بعد الحملة الشرسة جداً للقضاء على مختلف أنواع الفساد في مختلف الدول العربية مؤخراً وعدم التساهل معها بأي شكل من الإشكال وفي ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي تعانيها جميع الدول، يكون من الضروري للبحرين مواجهة هذا المد المدمر في سبيل المحافظة على المال العام مهما كلف الثمن. نتمنى من الجهات التنفيذية عدم التهاون مع كل قضية فساد سابقة أو حالية أو قادمة، وأن يكون العقاب الصارم هو الحل الوحيد لمثل هذه القضايا التي باتت تشوّه سمعة الوطن وتضعف اقتصاده على حساب بعض المنتفعين من الأفراد الأنانيين.

نقول هذا القول قبل صدور تقرير ديوان الرقابة المالية والإدارية القادم، فنحن في الحقيقة لم نجد أية عقوبات تم اتخاذها بحق المخالفين الذين ورد ذكرهم في التقارير السابقة للديوان ومنذ أكثر من 13 عاماً حتى يومنا هذا سوى «العين الحمرا» التي لا تنفع ولا تضر، فمازال المخالفون السارقون يتمتعون بشمس الحرية والمال، في الوقت الذي يجب فيه محاسبتهم واسترداد حقوق الوطن والمواطنين من جيوبهم ووقف كل مخالفاتهم الإدارية الشنيعة التي كشفت عنها كل التقارير السابقة.

نحن اليوم ومن خلال هذا المقال نحاول أن نستحث الخطى قبل كشف المستور وفضح المتلاعبين بأموال الدولة وذلك بمطالبة صاحبة الشأن أن تكون أكثر حزماً في تعاملها هذا العام مع من يرد ذكرهم في تقرير ديوان الرقابة المالية والإدارية بشكل صارم وأن تتماشى عقوباتنا بشكل صريح مع إجراءات وعقوبات الدول المجاورة في محاسبة ومعاقبة كل المفسدين، فهذه فرصة لا تعوض للدولة كي تعيد الحقوق من المال العام وتسترد هيبتها من أيدي المخالفين والمشوِّهين الذين ترد أسماؤهم في كل عام عبر تقرير لا يمكن الطعن في نزاهته ومصداقيته. لكن، إذا كان إصدار التقرير لأجل الإصدار فقط ولأجل إبراء ذمة الديوان من تكليفه ومسؤوليته الوظيفية فنحن نطالب حينها بالتحفظ على مهمته وعدم صرف أموال كبيرة في تقارير يحتفظ بها في أرشيف الحكومة التي من أهم مهامها التحقيق في قضايا الفساد التي يوردها التقرير في كل عام.

لا يجب على البحرين أن تتخلف عن بقية الدول المجاورة في تطبيق قانون «من أين لك هذا»، وأن تكون الحكومة وقت صدور تقرير ديوان الرقابة المالية والإدارية الجديد جاهزة لتطبيق قانون العقوبات حتى يتأدب المخالف الصغير قبل الكبير. هذا هو «عشمنا» الأخير في ردود فعل الحكومة والجهات العليا فيما سيرد من مخالفات قوية وقاسية بحق المال العام وحقوق المواطنين حتى تكون الإجراءات الإدارية الصلبة منسجمة مع قوة المخالفات التي ستصدمنا كما هو الحال في كل عام، فما قد يخفف الصدمة وربما يزيلها من نفوسنا هو محاسبة ومعاقبة كل مخالف يستهتر بأموال الشعب ومقدرات الدولة.