الرياض - إبراهيم بوخالد

منذ أيام حكم الدولة الصفوية عام 1501م وحتى حكم الملالي الخمينيين، لاتزال إيران تمارس عملياتها التي تتمثل في بث القلاقل بدول المنطقة، خصوصاً دول الخليج، كونها تعمل لأجل تحقيق الإمبراطورية المزعومة التي أعاد رسم خريطتها روح الله الخميني عبر خطته الخمسينية، بعد ثورته التي أطاحت بشاه إيران عام 1979.

وسعت طهران إلى زعزعة أمن واستقرار الدول المجاورة، ومحاولة بث الفتنة والنزعة الطائفية بين أبناء الجلدة الواحدة، وتتعدد الأنشطة الإيرانية المشبوهة في المنطقة سواء من خلال زرع خلايا مسلحة وشبكات تجسس في الكويت كخلية العبدلي أو تورطها بتدريب وتمويل عناصر في البحرين لتنفيذ تفجيرات كتفجير سترة، وذلك في مسعى لتأزيم الموقف على الساحة السياسية، أو عن طريق تقديم التمويل والتموين والإمداد العسكري لجماعات في دول خليجية، كالبحرين واليمن والكويت أو بإرسال قوات عسكرية وميليشيات تعمل لصالحها كما يحدث في سوريا والعراق، أو من خلال دعم "حزب الله" في لبنان مادياً وعسكرياً، ولوجستياً، حيث تقوم بتجنيد ميليشيات في العراق ولبنان وسوريا واليمن، وتدعم باستمرار الإرهاب بتوفير ملاذ آمن له على أراضيه، ناهيك عن دعم المتمردين الحوثيين في اليمن.



البحرين

منذ أن بدأت الأحداث في البحرين في فبراير 2011، وما تلا ذلك من عمليات إرهابية وإحباط الأمن البحريني لشحنات من الذخائر والمتفجرات والأسلحة قبالة السواحل البحرينية، وهو التاريخ الذي شهدت فيه البحرين اضطرابات أمنية خطيرة، وضبط المنامة خلايا إرهابية تبين أنها مرتبطة بالحرس الثوري الإيراني، ظهرت جلياً أنشطة إيران السرية في البحرين، ومحاولاتها زعزعة الاستقرار في البلاد، من خلال بث الفرقة بين المواطنين، الأمر الذي أدى إلى استدعاء وزارة الخارجية البحرينية، القائم بأعمال سفارة الجمهورية الإيرانية في المنامة، مهدي إسلامي، وقدمت له احتجاجاً رسمياً على ما وصفته بـ"التدخل" في الشؤون الداخلية للبلاد، واتهمت طهران بـ"بث الفتنة والفرقة، وتحرض طوائف المجتمع البحريني".

وقبل ذلك، واصلت إيران محاولاتها لزعزعة استقرار البحرين ففي 30 سبتمبر 2015، أعلنت وزارة الداخلية البحرينية العثور على موقع تحت الأرض داخل منزل يحتوي على كميات كبيرة من المتفجرات تزن أكثر من 1.5 طن، بالإضافة إلى ضبط موقع آخر بالقرب منه يستخدم كورشة لتصنيع القنابل محلية الصنع بقرية النويدرات وسط منطقة مأهولة بالسكان، ونقلت وكالة أنباء البحرين "بنا"، أنه تم العثور في المخبأ على كميات كبيرة من المواد شديدة الانفجار والمواد التي تدخل في صناعتها، قدرت بما يفوق 1.5 طن، ومن ضمنها مادة C4 و RDX شديدة الانفجار ومادة TNT المتفجرة، بالإضافة إلى مواد كيميائية وعدد من العبوات المتفجرة الجاهزة للاستخدام وأسلحة أوتوماتيكية ومسدسات وقنابل يدوية وكميات من الذخائر الحية والأجهزة اللاسلكية.

وأشارت إلى أنه تبين من خلال عمليات البحث والتحري وجمع المعلومات أن المقبوض عليهم على ارتباط وثيق "بعناصر إرهابية موجودة في العراق وإيران."

واستمرت إيران في محاولتها ففي 2 أكتوبر 2015، أعلنت البحرين سحب سفيرها لدى إيران واعتبار القائم بأعمال سفارة إيران لدى البحرين شخصاً غير مرغوب فيه وعليه مغادرة البلاد خلال 72 ساعة

وكشف وزير الداخلية البحريني، الفريق الركن الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة، في تصريحات صحافية مؤخراً، أن إيران تؤوي 160 مطلوباً أمنياً للبحرين شاركوا ونفذوا أعمالاً إرهابية هددت أمن واستقرار البلاد، مشيراً إلى أن أولئك الإرهابيين أسقطت جنسيتهم وصدرت ضدهم أحكام في قضايا أسفرت عن استشهاد 25 من رجال الأمن، إضافة إلى إصابة أكثر من 3000 رجل أمن بإصابات بليغة.

وأشار وزير الداخلية البحريني إلى وجود اعترافات لبعض المطلوبين الذين تم القبض عليهم بأنهم تلقوا تدريبات على استخدام وتصنيع الأسلحة والمتفجرات في معسكرات تتبع الحرس الثوري الإيراني، وأن أعمار الفئة المستهدفة من التدريب تتراوح بين 20 و40 سنة.

العراق

تهدف سياسة التدخل الإيراني في العراق إلى إبقاء حلفائها من الأحزاب الإسلامية في السلطة وحماية حدودها، وتحاول إيران الحد من تدخلها العلني في العراق كاستراتيجية لمنع الاستقطاب الطائفي واستعداء الأقلية السنية، وخلق ردود فعل معادية لإيران بين العراقيين، أو تعميق التوتر الطائفي وتمارس إيران دوراً فاعلاً رئيساً في تفاعلات الساحة العراقية، وعلى مختلف الأصعدة، ورمت بثقلها للمحافظة على هذا الدور وتعزيزه باستمرار، لإدراكها أهمية العراق الاستراتيجية، وكونه بمثابة بوابة مهمة للدخول إلى المنطقة العربية، ومن خلاله يتحقق التواصل الملائم لإيران مع حلفائها في باقي دول المنطقة. هذا الدور ذو الأبعاد السياسية، والأمنية، والاقتصادية، والعقائدية.

ويوجد في العراق العديد من الميليشيات الشيعية والتي تحصل على أكثر تجهيزاتها وعتادها من إيران، ومن أبرز هذه الميليشيات "فيلق بدر"، و"عصائب أهل الحق"، و"حزب الله العراقي"، الذي يحارب ضمن قوات "الحشد الشعبي" في مواجهة تنظيم الدولة "داعش"، ويمثل جزءاً رئيساً فيها.

كما يتواجد فيلق القدس الإيراني في العراق، حيث أعلنت وكالة "فارس" الإيرانية أن قائد "فيلق القدس" في الحرس الثوري الإيراني، قاسم سليماني، هو القائد الفعلي للقوات العراقية التي تقاتل "داعش"، مضيفة أن الشعب العراقي يثق بقواته وليس بالتحالف الدولي الذي تقوده واشنطن.

وأشارت الوكالة الإيرانية إلى أن "فيلق القدس" قدم الدعم الاستشاري واللوجستي لحماية العراق من الانهيار.

ورأت الوكالة أن التحالف الدولي لم يحقق أي شيء سوى مساعدة كردستان وتحرير سد الموصل خدمة للأكراد ذوي حلم الانفصال عن العراق في دولة مستقلة.

اليمن

جدد وزير الخارجية اليمني، عبدالملك المخلافي، اتهام النظام الإيراني بتهديد الاستقرار وتعزيز الفوضى في المنطقة برمتها، وقال المخلافي، خلال لقائه في الرياض مع مساعد وزير الخارجية الأمريكي، دايفيد ساترفيلد، يوم الإثنين 22 أكتوبر، إن طهران تسعى إلى استبدال الدولة بالطوائف والجيوش بالميليشيات من أجل أن يبقى مشروعها بالفوضى قائماً.

كما أعلنت الحكومة اليمنية، السبت، أنها ضبطت سفينة إيرانية على متنها 19 بحاراً قبالة سواحل أرخبيل سقطرى شرق البلاد، وقال رئيس الوزراء اليمني، أحمد عبيد بن دغر، على حسابه في "تويتر"، إنه '"تم ضبط السفينة الإيرانية، وهي في ساحل مدينة حديبو، عاصمة محافظة أرخبيل سقطرى، الواقعة بين المحيط الهندي وبحر العرب".

وأوضح بن دغر أنه "تم ضبط السفينة من قبل الصيادين في جزيرة عبد الكوري، إحدى جزر أرخبيل سقطرى".

وقامت إيران بدعم الحوثيين استراتيجياً ولوجستياً وعسكرياً واستخدم الحرس الثوري شركات وهمية مسجلة خارج البلاد لتساعد على تهريب المال والبضائع إلى الحوثيين بشكل متكرر.

وكشفت تصريحات نائب قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني، العميد إسماعيل قاآني، قال فيها "إن جماعة أنصار الله -الحوثيين- التي تدافع عن اليمن تدربت تحت العلم الإيراني"، مضيفاً "كل الذين يقفون معنا، هم في الواقع جاؤوا للوقوف تحت العلم الإيراني، وهذه تعد نقطة قوتنا الإقليمية الفاعلة والحقيقية في منطقة الشرق الأوسط، التي يفتقدها أعداؤنا"، وكشفت عدة تقارير صحافية عن زيارة سليماني إلى اليمن للإشراف على تدريب جماعة الحوثي، وإعداد الخطط العسكرية، وطرق تزويد الانقلابيين بالأسلحة الإيرانية.

سوريا

في سوريا أطلق نظام الرئيس بشار الأسد يد الحرس الثوري الإيراني بقيادة قاسم سليماني في كافة البلاد، حيث يوجّه دفّة المعارك في مجمل الأراضي السورية، فالدور الإيراني في سوريا واضح وعلني ومختلف عن مواقف كل دول العالم، فالاستراتيجية الإيرانية، السياسية والعسكرية والدينية، دفعت نظام طهران إلى الوقوف إلى جانب نظام دمشق منذ انطلاق الثورة قبل ستة سنوات، وظفت خلالها إيران كل قواها السياسية والأمنية والاقتصادية والدينية وفي كافة المستويات لدعم النظام ومنع سقوطه ومدّه بأسباب الحياة.

لبنان

وفي لبنان أصبح التدخل الإيراني ينسحب على جميع أوجه الحياة السياسية في لبنان والتي تنعكس تداعياتها بشكل غير مباشر على الجوانب الاقتصادية والأمنية والاجتماعية، وتُعَد إيران راعياً أساسياً لـ"حزب الله" في لبنان وهي التي تحركه بفعل الأجندة التي وضعتها للبنان، والتدخل الإيراني في الشؤون اللبنانية ليس حديث العهد، إنما يعود إلى عقود من الزمن وقد ظهر بشكل جلي بعد انسحاب الجيش السوري عن الأراضي اللبنانية عام 2005.

من جانبها، وصفت صحيفة "نيويورك تايمز"، "حزب الله" بأنه "بلاك ووتر" للنظام الإيراني في المنطقة، "إذ يوجد أينما يوجد مصالح طهران"، لافتة إلى أنه "بعبارة أخرى حزب الله هو الآن الحرس الثوري الإيراني".

واتهمت الصحيفة النظام الإيراني بـ"السعي إلى تغيير خريطة المنطقة بمساعدة حزب الله". وذكرت أن "حزب الله ركز جهوده خلال العقود الثلاثة الماضية كميليشيات لبنانية ضد إسرائيل، لكنه عمد في الآونة الأخيرة إلى الخروج من لبنان إلى سوريا والعراق واليمن". وأضافت أن "الحزب الذي كان يدرب الآلاف من جنوده ضد إسرائيل، تغير اليوم وأصبح لا يهتم بالصراع مع إسرائيل، واستبدل ذلك بالحرب إلى جانب الحوثيين في اليمن. ووسع التنظيم قبل ذلك دائرة تدخلاته منذ عام 2011، وأرسل ميليشياته إلى سوريا والعراق".