حزمة من النواقص يعاني منها مرضى الأورام بمجمع السلمانية الطبي، يأتي في مقدمتها تخصيص ثلاثة أجنحةٍ فقط لأولئك المرضى الذين يتزايد عددهم -وللأسف- على نحو مطرد بالإضافة إلى شحّ عدد الأسرّة في عيادة الأورام واضطرار بعض المرضى إلى تلقي العلاج الكيماوي -على صعوبته ووجعه- جلوساً على الكراسي.

تشير الإحصائيات إلى أن قسم الأورام يستقبل أكثر من 300 مريض يومياً فيما تسجل الوزارة سنوياً في حدود 500 حالة، وبطبيعة الحال فإن هذه الحالات تحتاج إلى تنويم بينما لا يوجد بالمستشفى سوى ثلاثة أجنحة فقط لإقامة مرضى الأورام، يستوعب الواحد منها من 18 إلى 20 مريضاً فقط، بالإضافة إلى جناحٍ رابع مخصص للأطفال.

النقص الشديد في عدد الأسرة بأجنحة الأورام يتسبب في معاناة المرضى وذويهم من الانتظار الطويل في قسم الطوارئ، فقد أصبح أمر الحصول على سرير في قسم الأورام ضرباً من الأحلام لدى المريض وأهله، وهو أمر لا يمكن قبوله خاصة مع وجود الحل البديل.

نعرف أن بمجمع السلمانية الطبي العديد من الأجنحة المغلقة بحجة عدم توافر الميزانية، فلماذا لا يتم تخصيص جناح أو جناحين إضافيين لمرضى الأورام الذين تكفيهم واقعاً معاناتهم ويلات المرض ولا يجب تحميلهم مشقة الانتظار للحصول على حقهم الطبيعي المكفول دستورياً في العلاج.

ولعل المعاناة ذاتها تتكرر في عيادة الأورام حيث يزود المريض فيها بأنواع العلاج الكيميائي أو الإشعاعي وغيرها، فعدد الأسرة بقسم العلاج الكيماوي لا يتسق مع أعداد المرضى الذين يضطر بعضهم إلى تلقي العلاج جلوساً على كرسي!

وبطبيعة الحال، فإنه إلى جانب تعب المريض وعدم شعوره بالراحة أثناء العلاج، فإن خصوصيته أيضاً تكون شبه منعدمة في مثل هذه الحالة، حيث يقوم الطبيب بمعاينة المريض ومناقشته وذويه بشأن خصوصيات مرضه في جوٍ أشبه ما يكون بالعام.

هذا إلى جانب تأثر المرضى بحالات بعضهم البعض، وما يُثار لديهم من الكثير من التساؤلات والتوقعات التي قد تصل أحياناً حد المبالغة، مما قد يؤثر حتى في خط سير علاجهم بسبب تأثر حالتهم النفسية، ومن المعروف بأن الحالة النفسية تعتبر عنصراً هاماً من عناصر التحسن والتشافي لدى أولئك المرضى.

النداء هنا مرفوع من مرضى الأورام وذويهم إلى صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء بالتوجيه إلى فتح جناح إضافي مخصص لمرضى الأورام بمجمع السلمانية الطبي.

ونحن نعلم أن الحكومة بقيادة سموه لا تألو جهداً في تطوير القطاع الصحي وهي تضخ ما تضخ من الموازنات والأموال في سبيل ذلك بما فيها تحمل كلفة توفير أدوية باهظة الثمن لمرضى السرطان، وهو الأمر الذي لا تفعله كثير من الدول الأخرى بمن فيها الدول الغنية مقارنة بالبحرين. إلا أن الحاجة للمزيد حاضرة ومطلوبة خاصة مع الازدياد المطرد للحالات المصابة، فالتحدي كبير والواقع مؤلم، حيث يجب الحرص على توفير الأدوية لمرضى هذا القسم بحيث يجب ألا يصل المخزون منها لمستوى الصفر تحت أي وضع وفي أية حالة من الأحوال.

مشكلة أخرى يعانيها هذا القسم تتمثل في تكرار ضياع ملفات المرضى مما يضيع وقت المريض وذويه ويؤخر عملية تلقيه العلاج المطلوب، وبحسب ما وردنا فإن سبب ذلك يكمن في الحاجة إلى تخصيص موظف لمتابعة ملفات مرضى الأورام مع الأقسام المعنية لتجهيزها قبل حلول مواعيدهم، فهل تعجز وزارة الصحة بكل ما تملك من إمكانيات عن تخصيص موظف واحد لهذا الغرض؟

على الرغم من ذلك كله، فإن الصورة ليست كلها قاتمة حيث إننا نفخر حقيقة بوجود طاقات وطنية شابة في هذا القسم تعمل بجدٍ واجتهاد للتخفيف من معاناة المرضى ومواساتهم وذويهم بما يخفف من وطأة المرض وأعبائه النفسية والجسدية عليهم، ولكن الحاجة للتطوير تظل ماسة وضرورية خاصة مع ازدياد عدد الحالات المصابة مع بقاء الإمكانيات على حالها منذ سنوات طوال.

ولاتزال الآمال معلقة بافتتاح مركز علاج الأورام السرطانية بمستشفى الملك حمد الجامعي.

الإصابة بهذا المرض ابتلاء من الله ومن الممكن أن يصاب به أي أحد منا في يوم من الأيام، ومن المؤكد أن أحداً منا لا يرضى بوقوع أي تقصير في العلاج من أية جهة كانت لذلك وجبت المطالبة بالعمل على تطوير القسم والعاملين فيه والحرص على تدريبهم ومواكبتهم لأحدث الطرق والتقنيات العلاجية.

كما أن تشجيع البحث العلمي يشكل ضرورة ملحة إلى جانب العمل على تثقيف المجتمع بأسباب المرض وسبل تجنبها للحد من انتشاره وتحجيمه، فالإحصائيات مخيفة ولا بد من وقفة تصحيحية لأسلوب حياة الناس على النحو الذي قد يحدّ من تفاقمه.

* سانحة:

أيها العمر: تمهل.. ثمة أفراح كثيرة لم أعشها بعد!