قبل يومين انتقلت من براغ العاصمة التشيكية إلى لاهاي مروراً بأمستردام بهولندا، لا أخفيكم كم أعجبني جمال وتقدم البلد، ولفت نظري خليط الشعب المتكون من المستعمرات الهولندية، واستغرابي من وجود كل تلك المنظمات الإنسانية الأممية والحقوقية هناك. ومازال الخليج العربي يطاردني من عاصمة أوروبية إلى أخرى متفكرة كيف تدور الأيام وتتبدل الأحوال، لأزداد يقيناً أن فوق كل عظيم من هو أعظم منه، وأن ثمة تاريخاً مشرفاً للخليجيين العرب كاد أن يطويه النسيان، يعود لمعركة قادها مير مهنا أحد زعماء عربستان لطرد الهولنديين من جزيرة خرج في حفلة رأس السنة، فأشعلوا حفلتهم بلون الدم حتى استعادوا أرض العرب المنهوبة، تلك الأرض التي استعمرتها إيران -للأسف الشديد- فيما بعد كجزء من عربستان.

لطالما كانت منطقة الخليج العربي محل أطماع الأوروبيين، ونقطة سباق محموم بينهم فبعد الاحتلال البرتغالي كان الهولنديون ليعقبهم فيما بعد الفرنسيون، حتى تمكنت بريطانيا من تحقيق سيطرتها الأكبر عليها وطرد المحتل الفرنسي وليقبع على الأراضي الخليجية لفترة أطول. ورغم أننا في الخليج تعرضنا لأشكال مختلفة من الاحتلال ذاك، إلاَّ أنه لم ينازعنا من ذلك على أرزاقنا ومهنة الغوص آنذاك سوى الهولنديين -معجلين بزوالهم بهذا- بعدما أحضروا الزنوج ليمارسوا الغوص لاستخراج اللؤلؤ، ما دعا مهنا ناصر الزعابي المعروف بـ«مير مهنا» لطلب خروج الهولنديين من أرض خرج، وليخرجهم من الخليج العربي كاملاً بغزوته في ليلة رأس السنة بعد تعنتهم وتحديهم له.

من جهة أخرى.. بعد اكتشاف النفط في الأحواز العربية منح البريطانيون الأحواز العربية لشاه إيران لنصاب منذ ذلك الحين بحمى العين الإيرانية على الخليج العربي بضفتيه، لتطالنا لعنة الفرس وثأرهم التاريخي حتى اللحظة في محاولة للتمدد في بلاد العرب، بفضل البريطانيين.

* اختلاج النبض:

من غرائب الصدف أنني أحضر لهولندا لأشارك في مؤتمر أحوازي ولأتحدث عن الطغيان الإيراني الممتد من الأحواز وحتى اليمن، فما أعظم الخليج على ضفتيه، ذلك الخليج الذي لمع في عيون الأوروبيين لموقعه الاستراتيجي ليأتوا إليه من بعيد قبل النفط، ويؤكد على عروبته وأهميته اليوم في عقر دارهم مؤكداً على أن النضال العربي لا ينتهي إلاَّ باستعادة الحق المغتصب، وليقيم تلك المقاربة ما بين الاحتلال الإيراني والاستعمار الهولندي، وفي محاولة للتأكيد أن إيران إلى زوال من الأحواز العربية.