عواصم - (وكالات): وصف وزير خارجية بنغلادش أبو الحسن محمود علي ما يجري في بورما تجاه مسلمي الروهينغا بأنه "تطهير عرقي"، فيما تحدث ناجون من الروهينغا عن مجازر ضد المسلمين في بورما.

وأضاف وزير خارجية بنغلادش التي لجأ إليها 300 ألف من الروهينغا "المجتمع الدولي يقول إنه تطهير عرقي، ونحن نرى ذلك أيضا". وتحمل أقلية الروهينغا الجيش البورمي وبوذيين متطرفين في البلد مسؤولية أعمال العنف.

ولجأ نحو 300 ألف من مسلمي أقلية الروهينغا من ولاية راخين هربا من أعمال العنف إلى بنغلادش المجاورة الفقيرة، وفق الأمم المتحدة.



والأحد، أعلن مقاتلون من الروهينغا وقفا لإطلاق النار من جانب واحد مراعاة للظروف الإنسانية القاسية التي يمر بها السكان وتسهيلا لوصول المساعدات.

ومنع الجنود البورميون الدخول الى المسجد ووصل رجال مسلحون بسواطير وعبوات وقود، وعندها بدأت المجازر، كما افادت شهادات للروهينغا. وقال ماستر كمال "53 عاما" المدرس الذي نجا من مجزرة وقعت في قرية اونيغ سيت بين بولاية راخين شمال غرب بورما ان "الذين كانوا يجرون قتلوا بسواطير وسقط آخرون برصاص الجيش".

وقابلت وكالة فرانس برس 10 من سكان القرية تمكنوا من اللجوء الى بلوخالي الحي العشوائي الواسع في بنغلادش الذي رووا فيه الحوادث المروعة التي جرت في 25 اغسطس.

في ذلك اليوم هاجم مقاتلون من الروهينغا مراكز للشرطة ما ادى الى حملة قمع واسعة شنها الجيش ودفعت 300 الف من الاقلية المسلمة في بلد معظم سكانه من البوذيين الى النزوح.

وقال ماستر كمال "كانوا يحرقون المنازل وهربنا لننجو بحياتنا"، موضحا انه شاهد ثلاثة من جيرانه يقتلون.

وتحمل اقلية الروهينغا الجيش البورمي وبوذيين متطرفين في البلد مسؤولية اعمال العنف.

وقال محمد امين "66 عاما" وهو مزارع كان والده وجيها في القرية ان عائلته تعيش في اونغ سيت بيين منذ ثلاثة اجيال.

وقال الرجل الذي كان يرتدي ملابس رثة "انها المرة الاولى التي نهرب فيها. لم ار عنفا كهذا من قبل".

وعندما بدأ اطلاق النار جرى ليختبىء في الادغال وعبر نهرا ليفلت من الجنود الذين كانوا يطاردون المدنيين. وقال "على الجانب الآخر من النهر رأيت ان كل شيء كان يحترق".

ويؤكد الجيش البورمي ان 400 شخصا معظمهم من المتمردين قتلوا في اعمال العنف.

لكن الامم المتحدة تعتقد ان هذا الرقم مخفض وتتحدث عن سقوط اكثر من الف قتيل. وقد شهدت قرى اخرى في ولاية راخين مجازر ايضا.

ويؤكد اللاجئون من قرية اون سيت بين انهم شاهدوا اثناء فرارهم اشخاصا يقتلون وجثث ضحايا قتلوا بسواطير او احرقوا.

ويؤكد بعضهم ان الطريق الى بلوخالي استغرق 6 ايام، بينما اختبأ آخرون واحتاجوا الى 12 يوما ليعبروا ممرات ضيقة وادغالا كثيفة تحت امطار غزيرة، قبل ان يصلوا الى بنغلادش.

وقالت انورة بيغوم "35 عاما" انها اضطرت للقفز في النهر مع ابنها البالغ من العمر 4 اعوام لتفلت من رصاص الجنود.

وفي حالة الهلع هذه فقدت الاتصال بابنائها الخمسة الآخرين خلال لجوئها الى التلال المجاورة التي كانت مروحيات تحلق فوقها. وتابعت "اعتقدت انني لن اراهم بعد اليوم".

لكن ابناءها الآخرين الذين تتراوح اعمارهم بين 5 اعوام و12 عاما نجحوا في اللحاق بوالدهم على الحدود واجتمعت العائلة من جديد في بنغلادش. لكن هناك آخرين لم يحالفهم الحظ.

فقد لقي اكثر من 100 شخص مصرعهم خلال عبورهم نهر ناف الحدودي بين البلدين.

ووصل جرحى يعتقد انهم اصيبوا بالرصاص. كما تم نقل قتلى او من بترت اعطرافهم في انفجار الغام على الحدود قال اللاجئون انها زرعت لمنعهم من الوصول الى بنغلادش.

وروى جمال حسين "12 عاما" ان اخوته الخمسة الذين يكبرونه سنا قتلوا برصاص رشاش في اونغ سيت بين. ولم ير الطفل والديه ولا اخواته السبع.

وقال "كنا معا ثم بدأ اطلاق النار فجأة. لم انظر الى الوراء لانني اعتقدت انني ساموت. عندما اختبأت تذكرت كل شيء وبدأت ابكي". وعلى كتفه آثار جرح صغير يدل على اصابته بشظية رصاصة.

ويعيش بعض الروهينغا في بورما منذ اجيال. لكن البورميين يعتبرونهم بنغاليين ما جعلهم اكبر مجموعة محرومة من الجنسية في العالم. وبنغلادش بلد فقير يواجه منذ سنتين تدفق مئات الآلاف من الروهينغا.

واللاجئون في بلوخالي ليس لديهم اي مكان آخر ليذهبوا اليه. وقال انورة بيغوم انها مستعدة "للتسول" من اجل البقاء. واضافت "اذا لم يكن لدي اي شيء آكله فساتناول التراب لكنني لن اعود ابدا".

من جانبه، وصف وزير الخارجية البنغلادشي أبو الحسن محمود علي ما يجري في ولاية راخين المجاورة لبلاده بأنه تطهير عرقي.

وفي مخيم اقيم على عجل بالقرب من شالامبور ببنغلادش، يشكك اللاجئون الروهينغا في امكانية ان يسمح وقف اطلاق النار بعودتهم الى قراهم.

وقال حافظ احمد "60 عاما" ان الجنود البورميين "يقولون لنا "ارحلوا او نقوم باحراقكم جميعا". كيف يمكننا الاعتقاد ان وقفا لاطلاق النار سيكون له اي تأثير"؟

وبالنسبة لكثيرين لم يتبق شيء. وقال هاشم وهو مزارع من الروهينغا "لم اعد املك شيئا هناك، لا منزلا ولا قرية. كل شيء دمر".

وعرضت بورما للمرة الاولى السبت اقامة مخيمات للروهينغا المسلمين النازحين.

وعبر الصليب الاحمر في بنغلادش عن ارتياحه لوعد وقف اطلاق النار موضحا ان منظمات العمل الانساني تواجه "ازمة هائلة".

وقالت مسعدة سعيد من اللجنة الدولية للصليب الاحمر في بنغلادش "كيف تريدون منا ادارة تدفق هذا العدد من الاشخاص؟ انه بحاجة الى مأوى الى مكان آمن".

ويعتقد ان عشرات الآلاف ممن لا يزالون في ولاية راخين هم في طريقهم الى الفرار هربا من حرق القرى وحملات الجيش وممارسات عصابات اتنية، يتهمها لاجئو الروهينغا بمهاجمة المدنيين ومحاصرتهم في الهضاب بدون طعام وماء ومأوى ورعاية طبية.

ويصل معظمهم الى بنغلادش مشيا على الاقدام بعد ايام من السير تحت الامطار، او في مراكب. ويتقاسم البلدان حدودا طولها 278 كيلومترا يشكل ربعها نهر ناف.

وتقول المنظمات غير الحكومية انه بعد رحلة طويلة بلا طعام، يأتي القادمون الجدد مرضى وجائعين وضعفاء جدا، ويكون بعضهم مصابين بالرصاص ايضا.

وكانت معلومات تحدثت عن اصابة عدد من هؤلاء اللاجئين في انفجار الغام زرعت على الجانب البورمي من الحدود. وقال قائد حرس الحدود في بنغلادش الكولونيل المنظر الحسن خان ان 3 من القرويين الروهينغا قتلوا على بعد مئة متر من الحدود في انفجار لغم على ما يبدو مساء السبت.

وفي نهاية الطريق، يجد هؤلاء اللاجئون مخيمات مكتظة غير قادرة على استيعابهم.

في المجموع، تفيد تقديرات بان اعمال العنف دفعت ثلث روهينغا بورما إلى اللجوء إلى بنغلادش.

وقال يانغي لي المقررة الخاصة للامم المتحدة لبورما "اعتقد انها ستكون واحدة من اسوأ الكوارث في العالم وبورما في السنوات الاخيرة". وعبرت عن استيائها لتعذر دخول المنطقة الواقعة غرب بورما حيث يمكن ان يكون نحو الف شخص قتلوا.

ودعت اونغ سان سو تشي التي تقود الحكومة الى ان "تظهر للعالم لماذا كافحت من اجل بورما حرة وديمقراطية" والى "التحرك" في هذه الازمة.

وتتعرض حائزة جائزة نوبل للسلام في 1991 لضغوط من الاسرة الدولية التي تنتقد صمتها بشأن مصير الروهينغا.

ووجّه أعضاء منظمة المؤتمر الإسلامي المجتمعون في أستانا بورما انتقادات حادة إلى السلطات البورمية ودعوها للقبول بدخول مراقبين دوليين لوقف النزاع.