العمق الإيراني.

ما الذي قاله سمو الأمير محمد بن سلمان وأقض مضاجع عصبة الملالي إلى هذا الحد؟ لا شيء سوى الحقيقة! قال سموه: «كيف تتفاهم مع واحد أو نظام لديه قناعة راسخة بأن نظامه قائم على أيديولوجية متطرفة منصوص عليها في دستوره ومنصوص عليها في وصية الخميني بأنه يجب أن يسيطر على مسلمي العالم الإسلامي ونشر المذهب الجعفري الاثني عشري الخاص بهم في جميع أنحاء العالم الإسلامي حتى يظهر المهدي المنتظر، هذا كيف أقنعه؟ وما المصالح التي بيني وبينه؟!، وكيف أتفاهم معه؟!».

وأضاف سموه: «هذا منطقه أن المهدي المنتظر سيأتي ويجب أن يحضّر البيئة الخصبة لوصول المهدي المنتظر ويجب أن يسيطروا على العالم الإسلامي، وحرموا شعبهم لأكثر من ثلاثين سنة من التنمية وأدخلوه في مرحلة الجوع والبنية التحتية السيئة لتحقيق هذا الهدف، لن يغير رأيه في يوم وليلة وإلا انتهت شريعته داخل إيران، فما نقاط الالتقاء التي يمكن التفاهم فيها مع هذا النظام؟ تكاد تكون ليست موجودة».

وأضاف الأمير محمد بن سلمان إن هنالك: «هدفاً رئيساً للنظام الإيراني في الوصول إلى قبلة المسلمين، ولن ننتظر حتى تصبح المعركة في السعودية، بل سوف نعمل لكي تكون المعركة لديهم في إيران».

التصريح ككل، وخاصة العبارة الأخيرة أخرجت الملالي عن طورهم، لأنهم يعرفون ماذا تعني أن تكون المعركة داخل أراضيهم، بغض النظر عسكرية أو غير ذلك، لأن السور العالي للحصن الحصين هو عبارة عن كرتون ينخره السوس، والحصن الحصين نفسه يقوم على أعمدة واهية معلقة على وهم كبير وخدعة أكبر اسمها إيمان الإيرانيين بأكذوبة الثورة الإسلامية، بينما الوقائع كلها تقول غير ذلك، ويكفي أن ترى سرعة نزع التشادور من قبل الإيرانيات حتى في الطائرات الإيرانية بمجرد ارتفاع الطائرة عن الأرض، وغير ذلك من وقائع وحقائق يعرفها أول ما يعرفها الملالي الخائفون المختبئون خلف مقاصل الإعدام الجماعية والظلم الشامل والفتاوى الدموية والإفقار المبرمج لمواطنيهم وغير ذلك من وسائل القتل والترهيب والإجرام بحق الشعوب المغلوبة على أمرها داخل السجن الرهيب المسمى «جمهوري إسلامي إيران» والإسلام منها براء.

وما يرعب هؤلاء الملالي أن الأمير محمد بن سلمان تحدث بلغة الحقائق والواقع فسلط الضوء على حقيقة نوايا النظام الإيراني البائس، فجن جنونهم، وهو أمر لاحظناه أكثر من مرة مع كل تصريحات عربية تسلط الضوء على نواياهم، ولعلنا نذكر تهجمهم الشهر الماضي على العاهل الأردني جلالة الملك عبدالله الثاني عندما صرّح عن علاقة إيران بالإرهاب. وجميعاً نعلم من هم الذين يخشون الضوء إلى حد فقدان السيطرة على أنفسهم عند تسليطه عليهم.

أما تصريحات الأمير محمد بن سلمان ولي ولي العهد السعودي فإن أبسط طريقة لفهمها هي وضعها في سياقها الطبيعي بالإجابة على السؤال التالي: من الذي يناصب الطرف الآخر العداء؟ للإجابة تذكروا مواقف الخميني تجاه السعودية وشقيقاتها منذ يومه الأول، وأعمال التخريب والإرهاب والتي لم يسلم منها حتى بيت الله الحرام وحتى موسم الحج المبارك في أقدس بقاع الأرض تحت شعارات تصدير الثورة، ولا ننسى الاعتداء على السفارة السعودية وقنصليتها والعمل على اغتيال مسؤولين سعوديين وتحشيد خطاب طائفي معاد للسعودية في مناطق النفوذ الإيراني بل ودعم حركة انقلابية إرهابية معادية للسعودية في اليمن، وتذكروا بالمقابل كم أعطت السعودية المجال للحسنى واكتفت بالدفاع الإيجابي عن النفس، فلم نشهد مثلاً تفجيرات في مدن إيرانية ينفذها عملاء سعوديون على غرار التفجيرات التي نفذها عملاء إيرانيون في المدن السعودية. إذن، بعد ذلك كله، أليس الأمير محمد بن سلمان محقاً كل الحق وهو يقول بصوت عالٍ إن السعودية لن تُلدغ من إيران مجدداً، مشدداً على أنه لا توجد نقاط التقاء مع إيران للحوار والتفاهم؟

وحين تتهم عصبة الملالي الأمير بإعلان الحرب على إيران فهم ينسون حقيقتين: الأولى أن الواقع يقول إن إيران هي من تشنّ حرباً فعلية على السعودية في أكثر من جبهة وبأكثر من أسلوب، والثانية أن الأمير محمد هو نفسه الذي قال بعد حرق السفارة: «إن الحرب بين السعودية وإيران تعني بداية كارثة كبرى في المنطقة، وسوف تنعكس بقوة على بقية العالم. وبالتأكيد لن نسمح بحدوث ذلك»، ولنتذكر كيف كان الرد الإيراني السخيف على تصريحه هذا آنذاك.

ولعل المنطق الإيراني في هذه الادّعاءات وخاصة شكواهم لمجلس الأمن عما يسمونه إعلان الحرب على إيران يذكرنا بمثل متداول عند أشقائنا السوريين المحتلة بلدهم اليوم من إيران وعملائها يقول «ضربني وبكي، سبقني واشتكى».

والسؤال الذي يطرح نفسه بعد كل هذا: ترى هل سيفهم حكام إيران تصريحات الأمير في سياقها الصحيح ويتوقفون عن غيهم وبغيهم؟ أشك في ذلك، ولكن لأنهم عسيرو الفهم قصيرو النظر فدعوني ألخص لهم الموضوع في كبسولة صغيرة: البادئ أظلم، ومعها جرعة ماء لتسهيل البلع: على الباغي تدور الدوائر!