في كل مرة تصدح فيها هيئة البحرين للثقافة والآثار بمجموعة خاصة من البرامج المميزة نقول إنها لن تقدم في العام الذي يليه ما هو جديد ومختلف، وهذا العام هو العام التاسع على التوالي الذي تقوم «الثقافة» بتبني برامج جد مختلفة وجميلة عبر مجموعة رائعة من الأعمال المتميزة سنراها قريباً بإذن الله تعالى في مملكة البحرين في «صيف البحرين».

لم تتوقف ابتكارات الثقافة برعاية الشيخة مي بنت محمد آل خليفة «راعية الثقافة» الأولى في البحرين والسفيرة الخاصة للسنة الدولية للسياحة المستدامة من أجل التنمية 2017 عن طرح كل ما هو رائع ومميز في صيف الوطن المشبَّع بالحب والفنون والعطاء والجمال والإبداع، فمن خيمة «نخول» المشحونة بالتراث المحلي والعالمي بكل تفاصيله الجميلة ومروراً «بأسمهان» وليلة الأفلام «وإل غاتو نيغرو» ويعقوب شاهين ومسرح «ميسولا» للأطفال بأميرته النائمة وعبر طريق «بوليود» وليـــس انتهاءً بتحية الموسيقى لملوك تايلند، ناهيك عن الفعاليات المصاحبة كورش العمل الخاصة بالتمثيل والارتجال والمكياج. فعاليات تضع الوطن على خارطة الأوطان، وبرامج ساحرة ودافئة تأخذ كل بحريني وكل عربي وكل ضيف أجنبي نحو سحر الشرق وجمال الغرب في مكان واحد، إنه العمل الجاد والمخلص لإبراز تاريخ هذه الجزيرة وطيبة أهلها الذين ما فتئوا يقدمون العطاء تلو العطاء في صيف قائظ يتحول عبر برامج الثقافة إلى برد وسلام.

بعد تقليص برنامج الدعم الحكومي لمشاريع الثقافة والتي من أبرزها «صيف البحرين» لم يتوانَ الداعمون من كل حدب وصوب لدعم الصيف ودعم الثقافة ودعم الوطن، وهذا يدلل على أن المؤسسات والشركات الكبيرة والصغيرة في البحرين مازالت تؤمن بالثقافة وأهميتها لبناء وطن زاهر ومختلف. في المقابل يمكننا أن نتبنى رسالة مفادها بأن على الحكومة أن تدعم ثقافتنا ومشاريع هيئة الثقافة بشكل جريء وواضح، فالدعم الخجول لا يمكن أن يجلب مواطناً للساحة الثقافة فكيف له أن يجلب سائحاً اعتاد أن يأتي كل عام إلى البحرين من كولومبيا والمكسيك ونيوزيلندا وبقية العالم البعيد جغرافياً عن جزيرتنا الساحرة لمشاهدة ما تطرحه الثقافة من برامج ثقافية متنوعة، محلية وعالمية؟

بقدر ما يمكن أن نشكر الداعمين المحليين ودعم بقية السفارات لمشاريع الثقافة إلا أننا نوجِّهُ خطابنا الوطني باتجاه الحكومة بالدرجة الأولى لدعم الثقافة ومشاريعها بشكل أكبر، وعلى رأسها صيف البحرين وربيع الثقافة ومهرجان التراث السنوي وتاء الشباب ومعرض البحرين السنوي للفنون التشكيلية وغيرها من البرامج الموسمية التي أسست لها هيئة الثقافة منذ زمن بعيد جداً. إن الدعم الحكومي لبرامج الثقافة هو دعم للبحرين وليس لهيئة أو فرد بعينه، فحين نعطي الثقافة فإنها ستعطينا في المقابل مداخيل إضافية تنعش اقتصاد الدولة والأهم من كل ذلك أنها سوف تعطينا فرحاً وسعادة، وستقدم لنا جيلاً يحارب كل أشكال التطرف والتخلف والإرهاب والعنف بالكلمة والموسيقى والفن الهادف، هذا هو صيف البحرين وهذه هي الثقافة، وأن التحدي الأكبر هو في استمرارية الثقافة «الحياة» وليس برفع الدعم عنها «الموت». والخيار الأول والأخير بين أيدينا.