زهراء حبيب

في أول حكم شرعي صادر من المحكمة الشرعية الشق الجعفري استند على قانون أحكام الأسرة الموحد، ألزمت المحكمة الصغرى الشرعية الجعفرية الثانية"المستعجلة" زوجاً بحرينياً هجر زوجته للزواج بسيدة تايلندية بسداد حقها وحق أبنائها في النفقة وكسوة العيدين، أجرة الحضانة، وأثبتت اختيار طفلتيها لحضانتها،كما فرضت عليه سداد رسوم الدراسة لأبنائه الثلاثة في إحدى المدارس الخاصة. وأصدرت المحكمة برئاسة القاضي الشيخ صلاح عبدالعزيز الستري، وأمانة سر السيدعدنان جعفر هاشم، حكمها بإلزام الأب الذي يعمل بمنصب مساعد مدير بأحدى الشركات، بتأدية نفقة المأكل والملبس لزوجته بقيمة 100 دينار شهرياً، وكسوة عيدي الفطر والأضحي 50 ديناراً مرتين في السنة، وإثبات اختيار البنتين إلى والدتهما، وإلزام المدعي عليه بنفقة المأكل والملبس لابنائه الأربعة بقيمة 200 دينار شهرياً تقسم بالتساوي بينهم، تسلم بيد الأم. كما ألزمت المحكمة الأب بسداد نفقة كسوة العيدين للأولاد الأربعة بقيمة 200 دينار مرتين في السنة وتسلم بيد المدعية، وإلزامه بسداد لأبنائه الثلاثة رسوم مدرستهم الخاصة، بالإضافة إلى مستلزمات الدراسة من قرطاسية وشنط وملابس الزي المدرسي والأحذية بمبلغ 300 دينار مرتين في السنة، وكذلك مواصلات المدرسة بواقع 28 ديناراً شهرياً لكل واحد منهم، ابتداء من العام الدراسي المقبل. ورفضت المحكمة طلب الزوجة بإلزام الأب بسداد أجرة الخادمة، لكنها ألزمته بسداد أجرة حضانة عن الولد البالغ سنتين من عمره بقيمة 20 ديناراً شهرياً، ورفض أجرة حضانة الأولاد الثلاثة لتجاوزهم سن الحضانة. وتشير المحامية الصباغ محامية الزوجة بأن موكلتها أقامت الدعوى بعد أن لاحظت تغيير حال زوجها وغيابه عن منزل الزوجية، إلى أن سافر إلى تايلند في نهاية شهر رمضان الماضي وتزوج بأخرى وسكن معها، وهجرها كلياً وامتنع عن الإنفاق عليها وعلى أبنائه. وأشارت الصباغ بأن الزوجة تزوجت من المدعي عليه " زوجها" عام 2001، ورزقاً على فراش الزوجية بأربعة من الأبناء ( ابنتين وولدين) تتراوح أعمارهم بين 12 إلى سنتين، وبعد زواج الثاني تنصل من جميع التزاماته المالية رسوم الدراسة والمواصلات التي تسددها جهة عمله، وأجرة الخادمة. وحاول والد الزوجة إصلاح الأمر ودياً بحث الزوج على الرجوع لمنزل الزوجية، وأن زواجه بأخرى ليس سبباً لهجرانه، ناهيك وأن المدعي عليه ميسور الحال مادياً كونه يعمل في منصب مساعد مدير ويتقاضى راتباً شهرياً يبلغ 817 ديناراً عند توقيع عقد العمل، وزاد راتبه حتى فاق الألف دينار شهرياً، ولديه تأمين صحي، ويستلم علاوة سكن من جهة عمله، وبونس سنوياً، وبدل سكن من وزارة الإسكان، ويملك سجلاً تجارياً لبرادة تدر عليه دخلاً جيداً، بالإضافة لامتلاكه لأسهم في عقارات السيف ويستلم أرباحاً سنوية. وتقدمت الزوجة بطلباتها أمام المحكمة وهي ضم البنتين لوالدتهما بعد تخييرهما، بإلزام المدعي عليه بأن يؤدي للمدعية نفقة للمأكل والملبس بقيمة 100 دينار شهرياً، ومثلها نفقة كسوة العيدين مرتين بالسنة، وبأن يؤدي لأبنائه الأربعة 400 دينار شهرياً نفقة المأكل والملبس، ومثلها كسوة العيدين مرتين، وإلزامه بتأدية مصروفات الدراسة والقرطاسية مبلغ 400 دينار مرتين في السنة، بالإضافة إلى المواصلات مبلغ 28 ديناراً كل طفل. كما طالبت الزوجة بإلزام الأب بأن بسداد رسوم المدرسة الخاصة لأبنائه، وأجرة الحضانة للمدعية بواقع 50 ديناراً شهرياً،ومبلغ 120 ديناراً شهرياً أجرة عاملة المنزل. ولفتت ابتسام بأن موكلتها أكدت أمام المحكمة بأن جميع أبنائه يدرسون في مدارس خاصة عدا ابنها الأخير كونه مازال صغير السن ولا يتجاوز العامين من عمره، مشيرة إلى أن جهة عمل الزوج هي من تسدد رسوم ومصاريف المدارس الخاصة لكافة الأبناء، كما أن المدعي عليه استرجع الخادمة. وقابلها دفاع وكيلة المدعي عليه مذكرة بالدفاع دفعت فيها بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى لعدم توافر شروط الاستعجال، وعدم استحقاق المدعية لنفقة لعدم تمكينها المدعي عليه رغم استمرارها في منزل الزوجية، فينتفى شرط استحقاقها، مضافاً إلى أن الزوج ملتزم بسداد 160 ديناراً أجرة الشقة، و59 ديناراً فواتير الكهرباء، ولديه قروض تصل إلى 708 دنانير شهرياً. وأجابت المحكمة على ما أثارته وكيلة " الزوج" بأنه دفع غير صحيح وفي غير محله، كون أجرة الحضانة والرضاعة والمسكن وحق الحضانة وتسليم الصغير أموراً مستعجلة بقوة القانون، دون حاجة للتحقق من توافر شروط الاستعجال. وأستندت المحكمة في حكمها إلى قانون أحكام الأسرة الموحد الصادر مؤخراً، بتطرقها لنص المادة (49) من قانون رقم (19) لسنة 2017 على أنه(تجب نفقة الزوجة على زوجها بالعقد الصحيح ولو كانت مسورة إذا مكنته من نفسها ولو حكماً). وتقضي الفقرة (ب) من المادة (54) على أنه" يكون امتناع الزوجة عن الانتقال إلى مسكن الزوجية بعذر إذا كان الزوج غير أمين على نفسها أو عرضها أو مالها، أو لم يدفع معجل مهرها قبل الدخول، أو لم يقم بإعداد مسكن الزوجية) وهو مفاده أن النفقة واجبه قانوناً إذا امتنع من تجب عليه النفقة عن الإنفاق جازت مقاضاته، ويلزمه القاضي بدفع النفقه لأنه ولي الممتنع، ويستثنى من ذلك حالة تحقق النشوز المسقط للنفقة، لذلك لا نفقه للزوجة الناشز بالاتفاق، إلا أنه لا يعتبر سبباً لسقوط النفقة الزوجية خروج الزوجة من مسكن الزوجية دون إذن زوجها في الأحوال التي يباح فيها ذلك بحكم الشرع مما جرى به نص أو جرى به عرف أو قضت به ضرورة. ونوهت المحكمة بأن من ظاهر الأوراق تبين بأن المدعية زوجة للمدعي عليه، وقيامها بواجباتها الزوجية نحوه ولم يثبت نشوزها المسقط لنفقتها الزوجية، وأن الزوج لا ينفق عليها مأكلاً وملبساً، ولذلك فإنها تستحق نفقة زوجية شاملة كسوة العيد باعتبارها من العناصر الداخلة في عموم النفقة الواجبة على الزوج لزوجته والأب لأبنائه. ولفتت الصباغ بأن المحكمة أشارت إلى أنه حسبما جاء في الأوراق بأن راتب الأب يبلغ 1200 دينار بالإضافة إلى دخله الآخر حيث يستلم علاوة غلاء سكن من جهة عمله، وبونساً سنوياً، وبدل سكن من الإسكان وسجلاً تجارياً، وأسهم في عقارات السيف، وعليه تكون الدعوى جاءت على سند صحيح من الواقع والشرع والقانون، وترى المحكمة بفرض المأكل والملبس للمدعية بمبلغ 100 دينار، ولنفقة كسوة عيدي الفطر والأضحى 50 ديناراً مرتين في السنة. وفيما يخص تخير البنتين، بينت المحكمة بأن الفقرة (2) من المادة(125) من القانون رقم 19 بإصدار قانون الأسرة تقضي بأنه( يمنح خيار الانضمام إلى من يشاء من أبويه عند إتمام الأنثى سن التاسعة من عمرها، والذكر سن 15 سنة من عمره مع رشدهما)، ووفقاً لأحكام المذهب الجعفري فإن مدة حضانة الأم للولد ذكراً أو أنثى سبع سنوات، وبعدها تكون للأب إلى أن تتم الأنثى تسعاً فيكون لها أن تختار أي من الأبوين أو غيرهما. ومثلت البنتين وقد تجاوزتا سن التاسعة من عمرهما أمام المحكمة واختارتا الانضمام إلى والدتهما، وأما عن النفقة فاستندت المحكمة إلى نص المادة (62) من القانون رقم (19) لسنة 2017 بإصدار قانون الأسرة على أن ( نفقة الولد الصغير الذي لا مال له تجب على أبيه حتى تتزوج البنت، وحتى يصل الابن إلى الحد الذي يكتسب فيه أمثاله)، والثابت بأن الأبناء يعيشون مع والدتهم في شقة الزوجية، وصغر سنهم دليل العوز والحاجة، ونظراً للحالة المادية للأب كما ذكر سالفاً يسمح بفرض نفقة للمأكل والملبس للأولاد الأربعة بقيمة 200 دينار شهرياً تقسم بينهم بالتساوي، وتسلم بيد المدعية اعتباراً من تاريخ صدور الحكم، ولكسوة العيدين الفطر والاضحي مبلغ 200 دينار مرتين في السنة. وجزمت المحكمة بأن مصاريف التعليم من العناصر الداخلة في عموم النفقة الواجبة على الأب لأبنائه المستحقين للنفقة، وأن الدراسة من لوازم التربية السليمة المستحقة للأبناء. وبعد أن اطمأنت المحكمة إلى أن حالة المدعي عليه المادية تتسع لفرض مصاريف التعليم، وثبت أن رسومها تسددها جهة عمله، ألزمته بسداد رسوم المدرسة لأبنائه الثلاثة، ومستلزمات الدراسة من أدوات كتابية ودفاتر وشنط وملابس والزي المدرسي والأحذية بقيمة 300 دينار تدفع مرتين في السنة، كما ألزمته بسداد رسوم المواصلات بـ 28 ديناراً شهرياً لكل واحد منهم، ابتداء من العام الدراسي 2017و2018. وعن طلب أجرة حضانة، بأن القانون خلا من النص على أجرة حضانة للحاضنة وعليه يتعين الرجوع إلى المشهور في الفقه الجعفري، إذ كان من المقرر عن فقهاء المذهب أن الأم الحاضنة تستحق أجرة حضانة إلا إذا كانت متبرعة بها، أو وجد متبرع بحضانة الولد، وأن أجرة الحضانة تكون على المحضون وهو مقابل رعايتها لابن الولي طالما المحضون مازال في سن الحضانة. فيما تبين أوراق الدعوى بأن البنتين اللتين ضمتهما المحكمة لوالدتها المدعية قد تجاوزتا سن الحضانة، وأن الابن مواليد 2009 تجاوز سن حضانة النساء بأكثر من سنتين، وعليه ترى المحكمة عدم استحقاق الزوجة أجرة الحضانة بالنسبة إليهم، واما بشأن الولد البالغ من العمر سنتين فإنه مازال في حضانتها وتقوم برعايته وكافة شؤونه الحياتية، وعدم وجود متبرع بالحضانة من طرف الأب، مما يتعين الحكم بأجرة حضانة تصل إلى 20 ديناراً. ورفضت المحكمة الاستجابة لطلب الزوجة بإلزام الزوج بأجرة خادمة وهي 120 ديناراً، وذلك كون حالة الزوج المادية لا تسمح بفرض أجر خادم لزوجته وأبنائه، ولم يثبت بالدليل الجازم بأن المدعي عليه دخلاً تجاوز راتبه الشهري البالغ 1200 دينار، وأنه قدم دليل على وجود ديون والتزامات، وفي المقابل المدعية ربة منزل ولا تعمل فهي أولى برعاية ابناءها من الخادمة، فهي ليست بحاجة ماسة وضرورية للخادمة.