إيران وأتباعها وحدهم من تنكر لفضل المملكة العربية السعودية في خدمة الحجيج، وهم أول من نادى بتدويله، فإن كنا نعرف من هم أتباعها، الذين انسلخوا من عروبتهم وقبلوا بالعبودية تحت عباءة الولي الفقيه، فإننا نعجب أن تقبل قطر الشقيقة أن تكون معهم تعزف نفس اللحن، وقد أنف عن قوله ملايين المسلمين من غير العرب من شرق الكرة الأرضية وغربها من ترك ومن أندونيسيين ومن ماليزيين ومن بريطانيين ومن أمريكيين ومن صينيين وروس وشيشان، كلهم أقروا بالحق وقابلوا الفضل بالعرفان، إلا اللئام الذين فجروا بالخصومة حتى انحدرت بهم لقاع لا قرار له ولا خط أحمر ولا إحساس بأي قيمة إنسانية. فقطر لم تكتفِ بطلب التدويل الذي أنكرته لاحقاً حين رأت ردة الفعل، إنما شككت بقدرات المملكة على تقديم تلك الخدمات والقيام بذلك الواجب في سابقة لم يسبقهم إليها أحد، بل وتمادى بعضهم من سفهائهم ومرتزقتهم من موظفي قناة الجزيرة أن يسخروا ويستهزئوا وينالوا من قادتها بقلة أدب وذوق وبانعدام حس إنساني مقزز، فلا يستكثر أحد بعد هذا على المملكة العربية السعودية أن تعرض ما تقدمه من خدمات بشكل حضاري بلا منة ولا فضل، فلم يكن ذلك العرض إلا كي يشهد من حضر الحج ومن لم يحضره بقدرة المملكة العربية السعودية قيادة وشعباً على حمل تلك الأمانة والقيام بها على أكمل وجه. ونعجب لمن استكثر عليها هذا الحق، ولم يردع من باب أولى من فتح المجال للتشكيك بقدراتها وأجبرها على الدفاع عن حقها، إنما دون ذلك وأبعد منه، فإن من واجب المملكة العربية السعودية أن تستعرض تلك الخدمات إعلامياً وتنشرها وتذيعها، مثلما هو واجبها في تقديمها، ليس من باب التفاخر، وليس للرد على تلك الترهات خاصة ونحن في زمن الإعلام والصورة فيه من أهم أدواته، بل لأن الرسائل التي ممكن أن تتحقق من ذلك أبعد من ذلك بكثير، آخرها استعراض قدرات المملكة، إنما أولها استعراض قيم الإسلام ورقيه وتحضره، وليس كالصورة قوة مؤثرة وأداة فعالة في نقلها. فكم هي القيم الإنسانية التي كرسها الإسلام والتي نجحت الصورة لخدام ضيوف الرحمن أن تنقلها حية؟ لقد رأينا تأثيرها في العالم أجمع وبكل اللغات، وتلك مهمة وواجب تتحمله أيضاً المملكة العربية السعودية، أن تنقل صورة الإسلام الحق بعد أن شوهها الإرهاب وممولوه، بأن سمحت للكاميرا أن تدخل إلى تلك المواقع التي رآها العالم ورأى معنى الإسلام ممثلاً في رقي وكفاءة وقدرة وتحضر من خدموا الحجاج من الجنود والأطباء ورجال الإطفاء والمتطوعين من الشباب أو البنات من أبناء المملكة العربية السعودية، لقد قدم هؤلاء للعالم صورة حضارية للإسلام ترد على ألف خطبة للعديد من الدعاة الذين صوروا الإسلام سيفاً وقتلاً وكرهاً وبغضاً، فرأى العالم الإسلام في صوره الحقيقية في ذلك التفاني والتواضع والرحمة والسماحة والقبول بالتعددية بأبهى صورها عند أبناء السعودية. القصص الإنسانية التي نقلتها الصور الحية عن تلاقي عوائل فرقتها الظروف، عن لحظات التقاء طفل ضائع بوالديه، عن بطولات الطاقم الطبي في إنقاذ حياة العديد ممن تعرض لنوبات مرضية، هي الصورة التي نرجو ونبحث عنها لنشرها، هي التي تعرض المسلمين والإسلام كما ينبغي، وتعرض صورة الشعب السعودي أيضاً كما ينبغي وترد على آلاف الصور التي شوهت وجهه الحضاري. الرحمة بالأطفال وبكبار السن، التواضع عند الخدمة، ذلك هو الإسلام الحق وهذه هي أخلاق الشعب السعودي التي يجب أن تظهرها الصورة ويظهرها الإعلام، وهنا ننوه أن وسائل التواصل الاجتماعي تفوقت بكثير على الإعلام التقليدي، وما انتشر من جهد للإعلام التقليدي إلا بفضل تلك الوسائل، لذلك لا بد أن نشيد بذكاء القرار الجريء الذي اتخذ بالاستعانة بهذه الوسائل لنقل هذه الصور ونشرها فقد ساهمت بسرعتها وبتركيزها أن تروج لمستوى الخدمات التي قدمت على أكمل وجه. حري بتلك الصورة المشرفة لخدمة الحجيج التي نقلت حية أن تخجل إيران وأتباعها ومن شكك بقدرات المملكة العربية السعودية في خدمة ضيوف الرحمن، وحري بها أيضاً أن توقظ ضمائر تم تنمويها حزبياً، لتصحو بشذرات تقر بها بالحق، ثم تعود فتغفو من جديد، ضمائر لا ترى عيوباً في مواقعها تزكم الأنوف وتنحدر بالقيم الإنسانية لأسفل السافلين، فلا يهزها كي تنطق بالحق، ولكنها تقف عند هفوات خصومها السياسيين فتصحو من غفوتها لتعطي نصائحها إبراء للذمة. اللهم اهدنا وإياهم.