يوم في إثر يوم يتبين للجميع بأن الدول الأربع التي اتخذت قرار قطع العلاقات الدبلوماسية مع قطر وأردفته بمجموعة إجراءات، ربما اعتبرها البعض قاسية، لم تستهدف قطر ولا الشعب القطري الشقيق وإنما كان الهدف منها وضع حد لنشاطات سالبة ظل يقوم بها النظام الحاكم في قطر على مدى سنوات وتضررت منها تلك الدول وكل المنطقة وتضرر منها الشعب القطري أيضاً. هذه الحقيقة بدأت تتبين حتى صار كثيرون يتساءلون عن سبب التأخر في اتخاذ هذه الخطوة واعتبروها هادئة وغير معبرة بدقة عن الأضرار التي تحملتها المنطقة والدول الأربع «الإمارات والسعودية والبحرين ومصر» على وجه الخصوص.

الشعب القطري ليس إرهابياً ولا علاقة له بالإرهاب، ومن يقول بهذا يقف الجميع في وجهه، فالإرهاب وتمويل الإرهاب ودعمه ورعايته فعل مارسته السلطة القطرية وليس الشعب القطري الذي وجد نفسه فجأة في دائرة لم يجد معها بداً من الوقوف إلى جانب السلطة رغم تضرره منها إلى الحد الذي تفاجأ بالاتهامات الموجهة إليها ولم يصدقها إلا متأخراً.

هنا في دول مجلس التعاون تحديداً تألم الجميع من رفع الأوروبيين لافتات في مظاهرات كتب فيها اسم دولة قطر وربطها بالإرهاب، لهذا هب الغيارى - وهم كثيرون - للتأكيد على أن المشكلة ليست مع قطر ولا مع الشعب القطري وإنما مع النظام القطري الذي صار العالم يشير إليه بـ «نظام الحمدين» نسبة إلى الأمير السابق حمد بن خليفة ووزير خارجيته حمد بن جاسم اللذين يعتقد العالم أنهما لا يزالان مؤثرين ومتحكمين في السياسة القطرية وفي القرار القطري، بل هما كذلك.

لو أن المشكلة كانت مع الشعب القطري لاختلفت الإجراءات ولما ساعدت السعودية على تسهيل أمور الحج لمن شاء من أفراده ولما استجاب خادم الحرمين الشريفين لطلب سمو الشيخ عبد الله بن علي آل ثاني تذليل كل العقبات أمامهم ليؤدوا المناسك على أتم وجه، ولما سمح له بمتابعة مصالح القطريين في المملكة وإنشاء غرفة عمليات للقيام بهذا الأمر.

كل الإجراءات التي اتخذتها الدول الأربع لم تستهدف الشعب القطري ولم تستهدف قطر، فالمشكلة ليست مع قطر وليست مع شعبها وإنما مع من يتحكم فيها وفيه ويستغلهما لتحقيق مآرب صار معلوماً بعضها وينكشف في كل يوم بعض آخر منها «بعضها انكشف في اجتماع جامعة الدول العربية الأخير»، ولولا أن الأمر جد خطير والضرر كان بالغاً لما اتخذت تلك الدول تلك الإجراءات ولما سمحت لأحد بتداول اسم قطر واسم الشعب القطري، فقطر عزيزة على كل هذه الدول، وشعبها عزيز على شعوب هذه الدول، وعلى شعوب كل الدول. لهذا فإن تصريحات صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد أمير دولة الكويت في المؤتمر الصحفي الذي عقده مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في واشنطن أخيراً وتأكيده على أن قطر صارت مستعدة لتلبية المطالب الـ 13 وفرت حالة ارتياح كبيرة لدى الجميع لأنها أحيت الأمل في التوصل إلى نهاية لهذه الأزمة التي تسبب فيها النظام القطري.

الدول الأربع لم تستهدف قطر ولا الشعب القطري وإنما هدفت إلى تصحيح وضع خاطئ وإيجاد نهاية لممارسات سالبة خاطئة تضررت منها كثيراً وتضررت منها كل المنطقة كي تعود الأمور إلى سابق عهدها ولتتمكن قطر من ممارسة دورها الطبيعي والتزامها الحضاري.

ما يأمله الجميع هو ألا تأخذ السلطة في قطر العزة بالإثم وتتراجع عن تعهداتها وتأكيداتها لأمير الكويت مثلما تراجعت بعد دقائق من اتصال الشيخ تميم بن حمد بولي عهد السعودية الأمير محمد بن سلمان وتعبيره عن رغبة قطر الأكيدة في الجلوس إلى طاولة الحوار التي لا تزال تنتظرها وإيجاد حلول للمشكلة ترضي الجميع.