لا أكتب هنا منظراً، ولا بادعاء المعرفة والخبرة الدبلوماسية، لكن لأن الموضوع تطرقت له أكاديمياً وعلمياً وحتى سياسياً في رسالتي للماجستير قبل سنوات، وتطرقت فيها لجزئية هامة معنية بدور السفارات والسفراء في الخارج.

لا أجد أبلغ اختصار عن مهمات السفير الذي يعتبر ممثلاً لجلالة الملك حفظه الله ومملكة البحرين في الخارج، عما أبلغهم به شخصيا يوم أمس صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء حفظه الله، حينما استقبل مجموعة السفراء الذين حظوا بثقة عاهل البلاد.

الأمير خليفة بما نعرفه عنه، فيما يتعلق بالبحرين والدفاع عنها وعن سمعتها وعن مكاسبها، لا يقبل على الإطلاق بأن يتهاون أو يتقاعس أي مخلص في الدفاع عن بلاده، بل هو نموذج صريح لمن يهب على الفور نصرة لبلاده ولتصحيح المغالطات ولوضع النقاط على الحروف.

وعليه فإن ما وجه به السفراء الكرام بالأمس، أمر يعد أبرز الأولويات التي يجب أن تضطلع بلعب أدوارها المؤثرة سفاراتنا اليوم، ويتوجب أن يتمثل بها سفرائنا، حيث أكد أولاً على أهمية بناء العلاقات القوية وتعزيز التحالفات القائمة على المصالح المشتركة، والأهم أن يكون عملهم في خدمة المواطن البحريني وحماية مصالحه في تلك الدول.

والجانب الأكثر أهمية، والذي يعني لنا في إطار الحملات مدفوعة الأجر، التي تستهدف البحرين، يتمثل بحمايتها من هذا الاستهداف والتشويه المتعمد، بالتالي حينما قال للسفراء «احرصوا على نقل المعلومة الصحيحة وجابهوا أية محاولة لتشويه صورة البحرين، واعملوا على إبراز الصورة الحضارية والمثالية وإعلاء رايتها في كافة المحافل»، فإن سموه يضع يده على وتر حساس جداً، معني بأهمية دور السفارة والسفراء في بث الحقائق والمعلومات والشواهد والأدلة عن البحرين في مواجهة أية مغالطات أو فبركات أو محاولات متعمدة لتشويه صورة البحرين والتقليل من شأن إنجازاتها، أو الانتقاص من المشروع الإصلاحي لجلالة الملك.

أذكر حديثاً هنا مع صاحب السمو الملكي الأمير خليفة على خلفية ما تطرقنا له في توصيات رسالة الماجستير بشأن الدبلوماسية الحديثة والإعلام، وكيف أنه من الضروري اليوم الخروج عن الإطار التقليدي والعمل النمطي الذي كان تتبعه بعض سفاراتنا بالخارج، خاصة تلك الواقعة في بلدان لها أهميتها وثقلها، إذ دور السفير أكبر من لعب الأدوار البروتوكولية والقيام بالمهام الرسمية، فهو تعدى اليوم ليكون بحد ذاته «منبراً إعلامياً» يقدم بلاده بالصورة الصحيحة، ويدافع عنها بالحقائق والمعلومات الدقيقة إن تم إجحاف حقها إعلاميا، بل يصل لمد الجسور وبناء العلاقات مع الأصدقاء والحلفاء، في إطار عملية التوعية والتنوير بشأن ما تشهده بلادنا من تطورات، وما تمر به من أمور عدة، إذ كثير من عمليات «الظلم» التي وقعت على البحرين في إطار إصدار التصريحات والتعليقات من شخصيات سياسية وغيرها في دول مؤثرة، كان يمكن تصحيح مساراتها، وبيان الصورة بوضوح أكثر لو نشط السفراء في هذا الجانب، وأولوا الشق الإعلامي والتواصل الاستراتيجي الأهمية التي يستحقها.

اليوم حينما أتحدث عن نموذج مشرف لعمل السفراء، يطبق توجيهات القيادة ويعمل لأجل البحرين والدفاع عنها، وتفنيد الأكاذيب ودحضها، بل يمضي لبناء شبكة كبيرة مؤثرة من العلاقات، فإنني أجد أمامي شخص سفير البحرين في المملكة المتحدة الشيخ فواز بن محمد، والذي شهدنا منذ حصوله على ثقة جلالة الملك وتعيينه سفيراً هناك، نقلات كبيرة وتطورات إيجابية في العلاقة البحرينية البريطانية، بل نجح في توعية الداخل البريطاني بفئاته المختلفة وأهمها المؤثرة بحقيقة ما يحصل في البحرين، وعزز الروابط القوية التي تمتد لعقود طويلة.

مثل هذا النموذج المشرف هو الذي نتطلع إليه بالنسبة للسفراء الجدد والسابقين أيضاً، مع الثقة بأن كلا منهم يدرك أهمية هذه المواقع والمهمة التي أوكلت إليهم، مع ضرورة وضع البحرين وصالحها والدفاع عنها وإبراز إنجازاتها نصب العين في كل خطوة وتحرك.

والله الموفق لجميع الجهود المخلصة، طالما كانت تبذل لأجل البحرين وقيادتها وشعبها.