في كل مرة يطرح ديوان الرقابة المالية والإدارية تقريره بالأرقام المخيفة نقول إن هذا العام سيكون آخر عام للفساد الإداري في البحرين. الآن وبعد مرور نحو 13 عاماً على التقرير الأول لم تتحقق رؤيتنا وتطلعاتنا وحتى أمنياتنا في إنتهاء الفساد والمفسدين والمخالفات التي وردت في التقارير السابقة!

المخيف في الأمر هذا العام هو ما أفصح عنه الخبير المصرفي خالد جناحي الذي أكد «أن القيادة الرشيدة اتخذت إجراءات في مواجهة التغيرات الجديدة لكن هناك عجز تنفيذي واضح، وهناك بعض المسؤولين غير قادرين على استيعاب «خطورة المرحلة» ويتصرفون كما كانوا في السابق»، وقال جناحي «في البحرين يتابع الجميع ومنذ سنوات تقارير ديوان الرقابة المالية، وبالطبع هناك مخالفات قد لا يستطيع التقرير رصدها بشكل صريح، لكن في أبسط الأحوال الهدر مستمر منذ فترة، مقدراً المبالغ التي ستعود على خزينة الدولة في حال اتخذت إجراءات بنحو 50 مليار دولار»، وأشاد بالحرب على الفساد في المملكة العربية السعودية وقال «سيكون لها انعكاسات إيجابية على حركة الاستثمار هناك».

إن خطورة المسألة تكمن في الهدر السنوي لميزانية الدولة بسبب سلوك بعض المسؤولين الذين لم يدركوا حتى هذه اللحظة أهمية المحافظة على المال العام، كما أن المبلغ المذكور في تصريح جناحي والخاص بالهدر مخيف للغاية إلا إذا تم استرجاعه لخزينة الدولة التي ستتعافى لو عاد سالماً غانماً من حساب المفسدين بفعل المنطق الوطني وقوة القانون.

ربما لو استُرجعت الـ 50 مليار لخزينة الدولة من المفسدين، فإننا لن نحتاج لكثير من الإجراءات الاقتصادية الطارئة والضاغطة على معيشة المواطنين، ولن تحتاج الدولة أصلاً لإجراء مزيد من الضرائب ورفع الرسوم المختلفة. من المؤسف أن يفسد أحدهم بصورة مفضوحة ومن ثم يطالب المواطنون بدفع قيمة فاتورة فساد ذلكم الشخص، وهذا أسوأ ما يحز في نفوس المحافظين على المال العام.

يجب أن يدق جرس موعد المحاسبة، واليوم أمام الحكومة فرصة سانحة وذهبية للوقوف بوجه كل مفسد لم تردعه الوطنية من المحافظة على المال العام، ولا يعتقد أحد أن التستر على مشاعر المفسد أهم من مستقبل وطن وميزانية دولة وشعب، فالظروف الاقتصادية الحالية حرجة للغاية، ولعل باسترداد المليارات المهدورة وإعادتها لخزانة الدولة تعود الروح والحيوية لاقتصادنا، والأهم من كل ذلك أن يعود للقانون وهجه وهيبته ومكانته وسمعته التي لطختها أيادي المفسدين.