حاوره حسن الستري

تصوير محمد الملا

أعلن مدير عام المكتبة الوطنية بمركز عيسى الثقافي عضو مجلس الشورى منصور سرحان البدء بخطة تحويل المكتبة إلى مكتبة رقمية، مشيراً إلى أن المشروع يتضمن تبادل الكتب مع مكتبات الدول العربية.



وطالب سرحان، في حوار لـ"الوطن"، ببناء مكتبات عامة في مدينة حمد والمدن الإسكانية الكبرى التي تنفذها وزارة الإسكان، موضحاً أن "المكتبة عنصر أساس لبناء المدن الحديثة فهي كالجامع والمركز الصحي".

وأكد أن الثورة الرقمية لا تقضي على المكتبات، خصوصاً بالنسبة للباحثين الذين يحتاجون قواعد البيانات التي لا تتوافر إلا في المكتبات.

وفي سياق آخر، ثمن سرحان المقترح النيابي بإعادة السؤال البرلماني للشوريين، موضحا أن السؤال لا يمكن اعتباره من الأدوات الرقابية ليكون مقتصراً على النواب.

فيما رفض فصل الذمة المالية للزوجين، موضحاً أن عدم الفصل يضرب مثلاً في الشفافية التامة.

وبيّن سرحان عدم الحاجة للنص على أسلمة استثمارات صناديق التقاعد، "لأن القائمين عليها مسلمون، ويخضعون لرقابة المصرف المركزي وديوان الرقابة المالية والإدارية وهم أيضا مسلمون"، فيما دعا لرفع سن التقاعد بشكل اختياري.

وفيما قال سرحان إن نظام تقاعد النواب والشوريين يمنحهم مساحة أكبر لممارسة دورهم التشريعي والرقابي، فإنه دعا لإعادة دراسة قانون التقاعد نظراً للظروف المالية التي تواجه البلد، وقال "إذا كنا نرفض منح المواطن امتيازات، فيجب علينا تخفيض امتيازاتنا".

وفي ما يلي نص الحوار:

** صرحتم سابقاً بأنكم تتجهون لرفع جميع الكتب والمؤلفات البحرينية لتكون متاحة للجميع بشكل رقمي، إلى أين وصل هذا المشروع؟

حاولنا تحويل الكتب البحرينية إلى الكترونية. المشروع طموح ويحتاج إلى ميزانية كبيرة جداً، وكنت أفكر أننا قد نحتاج إلى شركة خارجية. أردنا أن يكون المشروع ممولاً من ميزانية عيسى الثقافي، لكننا وجدنا المبالغ كبيرة، لذلك بدأنا بمحاولة تجريبية من الداخل، عبر قسم تقنية المعلومات. نحن في طور التجربة، نحاول تطبيق المقترحات، واذا لم نتمكن فلا بد من الاستعانة بشركة خارجية.

** وهل هناك خطة لرفع الكتب الموجودة بالدول العربية على الانترنت؟

بعد تنفيذ هذا المشروع، سنتواصل مع الدول العربية الأخرى التي لديها مشروع من هذا النوع وتبادل الكتب معها لتكوين حصيلة كبيرة جداً من الكتب، يستفيد منها الجيل الحالي والأجيال المقبلة.

اتفقنا في اجتماعات جامعة الدول العربية أن تقوم كل دولة بعملية رقمنة كتبها، ثم تتم عملية التواصل والتبادل.

** ما رأيك في الانتشار الجغرافي للمكتبات على مستوى البحرين؟

بالنسبة للمكتبات في البحرين، هناك مكتبات تغطي مناطق جغرافية، ولكن هناك مناطق ذات كثافة عالية ليست فيها مكتبات.

أطلب كبرلماني وكمدير للمكتبة الوطنية من وزارتي الإسكان والتربية والتعليم الاهتمام ببناء مكتبات عامة في المدن الإسكانية الجديدة.

للأسف، مدينة حمد بنيت في الثمانينات وحتى الآن لا توجد فيها مكتبة عامة. يجب أن يكون هناك نوع من التنسيق بين الوزارتين. وما ينطبق على مدينة حمد ينطبق على المدينة الشمالية ومدينتي شرق سترة وشرق الحد، هناك اربع مدن لا يوجد فيها مكتبات ولا تخطيط لبناء مكتبات فيها.

المكتبة عنصر أساس لبناء المدن الحديثة فهي كالجامع والمركز الصحي. لدينا تجربة في الستينات، حين تم التخطيط لبناء مدينة عيسى لأن تكون متكاملة تتوافر فيها جميع الخدمات بما فيها المكتبة العامة، فكيف تبنى بعدها مدن حديثة ولا تتوافر فيها مكتبات عامة.

** كثيرون يرون أن سهولة الوصول للكتب من خلال الإنترنت يغني عن الحاجة للمكتبات، ما رأيك؟

الثورة الرقمية لا تقضي على المكتبات. أوروبا متقدمة علينا من الناحية الإلكترونية، ومع ذلك المكتبات عامرة، فأنت تحتاج إلى المكان المهيأ، كما أن هناك قواعد بيانات تحتاج إلى اشتراكات، والفرد العادي لا يمكن أن يدفع ويوفر هذه القاعدة التي لا يستغني عنها أي باحث.

** هل تبدو المقارنة مع الشعوب الأوروبية دقيقة، خصوصاً أنها شعوب أكثر ميلاً للقراءة من الشعوب العربية؟

إذا كان القراء قليلون فهذا لا يعني عدم توفير الوسائل. إذا أردت أن تؤلف كتاباً أو تقرأ كتبا معينة، فأنت لا تستغني عن المكتبة. كما يجب تشجيع الناس على القراءة بالمكتبات.

** كان لك دور بارز في تدشين المكتبة البرلمانية بمجلس الشورى؟

كانت من الجهود التي بذلتها في مجلس الشورى. كلفني رئيس مجلس الشورى للتخطيط لإنشاء مكتبة برلمانية تتبع مجلس الشورى. وجرى افتتاح مكتبة فيها أكثر من 5000 عنوان كتاب، نصفها في الجانب القانوني، ويمكن لأعضاء مجلس الشورى أن يستفيدوا من هذه المكتبة.

تم اختيار المبنى الجيد، وأثثت بأثاث مكتبي وفق المعايير المستخدمة دولياً. وتستخدم المكتبة البرمجيات وفيها موظفة ذات خبرة ومؤهل.

** ما رأيك في المقترح النيابي بإعطاء الشوريين صلاحيات رقابية كالسؤال البرلماني؟

لكي يكون العمل الرقابي صحيحاً، يجب أن تكون الرقابة من جانب النواب فقط. أما دور مجلس الشورى فتقديم المقترحات والقوانين، ولكن أعتقد أن الأسئلة لا تعتبر رقابة. لذا أؤيد وبحماس شديد إعادة السؤال البرلماني للشوريين، لأن هذا فيه مصلحة للوطن قبل كل شيء، في كثير من الأمور يريد الشوري أن يستفسر ويعرف، وحين يقدم السؤال ويحصل على الجواب قد يتبين مدى صحة فكرته من خطئها. هذا فيه مصلحة للجميع وجزء من الشفافية، كما أن أسئلتنا قد يستفيد منها النواب أيضا.

** شهد مرسوم فصل الذمة المالية للزوجين جدلاً في مجلسكم، بين من اعتبره تفريغاً لقانون كشف الذمة المالية من محتواه، وبين من رآه ضرورة تفرضها أحكام الشريعة الإسلامية، ما رأيك؟

بالنسبة للذمة المالية، طالبت في المجلس أن تكون للزوجين معاً، لنضرب مثلاً في الشفافية التامة، وتمنيت الموافقة عليه، في بعض الدول قانون الذمة المالية للزوجين ويعلن عنها ولا تقدم بصفة سرية لكي يعلم الجميع.

** ولكن ماذا لو رفضت الزوجة مثلاً الإفصاح عن ذمتها، هذا يعني أنه سيحظر على الشخص الترشح أو قبول أي منصب؟

اذا كان هناك قانون واضح، فإن من يتقدم للبرلمان، يعرف أن عليه أن يفصح عن ذمته وذمة زوجته، وعليه أن يتفاهم معها قبل أن يتقدم للترشح أو يقبل المنصب.

** قانون الأسرة البحريني، كان مقترحاً من مجلسكم، ما رأيك في إقراره؟

قانون الأسرة كان مسك ختام مجلس الشورى. أعتقد بأن إقراره مهم جداً. والبحرين قبله كانت متخلفة عن دول كثيرة. كان القانون منصفاً للمراة خصوصاً أن بعض المشاكل تتعطل بسبب عدم وجود قانون. والقضاة لم يكونوا متفقين على نقطة معينة. اليوم هناك قانون يرجع له في حال الاختلاف.

** أثار رفضكم مقترح تخصيص 2 % من الوظائف للمعاقين رفض الجهات الأهلية المعنية بالمعاقين، ما ردك؟

تخصيص 2% من الوظائف للمعاقين مرفوض، ماذا لو لم يتقدم معاقون، فأنت تخسر الوظائف الحالية، كما ان القانون الحالي لا يمنع من منح وظائف تفوق هذه النسبة للمعاقين.

** يثار حديث عن توجه حكومي لرفع سن التقاعد، ما رأيك؟

في الوقت الحالي وبفضل الوعي الصحي والتقدم الاقتصادي والاجتماعي، بات معدل العمر مرتفع، دول كثيرة رفعت سن التقاعد من 60 الى 65، لم لا يطبق لدينا مع إبقاء حق المواطن في أن يتقاعد في سن 60، فرفع السن يعطي المجال للاستفادة من أصحاب الخبرة، وإن كان البعض يرى أن بقاءهم يعطل توظيف العاطلين.

أرى أنه يجب أن تكون هناك مرونة بأن يكون هذا اختيارياً وليس إجبارياً. كما يجب الأخذ أيضاً برأي الخبراء الاكتواريين في هذا الجانب، نحاول قدر الإمكان إبقاء صناديق التقاعد قوية.

** لماذا عارضتم مقترح أسلمة تعاملات صندوق التقاعد؟

لسنا محتاجين في كل شيء لقانون، تعاملات صندوق التقاعد لا تتعارض مع الشريعة الإسلامية كتحصيل حاصل. القائمون على الاستثمار كلهم بحرينيون ومسلمون، ويخضعون لرقابة مصرف المركزي وديوان الرقابة المالية الإدارية وكلهم مؤمنون. يجب أن تكون الصناديق مليئة لكي يعطى المتقاعدون حقوقهم، لذلك رفضنا المقترح النيابي.

** ما رايك بالمقترحات النيابية بتعديل تقاعد البرلمانيين؟

تثار حول قانون تقاعد الشوريين والنواب والبلديين تساؤلات كثيرة، منها أنه من غير المعقول أن يقضي العضو 4 سنوات ثم يعطى 50 % التي تعطى للموظف الحكومي بعد عمل 25 عاماً، إضافة إلى الكلفة المادية التي تقع على عاتق الدولة في تغطية العجز الموجود.

من الافضل أن يتم درس الموضوع من جديد من قبل الشوريين والنواب باعتبارهم يمثلون السلطة التشريعية. أطالب بدراسته من جوانب مختلفة والاسترشاد بما هو موجود في مجالس أخرى كدول مجلس التعاون الخليجي، فهل مثل هذا النظام التقاعدي موجود أم غير موجود، لأن هذه النقطة حساسة، والمجتمع البحريني برمته يتساءل: لماذا يستحق الشوريون والنواب هذه المكافاة على هذه الخدمة، هذه النقطة بحاجة لدراسة من جديد ويجب الاسترشاد بدول اخرى.

** المدافعون عن القانون يقولون إنه يمنح حصانة للنائب لكي يمارس عمله بحرية أكثر، لأن مستقبله ومستقبل أبنائه سيكون مكفولاً، ما رأيك؟

لو كان النائب موظفاً في جهة حكومية قبل ترشحه، وفاز، وكانت لديه نية أن يعود لعمله السابق فلن يتحرك بحرية، خصوصاً أنه من المفترض أنه ملم بجميع تفاصيل تلك الجهة، ما يعني أن ذلك يحول دون تبنيه ملفات جهة عمله.

كذلك، فإنه في النظام الإسلامي هناك نوع من الإرشادات للقاضي، بإكرامه والإغداق عليه بالمال وإجلاسه بصدارة المجلس، فإذا شعر أنه محترم من الجميع وأن جانبه المالي مؤمن، فليس بحاجة لأن يميل لأي شخص.

هذا صحيح، ولكن مع ذلك 50 % لأربع سنوات بحاجة لإعادة نظر. لا يمكن أن تساوي 4 سنوات 25 سنة. كما يجب أن ننظر إلى الدخل القومي للبلد، لذلك أؤكد أن عملية التقنين واجبة عبر الاسترشاد بما هو موجود من دول أخرى.

** أنت قست النائب على الموظف، ولكن الواقع يقول إنه قياس مع الفارق، فالموظف من شأنه أن يبقى 25 سنة وأكثر في عمله، والنائب ينتخب كل 4 سنوات!

الإجراءات الحالية تنص على أن يعطى أعضاء المجالس الثلاث المكافآت المالية ويخرجون بهذه النسبة، لكن وضع البلد الاقتصادي يفرض علينا إعادة النظر. نحن نرفض زيادات للمواطنين، فحري بنا أن نخفض امتيازاتنا، حين كانت الظروف المالية مهيئة فكنا نعطى راتباً عالياً، الدين العام مرتفع وهو يعتبر رقماً فلكياً بالنسبة للبحرين.

** كان هناك مشروع يسمح للنواب والشوريين والبلديين بشراء سنوات خدمة، واحتساب التقاعد على آخر راتب، بدل احتسابه على أول راتب، لكنه مرفوض من لجنة الخدمات الشورية ومجلسكم أجله لأجل غير مسمى.

بالنسبة للشراء، فأنا أرفضه، نائب او شوري انتخب أو عين لسنتين، وخرج لظروف معينة، فلو سمحنا له بالشراء فقد يكون هناك ضرر على الصندوق.

أما بالنسبة لاحتساب الراتب التقاعدي على آخر مكافاة، فهذه نقطة تستحق البحث، لذلك أؤكد أن هذا الموضوع يحتاج إلى دراسة أكثر، لكي نخرج بتصور محكم.